وَإِنْ آجَرَهَا الْإِمَامُ لَا عِمَادِيَّةٌ أَخَذَ الْإِمَامُ الْغَلَّةَ وَقْتَ الْإِدْرَاكِ، وَذَهَبَ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ لَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ غَلَّةَ بَاقِي السَّنَةِ فَصَارَ كَالْجِزْيَةِ وَمَوْتِ الْقَاضِي قَبْلَ الْحَوْلِ، وَيَحِلُّ لِلْإِمَامِ غَلَّةُ بَاقِي السَّنَةِ لَوْ فَقِيرًا وَكَذَا الْحُكْمُ فِي طَلَبَةِ الْعِلْمِ فِي الْمَدَارِسِ دُرَرٌ. وَنَظَمَ ابْنُ الشِّحْنَةِ الْغَيْبَةَ الْمُسْقِطَةَ لِلْمَعْلُومِ الْمُقْتَضِيَةَ لِلْعَزْلِ.
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ إذَا مَاتَ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الصِّرِّ وَالْحَبِّ يَسْتَحِقُّ نَصِيبَهُ [تَنْبِيهٌ]
ذَكَرَ الْبِيرِيُّ أَيْضًا أَنَّهُ سُئِلَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ ظَهِيرَةَ الْقُرَشِيُّ الْحَنَفِيُّ إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ شَيْءٌ مِنْ الصِّرِّ وَالْحَبِّ وَوَرَّدَ ذَلِكَ عَنْ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ فِي حَيَاتِهِ وَفِي السَّنَةِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا هَلْ يَسْتَحِقُّهُ بِقِسْطِهِ؟ أَجَابَ: نَعَمْ يَسْتَحِقُّ نَصِيبَهُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مَبَرَّةً مِنْ السُّلْطَانِ صَارَ نَصِيبُهُ فِي حُكْمِ الْمَحْلُولِ، وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَبُو اللَّيْثِ فِي النَّوَازِلِ أَنَّهُ يَكُونُ لِوَارِثِهِ اهـ وَمُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ مُحَمَّدٍ قَوْمٌ أَمَرُوا أَنْ يَكْتُبُوا مَسَاكِينَ مَسْجِدِهِمْ فَكَتَبُوا وَرَفَعُوا أَسَامِيَهُمْ وَأَخْرَجُوا الدَّرَاهِمَ عَلَى عَدَدِهِمْ فَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْ الْمَسَاكِينِ قَالَ: يُعْطَى وَارِثُهُ إنْ مَاتَ بَعْدَ رَفْعِ اسْمِهِ اهـ وَمِنْهُ يُعْلَمُ حُكْمُ الْأَمَانَاتِ الْوَاصِلَةِ لِأَهْلِ مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ وَالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ عَلَى وَجْهِ الصِّلَةِ وَالْمَبَرَّةِ ثُمَّ يَمُوتُ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ، وَقَدْ أَفْتَيْتُ بِدَفْعِ ذَلِكَ لِوَلَدِهِ بِيرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ آجَرَهَا الْإِمَامُ لَا) أَيْ لَا يَسْقُطُ مَعْلُومُهُ تَنْزِيلًا لِعَقْدِهِ مَنْزِلَةَ الْقَبْضِ تَأَمَّلْ، لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ الْغَلَّةُ أَوْ السُّكْنَى لَا يَمْلِكُ الْإِجَارَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْفَرْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَوَّلِ بِالسُّقُوطِ. مَطْلَبٌ فِيمَا إذَا قَبَضَ الْمَعْلُومَ وَغَابَ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ
(قَوْلُهُ: أَخَذَ الْإِمَامُ الْغَلَّةَ) أَيْ قَبَضَ مَعْلُومَ السَّنَةِ بِتَمَامِهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ قَالَ فِي الْهِنْدِيَّةِ: إمَامُ الْمَسْجِدِ رَفَعَ الْغَلَّةَ وَذَهَبَ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ لَا يَسْتَرِدُّ مِنْهُ الصِّلَةَ وَالْعِبْرَةُ بِوَقْتِ الْحَصَادِ فَإِنْ كَانَ يَؤُمُّ فِي الْمَسْجِدِ وَقْتَ الْحَصَادِ يَسْتَحِقُّ كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَهَلْ يَحِلُّ لِلْإِمَامِ أَكْلُ حِصَّةِ مَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ إنْ كَانَ فَقِيرًا، يَحِلُّ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي طَلَبَةِ الْعِلْمِ يُعْطَوْنَ فِي كُلِّ سَنَةٍ شَيْئًا مُقَدَّرًا مِنْ الْغَلَّةِ وَقْتَ الْإِدْرَاكِ فَأَخَذَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ قِسْطَهُ وَقْتَ الْإِدْرَاكِ، فَتَحَوَّلَ عَنْ تِلْكَ الْمَدْرَسَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ اهـ وَقَوْلُهُ: وَالْعِبْرَةُ بِوَقْتِ الْحَصَادِ ظَاهِرُهُ الْمُنَافَاةُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الطَّرَسُوسِيِّ لَكِنْ أَجَابَ فِي الْبَحْرِ: بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِهِ فِيمَا إذَا قَبَضَ مَعْلُومَ السَّنَةِ قَبْلَ مُضِيِّهَا لَا لِاسْتِحْقَاقِهِ بِلَا قَبْضٍ قَالَ مَعَ أَنَّهُ نَقَلَ فِي الْقُنْيَةِ عَنْ بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ الْإِمَامِ حِصَّةَ مَا لَمْ يَؤُمَّ فِيهِ قَالَ ط: قُلْت: وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِغَرَضِ الْوَاقِفِ. اهـ.
قُلْت: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ هَذَا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُقَدَّرًا لِكُلِّ يَوْمٍ لِمَا قَدَّمْنَا عَنْ الْقُنْيَةِ إنْ كَانَ الْوَاقِفُ قَدَّرَ لِلْمُدَرِّسِ لِكُلِّ يَوْمٍ مَبْلَغًا فَلَمْ يُدَرِّسْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ الثُّلَاثَاءِ، لَا يَحِلُّ أَجْرُ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ وَتَقَدَّمَ تَمَامُهُ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَلَوْ دَارًا فَعِمَارَتُهُ عَلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى (قَوْلُهُ: فَصَارَ كَالْجِزْيَةِ) أَيْ إذَا مَاتَ الَّذِي فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ لِمَا مَضَى مِنْ الْحَوْلِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا عَجَّلَهَا أَثْنَاءَ السَّنَةِ ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ مَاتَ لَا تُسْتَرَدُّ ط (قَوْلُهُ وَنَظَمَ ابْنُ شِحْنَةٍ الْغَيْبَةَ إلَخْ) أَقُولُ: حَاصِلُ مَا فِي شَرْحِهِ تَبَعًا لِلْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ إذَا غَابَ عَنْ الْمَدْرَسَةِ فَإِمَّا أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْمِصْرِ أَوْ لَا فَإِنْ خَرَجَ مَسِيرَةَ سَفَرٍ ثُمَّ رَجَعَ لَيْسَ لَهُ طَلَبُ مَا مَضَى مِنْ مَعْلُومِهِ بَلْ يَسْقُطُ، وَكَذَا لَوْ سَافَرَ لِحَجٍّ وَنَحْوِهِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ لِسَفَرٍ بِأَنْ خَرَجَ إلَى الرُّسْتَاقِ فَإِنْ أَقَامَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَكْثَرَ فَإِنْ بِلَا عُذْرٍ كَالْخُرُوجِ لِلتَّنَزُّهِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ لِعُذْرٍ كَطَلَبِ الْمَعَاشِ فَهُوَ عَفْوٌ إلَّا أَنْ تَزِيدَ غَيْبَتُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، فَلِغَيْرِهِ أَخْذُ حُجْرَتِهِ وَوَظِيفَتِهِ أَيْ مَعْلُومِهِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمِصْرِ فَإِنْ اشْتَغَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute