للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، وَلَا رِوَايَةَ فِي الْغَسْلِ (وَمَسَحَ الْبَاقِي) مِنْهَا (وَهُوَ) الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ (أَحْوَطُ) فَكَانَ أَوْلَى وَصَحَّحَ فِي الْفَيْضِ وَغَيْرِهِ التَّيَمُّمَ، كَمَا يَتَيَمَّمُ لَوْ الْجُرْحُ بِيَدَيْهِ وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يُوَضِّئُهُ خِلَافًا لَهُمَا.

(وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ تَيَمُّمٍ وَغُسْلٍ كَمَا لَا يَجْمَعُ بَيْنَ حَيْضٍ وَحَبَلٍ أَوْ اسْتِحَاضَةٍ أَوْ نِفَاسٍ، وَلَا بَيْنَ نِفَاسٍ وَاسْتِحَاضَةٍ أَوْ حَيْضٍ، وَلَا زَكَاةٍ وَعُشْرٍ أَوْ خَرَاجٍ

ــ

[رد المحتار]

الِاخْتِلَافُ الْآتِي (قَوْلُهُ وَلَا رِوَايَةَ فِي الْغَسْلِ) أَيْ لَا رِوَايَةَ فِي صُورَةِ الْمُسَاوَاةِ عَنْ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ، وَإِنَّمَا فِيهَا اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ؛ فَقِيلَ تَيَمَّمَ كَمَا لَوْ كَانَ الْأَكْثَرُ جَرِيحًا؛ لِأَنَّ غَسْلَ الْبَعْضِ طَهَارَةٌ نَاقِصَةٌ وَالتَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ كَامِلَةٌ، وَقِيلَ يَغْسِلُ الصَّحِيحَ وَيَمْسَحُ الْجَرِيحَ كَعَكْسِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْغَسْلَ طَهَارَةٌ حَقِيقِيَّةٌ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ. وَاخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ وَالتَّصْحِيحُ كَمَا فِي الْحِلْيَةِ، وَرَجَّحَ فِي الْبَحْرِ تَصْحِيحَ الثَّانِي بِأَنَّهُ أَحْوَطُ وَتَبِعَهُ فِي الْمَتْنِ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنِّي لَمْ أَرَ مَنْ خَصَّ نَفْيَ الرِّوَايَةِ فِي صُورَةِ الْمُسَاوَاةِ بِالْغَسْلِ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ. ثُمَّ رَأَيْت فِي السِّرَاجِ مَا نَصُّهُ: وَفِي الْعُيُونِ عَنْ مُحَمَّدٍ إذَا كَانَ عَلَى الْيَدَيْنِ قُرُوحٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى غَسْلِهَا وَبِوَجْهِهِ مِثْلُ ذَلِكَ تَيَمَّمَ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدَيْهِ خَاصَّةً غَسَلَ وَلَا تَيَمَّمَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ مَعَ جِرَاحَةِ النِّصْفِ انْتَهَى كَلَامُ السِّرَاجِ، فَقَدْ وَجَدْت الرِّوَايَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي الْوُضُوءِ، فَقَوْلُهُمْ لَا رِوَايَةَ: أَيْ فِي الْغَسْلِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، لَكِنْ يُرَدُّ عَلَى الشَّارِحِ أَنَّهُ جَعَلَ حُكْمَ الْمُسَاوَاةِ فِي الْوُضُوءِ الْغَسْلَ وَالْمَسْحَ. وَاَلَّذِي فِي الْعُيُونِ التَّيَمُّمُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ، وَعَلِمْت مَا فِيهِ (قَوْلُهُ هُوَ الْأَصَحُّ) صَحَّحَهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْمُحِيطِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَغَيْرِهِ) كَالْخُلَاصَةِ وَالْفَتْحِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَالِاخْتِيَارِ وَالْمَوَاهِبِ (قَوْلُهُ لَوْ الْجُرْحُ بِيَدَيْهِ) أَيْ وَلَا يُمْكِنُهُ إدْخَالُ وَجْهِهِ وَرِجْلَيْهِ فِي الْمَاءِ، فَلَوْ أَمْكَنَهُ فَعَلَ بِلَا تَيَمُّمٍ كَمَا لَا يَخْفَى، فَلَا يُنَافِي مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْعُيُونِ (قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يُوَضِّئُهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ قَادِرًا بِقُدْرَةِ غَيْرِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ، لَكِنْ عَبَّرَ عَنْ هَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْمُبْتَغَى بِقِيلَ جَازِمًا بِالتَّفْصِيلِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ فِي الْمَرِيضِ الْعَاجِزِ، مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ مَنْ يُعِينُهُ لَا يَتَيَمَّمُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ.

[تَتِمَّةٌ] لَوْ بِأَكْثَرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ جِرَاحَةٌ يَضُرُّهَا الْمَاءُ وَبِأَكْثَرِ مَوَاضِعِ التَّيَمُّمِ جِرَاحَةٌ يَضُرُّهَا التَّيَمُّمُ لَا يُصَلِّي. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَغْسِلُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَيُصَلِّي وَيُعِيدُ زَيْلَعِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا) لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ، بِخِلَافِ الْجَمْعِ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَسُؤْرِ الْحِمَارِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ يَتَأَدَّى بِأَحَدِهِمَا لَا بِهِمَا فَجَمَعْنَا بَيْنَهُمَا لِلشَّكِّ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَغَسَلَ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ لِيَعُمَّ الطَّهَارَتَيْنِ ح (قَوْلُهُ كَمَا لَا يَجْمَعُ) عَدَمُ الْجَمْعِ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي بِمَعْنَى الْمُعَاقَبَةِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ أَيْ كُلَّمَا وُجِدَ وَاحِدٌ امْتَنَعَ وُجُودُ آخَرَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ عَدَمَ الْجَمْعِ وَلَوْ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْحَصِرُ فِي عَدَدٍ كَالْحَيْضِ مَعَ الصَّلَاةِ أَوْ الصَّوْمِ أَوْ الْحَجِّ، وَكَذَا الْعِبَادَاتُ بِأَسْرِهَا مَعَ الْكُفْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ بَيْنَ حَيْضٍ وَحَبَلٍ أَوْ اسْتِحَاضَةٍ أَوْ نِفَاسٍ) أَيْ لَا يَجْمَعُ بَيْنَ الْحَيْضِ وَبَيْنَ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَعْطُوفَاتِ عَلَيْهِ، بَلْ كُلَّمَا وُجِدَ الْحَيْضُ لَا يُوجَدُ وَاحِدٌ مِنْهَا، وَكُلَّمَا وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْهَا لَا يُوجَدُ الْحَيْضُ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ وَلَا بَيْنَ نِفَاسٍ وَاسْتِحَاضَةٍ أَوْ حَيْضٍ، قِيلَ كَذَا فِي أَصْلِ نُسْخَةِ الشَّارِحِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: أَوْ حَبَلٍ بَدَلَ قَوْلِهِ أَوْ حَيْضٍ وَعَلَيْهِ فَلَا تَكْرَارَ، لَكِنْ فِيهِ كَمَا قَالَ ط: إنَّ النِّفَاسَ قَدْ يَجْتَمِعُ مَعَ الْحَبَلِ فِي التَّوْأَمِ الثَّانِي، لِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ النِّفَاسَ مِنْ الْأَوَّلِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاحْتِمَالَاتِ سِتَّةٌ: ثَلَاثَةٌ فِيهَا الْحَيْضُ مَعَ غَيْرِهِ، وَاثْنَانِ نِفَاسٌ مَعَ غَيْرِهِ، وَالسَّادِسُ حَبَلٌ مَعَ اسْتِحَاضَةٍ. قَالَ ح: وَتَرَكَهُ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ فِيهِ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ وَلَا زَكَاةٍ وَعُشْرٍ أَوْ خَرَاجٍ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا كَانَ الْوَاجِبُ فِيهِ الزَّكَاةَ لَا يَجِبُ فِيهِ عُشْرٌ وَلَا خَرَاجٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَكَذَا عَكْسُهُ، كَمَا لَوْ أَدَّى عُشْرَ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ الْعُشْرِيَّةِ أَوْ أَدَّى خَرَاجَ الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ مِنْ الْخَارِجِ مِنْهَا وَنَوَى فِيمَا بَقِيَ التِّجَارَةَ وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>