ثُمَّ إنَّمَا يَنْتَصِبُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ خَصْمًا عَنْ الْكُلِّ لَوْ فِي دَعْوَى دَيْنٍ لَا عَيْنٍ مَا لَمْ تَكُنْ بِيَدِهِ فَلْيُحْفَظْ (يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْكُلِّ) أَيْ إذَا كَانَ وَقْفٌ بَيْنَ جَمَاعَةٍ وَوَاقِفُهُ وَاحِدٌ فَلَوْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَوْ وَكِيلُهُ الدَّعْوَى عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَوْ وَكِيلِهِ (وَقِيلَ لَا) يَنْتَصِبُ فَلَا يَصِحُّ الْقَضَاءُ إلَّا بِقَدْرِ مَا فِي يَدِ الْحَاضِرِينَ (وَهَذَا) أَيْ انْتِصَابُ بَعْضِهِمْ (إذَا كَانَ الْأَصْلُ ثَابِتًا وَإِلَّا فَلَا) يَنْتَصِبُ أَحَدُ الْمُسْتَحِقِّينَ خَصْمًا وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ
(اشْتَرَى الْمُتَوَلِّي بِمَالِ الْوَقْفِ دَارًا) لِلْوَقْفِ
ــ
[رد المحتار]
عَلَى ذِي الْيَدِ أَنَّهُ اشْتَرَى الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ فَحَكَمَ عَلَى الْحَاضِرِ كَانَ ذَلِكَ حُكْمًا عَلَى الْغَائِبِ أَيْضًا حَتَّى لَوْ حَضَرَ وَأَنْكَرَ لَمْ يُعْتَبَرْ قَالَ الشَّارِحُ هُنَاكَ وَلَهُ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ ذَكَرَ مِنْهَا فِي الْمُجْتَبَى تِسْعًا وَعِشْرِينَ. مَطْلَبٌ فِي انْتِصَابِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ خَصْمًا عَنْ الْكُلِّ
(قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّمَا يَنْتَصِبُ إلَخْ) قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: ادَّعَى بَيْتًا إرْثًا لِنَفْسِهِ وَلِإِخْوَتِهِ الْغُيَّبِ وَسَمَّاهُمْ وَقَالَ الشُّهُودُ: لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُمْ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ فِي ثُبُوتِ الْبَيْتِ لِلْمَيِّتِ إذْ أَحَدُ الْوَرَثَةِ خَصْمٌ عَنْ الْمَيِّتِ فِيمَا يُسْتَحَقُّ لَهُ، وَعَلَيْهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا بِحَضْرَةِ أَحَدِهِمْ يَثْبُتُ فِي حَقِّ الْكُلِّ. وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمْ دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ لِلْمَيِّتِ وَبَرْهَنَ ثَبَتَ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْفَعُ إلَى الْحَاضِرِ إلَّا نَصِيبَهُ يَعْنِي فِي الْبَيْتِ مُشَاعًا غَيْرَ مَقْسُومٍ ثُمَّ قَالَا يُؤْخَذُ نَصِيبُ الْغَائِبِ وَيُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُؤْخَذُ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ ذَا الْيَدِ لَوْ مُقِرًّا لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ نَصِيبُ الْغَائِبِ هَذَا فِي الْعَقَارِ أَمَّا فِي النَّقْلِيِّ فَعِنْدَهُمَا يُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ، وَعِنْدَهُ قِيلَ كَذَلِكَ وَقِيلَ: لَا يُؤْخَذُ كَمَا لَوْ كَانَ مُقِرًّا وَلَوْ مَاتَ عَنْ ثَلَاثَةِ بَنِينَ فَغَابَ اثْنَانِ، وَبَقِيَ ابْنٌ وَالدَّارُ فِي يَدِهِ غَيْرَ مَقْسُومَةٍ، فَادَّعَى رَجُلٌ كُلَّهَا مِلْكًا مُرْسَلًا أَوْ الشِّرَاءَ مِنْ أَبِيهِمْ يُحْكَمُ لَهُ بِالْكُلِّ وَلَوْ بَرْهَنَ عَلَى أَحَدِهِمْ أَنَّ الْمَيِّتَ غَصَبَ شَيْئًا وَبَعْضُهُ بِيَدِ الْحَاضِرِ وَبَعْضُهُ بِيَدِ وَكِيلِ الْغَائِبِ قَضَى عَلَى الْحَاضِرِ بِدَفْعِ مَا بِيَدِهِ دُونَ وَكِيلِ الْغَائِبِ.
فَالْحَاصِلُ: أَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ خَصْمٌ عَنْ الْمَيِّتِ فِي عَيْنٍ هُوَ فِي يَدِ هَذَا الْوَارِثِ لَا فِيمَا لَيْسَ بِيَدِهِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ عَيْنًا مِنْ التَّرِكَةِ لَيْسَتْ فِي يَدِهِ لَا يُسْمَعُ، وَفِي دَعْوَى الدَّيْنِ يَنْتَصِبُ أَحَدُهُمْ خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ اهـ مُلَخَّصًا وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِيهِ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ. مَطْلَبٌ بَعْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْكُلِّ
(قَوْلُهُ وَيَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْكُلِّ) أَيْ كُلِّ الْمُسْتَحِقِّينَ وَكَذَا بَعْضُ النُّظَّارِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمُحِيطِ وَالْقُنْيَةِ وَقْفٌ بَيْنَ أَخَوَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَبَقِيَ فِي يَدِ الْحَيِّ، وَأَوْلَادِ الْمَيِّتِ فَبَرْهَنَ الْحَيُّ عَلَى أَحَدِهِمْ أَنَّ الْوَاقِفَ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَالْبَاقِي غُيَّبٌ وَالْوَاقِفُ وَاحِدٌ يُقْبَلُ وَيَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِينَ، وَلَوْ بَرْهَنَ الْأَوْلَادُ أَنَّ الْوَقْفَ مُطْلَقٌ عَلَيْنَا وَعَلَيْك فَبَيِّنَةُ الْأَوَّلِ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَهَذَا إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا هُنَا، وَمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُ الدَّعْوَى لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَقْفُ ثَابِتًا وَأَرَادَ إثْبَاتَ أَنَّهُ وَقْفٌ وَمَرَّ تَقْرِيرُهُ.
مَطْلَبٌ اشْتَرَى بِمَالِ الْوَقْفِ دَارًا لِلْوَقْفِ يَجُوزُ بَيْعُهَا
(قَوْلُهُ: اشْتَرَى بِمَالِ الْوَقْفِ) أَيْ بِغَلَّةِ الْوَقْفِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَهُوَ أَوْلَى احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ اشْتَرَى بِبَدَلِ الْوَقْفِ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ وَقْفًا كَالْأَوَّلِ عَلَى شُرُوطِهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا كَمَا مَرَّ فِي بَحْثِ الِاسْتِبْدَالِ، وَقَيَّدَهُ فِي الْفَتْحِ بِمَا إذَا لَمْ يَحْتَجْ الْوَقْفُ إلَى الْعِمَارَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَيْسَ لَهُ الشِّرَاءُ كَمَا لَيْسَ لَهُ الصَّرْفُ إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ كَمَا مَرَّ وَفِي الْبَحْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute