وَلَوْ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ
وَكَذَا لَوْ شُرِطَ عَدَمُهُ وَهِيَ إحْدَى الْمَسَائِلِ السَّبْعِ الَّتِي يُخَالِفُ فِيهَا شَرْطَ الْوَاقِفِ كَمَا بَسَطَهُ فِي الْأَشْبَاهِ وَزَادَ ابْنُ الْمُصَنِّفِ فِي زَوَاهِرِهِ ثَامِنَةً وَهِيَ إذَا نَصَّ الْوَاقِفُ وَرَأَى الْحَاكِمُ ضَمَّ مَشَارِفِ جَازَ كَالْوَصِيِّ
ــ
[رد المحتار]
فَلَوْ شَرَطَهُ لَا يَلْزَمُ خُرُوجُهُ عَنْ الِانْتِفَاعِ وَلَا مُبَاشَرَةُ الْقَاضِي لَهُ وَلَا عَدَمُ رِيعٍ يُعَمِّرُ بِهِ كَمَا لَا يَخْفَى فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ) رَدٌّ لِمَا مَرَّ عَنْ الْبَحْرِ مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْبَدَلِ عَقَارًا، وَحَاصِلُهُ: إنَّ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِ الدَّرَاهِمِ يُخْشَى عَلَيْهَا أَكْلُ النُّظَّارِ لَهَا وَإِذَا كَانَ الْمَشْرُوطُ كَوْنَ الْمُسْتَبْدِلِ قَاضِيَ الْجَنَّةِ لَا يُخْشَى ذَلِكَ.
قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ قَاضِيَ الْجَنَّةِ شَرْطٌ لِلِاسْتِبْدَالِ فَقَطْ لَا لِلشِّرَاءِ بِالثَّمَنِ أَيْضًا، فَقَدْ يَسْتَبْدِلُ قَاضِي الْجَنَّةِ بِالدَّرَاهِمِ وَيُبْقِيهَا عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ النَّاظِرِ، ثُمَّ يُعْزَلُ الْقَاضِي وَيَأْتِي فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مَنْ لَا يُفَتِّشُ عَلَيْهَا فَتَضِيعُ. نَعَمْ ذُكِرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ صَرِيحَ كَلَامِ قَاضِي خَانْ جَوَازُهُ بِالدَّرَاهِمِ، وَلَكِنْ قَالَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ وَإِنْ كَانَ لِلْوَقْفِ رِيعٌ وَلَكِنْ يَرْغَبُ شَخْصٌ فِي اسْتِبْدَالِهِ إنْ أَعْطَى مَكَانَهُ بَدَلًا أَكْثَرَ رِيعًا مِنْهُ فِي صُقْعٍ أَحْسَنَ مِنْ صُقْعِ الْوَقْفِ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا فَقَدْ عَيَّنَ الْعَقَارَ لِلْبَدَلِ فَدَلَّ عَلَى مَنْعِهِ بِالدَّرَاهِمِ اهـ وَاعْتَرَضَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ كَيْفَ يُخَالِفُ قَاضِي خَانْ مَعَ صَرَاحَتِهِ بِالْجَوَازِ بِمَا قَالَهُ قَارِئُ الْهِدَايَةِ، مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلِاسْتِبْدَالِ بِالدَّرَاهِمِ لَا بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ. اهـ.
قُلْت: لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ إنْ أَعْطَى مَكَانَهُ بَدَلًا إلَخْ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْجَوَازِ بِدُونِ الْعَقَارِ، بَلْ صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا: نَعَمْ يُرَدُّ عَلَى الْبَحْرِ أَنَّ كَلَامَ قَارِئِ الْهِدَايَةِ لَا يُعَارِضُ كَلَامَ قَاضِي خَانْ لِأَنَّهُ فَقِيهُ النَّفْسِ وَالْجَوَابُ أَنَّ صَاحِبَ الْبَحْرِ، لَمْ يُنْكِرْ كَوْنَ الْمَنْقُولِ فِي الْمَذْهَبِ مَا قَالَهُ قَاضِي خَانْ، وَلَكِنَّ مُرَادَهُ أَنَّ هَذَا الْمَنْقُولَ كَانَ فِي زَمَنِهِمْ وَأَنَّ مَا قَالَهُ قَارِئُ الْهِدَايَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى تَغَيُّرِ الزَّمَانِ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ هَذَا قَوْلُهُ فِيمَا سَبَقَ، وَيَجِبُ أَنْ يُزَادَ آخَرُ فِي زَمَانِنَا إلَخْ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا هُوَ الِاحْتِيَاطُ، وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمُسْتَبْدِلُ مِنْ قُضَاةِ هَذَا الزَّمَنِ وَنَاظِرُ الْوَقْفِ غَيْرُ مُؤْتَمَنٍ نَعَمْ مَا أَفْتَى بِهِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ مِنْ جَوَازِ الِاسْتِبْدَالِ إذَا كَانَ لِلْوَقْفِ رِيعٌ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي الشُّرُوطِ مِنْ اشْتِرَاطِ خُرُوجِهِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِالْكُلِّيَّةِ وَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ قَرِيبًا. .
(قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ شَرَطَ عَدَمَهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَأَمَّا بِدُونِ الشَّرْطِ، وَقَدَّمْنَا عَنْ الطَّرَسُوسِيِّ أَنَّ هَذَا لَا نَقْلَ فِيهِ بَلْ قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِيهِ مَطْلَبٌ يَجُوزُ مُخَالَفَةُ شَرْطِ الْوَاقِفِ فِي مَسَائِلَ (قَوْلُهُ: وَهِيَ إحْدَى الْمَسَائِلِ السَّبْعِ) الثَّانِيَةُ: شَرَطَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَعْزِلُ النَّاظِرَ، فَلَهُ عَزْلُ غَيْرِ الْأَهْلِ. الثَّالِثَةُ: شَرَطَ أَنْ لَا يُؤْجَرُ وَقْفَهُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، وَالنَّاسُ لَا يَرْغَبُونَ فِي اسْتِئْجَارِ سَنَةٍ أَوْ كَانَ فِي الزِّيَادَةِ نَفْعٌ لِلْفُقَرَاءِ فَلِلْقَاضِي الْمُخَالَفَةُ دُونَ النَّاظِرِ. الرَّابِعَةُ: لَوْ شَرَطَ أَنْ يُقْرَأَ عَلَى قَبْرِهِ فَالتَّعْيِينُ بَاطِلٌ أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَةِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَبْرِ وَالْمُخْتَارُ خِلَافُهُ. الْخَامِسَةُ: شَرَطَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِفَاضِلِ الْغَلَّةِ عَلَى مَنْ يَسْأَلُ فِي مَسْجِدِ كَذَا، فَلِلْقَيِّمِ التَّصَدُّقُ عَلَى سَائِلِ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ أَوْ خَارِجَ الْمَسْجِدِ، أَوْ عَلَى مَنْ لَا يَسْأَلُ. السَّادِسَةُ: لَوْ شَرَطَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ خُبْزًا وَلَحْمًا مُعَيَّنًا كُلَّ يَوْمٍ فَلِلْقَيِّمِ دَفْعُ الْقِيمَةِ مِنْ النَّقْدِ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَهُمْ طَلَبُ الْمُعَيَّنِ وَأَخْذُ الْقِيمَةِ: أَيْ فَالْخِيَارُ لَهُمْ لَا لَهُ وَذَكَرَ فِي الدُّرَرِ الْمُنْتَقَى أَنَّهُ رَاجِحٌ. السَّابِعَةُ: تَجُوزُ الزِّيَادَةُ مِنْ الْقَاضِي عَلَى مَعْلُومِ الْإِمَامِ، إذَا كَانَ لَا يَكْفِيهِ وَكَانَ عَالِمًا تَقِيًّا وَهَذِهِ الْأَخِيرَةُ سَيَذْكُرُهَا الشَّارِحُ فِي فُرُوعِ الْفَصْلِ الْآتِي، وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا هُنَاكَ وَزَادَ عَلَيْهَا أُخْرَى وَهِيَ جَوَازُ مُخَالَفَةِ السُّلْطَانِ الشُّرُوطَ إذَا كَانَ أَصْلُ الْوَقْفِ لِبَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَزَادَ ابْنُ الْمُصَنِّفِ فِي زَوَاهِرِهِ) أَيْ فِي حَاشِيَتِهِ زَوَاهِرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute