بَلْ الْمُتَوَلِّي أَوْ الْقَاضِي
(ثُمَّ رَدَّهَا) بَعْدَ التَّعْمِيرِ (إلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى) رِعَايَةً لِلْحَقَّيْنِ فَلَا عِمَارَةَ عَلَى مَنْ لَهُ الِاسْتِغْلَالُ لِأَنَّهُ لَا سُكْنَى لَهُ
ــ
[رد المحتار]
فِي الْبَحْرِ وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَالْوُقُوفُ عَلَيْهِ الْغَلَّةُ لَا يَمْلِكُ الْإِجَارَةَ بَقِيَ لَوْ آجَرَ وَلَمْ تَصِحَّ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لِلْوَقْفِ بَحْرٌ، لَكِنْ قَالَ الْحَانُوتِيُّ إنَّهُ غَاصِبٌ وَصَرَّحُوا بِأَنَّ الْأُجْرَةَ لِلْغَاصِبِ. اهـ. قُلْت: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُفْتَى بِهِ ضَمَانُ مَنَافِعِ الْوَقْفِ كَمَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ قَوْلِهِ يُفْتِي بِالضَّمَانِ فِي غَصْبِ عَقَارِ الْوَقْفِ فَإِذَا كَانَتْ الْغَلَّةُ أَوْ السُّكْنَى لَهُ وَحْدَهُ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ لَهُ وَإِلَّا فَلِلْكُلِّ تَأَمَّلْ.
مَطْلَبٌ لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي التَّصَرُّفَ فِي الْوَقْفِ مَعَ وُجُودِ نَاظِرٍ مِنْ قِبَلِهِ (قَوْلُهُ بَلْ الْمُتَوَلِّي أَوْ الْقَاضِي) ظَاهِرُهُ أَنَّ لِلْقَاضِي الْإِجَارَةَ وَلَوْ أَبَى الْمُتَوَلِّي، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ التَّوْزِيعَ فَالْقَاضِي يُؤَجِّرُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مُتَوَلٍّ أَوْ كَانَ وَأَبَى الْأَصْلَحُ وَأَمَّا مَعَ حُضُورِ الْمُتَوَلِّي فَلَيْسَ لِلْقَاضِي ذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي ذَلِكَ بَحْرٌ. وَفِي الْأَشْبَاهِ فِي قَاعِدَةِ الْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ أَقْوَى مِنْ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ فُرُوعًا وَعَلَى هَذَا لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي التَّصَرُّفَ فِي الْوَقْفِ مَعَ وُجُودِ نَاظِرٍ وَلَوْ مِنْ قِبَلِهِ. اهـ. قَالَ الرَّمْلِيُّ: وسَيَأْتِي أَنَّ وِلَايَةَ الْقَاضِي مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ الْمَشْرُوطِ لَهُ وَوَصِيَّةٌ تَنَبَّهْ اهـ وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْإِيجَارُ مَعَ حُضُورِ الْمُتَوَلِّي، وَأَيَّدَهُ الرَّمْلِيُّ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَاسْتَنَدَ لَهُ بِالْقَاعِدَةِ الْمَارَّةِ لَكِنَّهُ نَقَلَ بَعْدَهُ عَنْ أَوْقَافِ هِلَالٍ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا آجَرَ دَارَ الْوَقْفِ أَوْ وَكِيلُهُ بِأَمْرِهِ جَازَ قَالَ: وَظَاهِرُهُ إطْلَاقُ الْجَوَازِ مَعَ وُجُودِ الْمُتَوَلِّي وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ اهـ لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ أَنَّ تَنْصِيصَهُمْ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ مَحْجُورٌ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ عِنْدَ وَصِيِّ الْمَيِّتِ، أَوْ الْقَاضِيَ يَقْتَضِي بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ فَلَا يُؤَجَّرُ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَوَلٍّ أَوْ كَانَ وَامْتَنَعَ اهـ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ هِلَالٍ. [تَنْبِيهٌ] لَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُونَ حُكْمَ الْعِمَارَةِ مِنْ الْمُتَوَلِّي أَوْ الْقَاضِي، وَفِي الْمُحِيطِ أَنَّهَا لِصَاحِبِ السُّكْنَى لِأَنَّ الْأُجْرَةَ بَدَلُ الْمَنْفَعَةِ وَهِيَ كَانَتْ لَهُ فَكَذَا بَدَلُهَا وَالْقَيِّمُ إنَّمَا أَجَّرَ لِأَجْلِهِ اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ تَكُونُ مِيرَاثًا كَمَا لَوْ عَمَّرَهَا بِنَفْسِهِ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ: رِعَايَةً لِلْحَقَّيْنِ) حَقِّ الْوَقْفِ وَحَقِّ صَاحِبِ السُّكْنَى؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعَمِّرْهَا تَفُوتُ السُّكْنَى أَصْلًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ: فَلَا عِمَارَةَ عَلَى مَنْ لَهُ الِاسْتِغْلَالُ إلَخْ) مَفْهُومُ قَوْلِ الْمَتْنِ فَعِمَارَتُهُ عَلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى وَهَذَا مَعْلُومٌ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ يَبْدَأُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ بِعِمَارَتِهِ وَعَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَلَوْ دَارًا إلَخْ. مَطْلَبٌ مَنْ لَهُ السُّكْنَى لَا يَمْلِكُ الِاسْتِغْلَالَ وَاخْتُلِفَ فِي عَكْسِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا سُكْنَى لَهُ) قَالَ فِي الْبَحْرِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَنْ لَهُ الِاسْتِغْلَالُ لَا يَمْلِكُ السُّكْنَى وَمَنْ لَهُ السُّكْنَى لَا يَمْلِكُ الِاسْتِغْلَالَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْفَتْحِ أَيْضًا بِقَوْلِهِ: وَلَيْسَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ الدَّارُ سُكْنَاهَا بَلْ الِاسْتِغْلَالُ كَمَا لَيْسَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ السُّكْنَى بَلْ الِاسْتِغْلَالُ اهـ وَمَا فِي الظَّاهِرِيَّةِ: مِنْ أَنَّ الْعِمَارَةَ عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّ الْغَلَّةَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْعِمَارَةَ فِي غَلَّتِهَا وَلَمَّا كَانَتْ غَالِبُهَا لَهُ صَارَ كَأَنَّ الْعِمَارَةَ عَلَيْهِ. اهـ.
قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْخَصَّافَ سَوَّى بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ، لَكِنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي مَحَلٍّ آخَرَ بِأَنَّ مَنْ لَهُ الِاسْتِغْلَالُ لَهُ السُّكْنَى لِأَنَّ سُكْنَاهُ كَسُكْنَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ لِأَنَّهُ يُوجِبُ فِيهَا حَقًّا لِغَيْرِهِ، وَمَنْ لَهُ الِاسْتِغْلَالُ إذَا سَكَنَ لَا يُوجِبُ حَقًّا لِغَيْرِهِ وَادَّعَى الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَةٍ أَنَّ الرَّاجِحَ هَذَا كَمَا قَدَّمْته قَرِيبًا وَتَمَامُهُ فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الْبَحْرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute