وَالْمُتَوَلِّي لَوْ لِوَقْفٍ أَجَرَا ... لَكِنَّهُ فِي صَكِّهِ مَا ذَكَرَا
مِنْ أَيِّ جِهَةٍ تَوَلَّى الْوَقْفَا ... مَا جَوَّزُوا ذَلِكَ حَيْثُ يُلْفَى
وَمِثْلُهُ الْوَصِيُّ إذْ يَخْتَلِفُ ... حُكْمُهُمَا فِي ذَا عَلَى مَا يُعْرَفُ
بِحَسَبِ التَّقْلِيدِ وَالنَّصْبِ فَقِسْ ... كُلَّ التَّصَرُّفَاتِ كَيْ لَا تَلْتَبِسْ
قُلْت: لَكِنْ لِلسُّيُوطِيِّ رِسَالَةٌ سَمَّاهَا الضَّبَابَةَ فِي جَوَازِ الِاسْتِنَابَةِ، وَنَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ فَلْيُحْفَظْ
(وِلَايَةُ نَصْبِ الْقَيِّمِ إلَى الْوَاقِفِ
ــ
[رد المحتار]
إذَا ضَعُفَتْ قُوَّتُهُ عَنْ التَّحَدُّثِ عَلَى الْوَقْفِ هَلْ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ لِغَيْرِهِ فِيهِ بَقِيَّةَ حَيَاتِهِ وَهَلْ لَهُ النُّزُولُ عَنْ النَّظَرِ؟ أَجَابَ: نَعَمْ لَهُ اسْتِنَابَةُ مَنْ فِيهِ الْعَدَالَةُ وَالْكِفَايَةُ وَلَا يَصِحُّ نُزُولُهُ عَنْ النَّظَرِ الْمَشْرُوطِ لَهُ وَلَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ لَمْ يَنْعَزِلْ اهـ وَأَمَّا كَوْنُ الْمَعْلُومِ لِلنَّائِبِ فَيُنَافِيهِ مَا مَرَّ عَنْ الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالتَّقْرِيرِ، وَلَا سِيَّمَا إذَا بَاشَرَ الْأَصِيلُ أَكْثَرَ السَّنَةِ، فَصَرِيحُ مَا مَرَّ عَنْ الْقُنْيَةِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ النَّائِبُ شَيْئًا أَيْ إلَّا إذَا شَرَطَ لَهُ الْأَصِيلُ أُجْرَةً أَمَّا إذَا كَانَ الْمُبَاشِرُ هُوَ النَّائِبَ وَحْدَهُ وَشَرَطَ الْوَاقِفُ الْمَعْلُومَ لِمُبَاشِرِ الْإِمَامَةِ أَوْ التَّدْرِيسِ مَثَلًا فَلَا خَفَاءَ فِي اخْتِصَاصِهِ بِالْمَعْلُومِ بِتَمَامِهِ، وَكَتَبْت فِي تَنْقِيحِ الْحَامِدِيَّةِ عَنْ الْمُحَقِّقِ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ فِيمَا إذَا كَانَ لِمُؤَذِّنِي جَامِعٍ مُرَتَّبَاتٌ فِي أَوْقَاتٍ شَرَطَهَا وَاقِفُوهَا لَهُمْ فِي مُقَابَلَةِ أَدْعِيَةٍ يُبَاشِرُونَهَا لِلْوَاقِفِينَ الْمَذْكُورِينَ وَجَعَلَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُؤَذِّنِينَ لَهُمْ نُوَّابًا عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ، فَهَلْ يَسْتَحِقُّ النُّوَّابُ الْمُبَاشِرُونَ لِلْأَذَانِ وَالْأَدْعِيَةِ وَالْمَزْبُورَةِ الْمَرْتَبَاتِ الْمَرْمُوقَةَ دُونَ الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ الْجَوَابُ، نَعَمْ مَطْلَبٌ فِيمَا إذَا أَجَرَ وَلَمْ يَذْكُرْ جِهَةَ تَوْلِيَتِهِ
(قَوْلُهُ: وَالْمُتَوَلِّي لَوْ لِوَقْفٍ أَجَرَا إلَخْ) فِي الْإِسْعَافِ النَّاظِرُ إذَا آجَرَ أَوْ تَصَرَّفَ تَصَرُّفًا آخَرَ، وَكَتَبَ فِي الصَّكِّ آجَرَ وَهُوَ مُتَوَلِّي عَلَى هَذَا الْوَقْفِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ مُتَوَلٍّ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ قَالُوا تَكُونُ فَاسِدَةً اهـ.
قُلْت: وَهَذَا مُشْكِلٌ إذْ لَوْ كَانَ مُتَوَلِّيًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ أَوْ الْقَاضِي يَصِحُّ إيجَارُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ فَسَادُ كِتَابَةِ الصَّكِّ لِأَنَّ الصُّكُوكَ تُبْنَى عَلَى زِيَادَةِ الْإِيضَاحِ وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِصِحَّةِ إيجَارِهِ وَبَاقِي تَصَرُّفَاتِهِ مَا لَمْ يَصِحَّ نَصْبُهُ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ ذَلِكَ يُؤَيِّدُهُ مَا فِي السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لَوْ كَانَ الْوَصِيُّ أَوْ الْمُتَوَلِّي مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ فَالْأَوْثَقُ أَنْ يَكْتُبَ فِي الصُّكُوكِ، وَالسِّجِلَّاتِ، وَهُوَ الْوَصِيُّ مِنْ جِهَةِ حَاكِمٍ لَهُ وِلَايَةُ نَصْبِ الْوَصِيَّةِ وَالتَّوْلِيَةِ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَهُوَ الْوَصِيُّ مِنْ الْحَاكِمِ رُبَّمَا يَكُونُ مِنْ حَاكِمٍ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ نَصْبُ الْوَصِيِّ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَمْلِكُ نَصْبَ الْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي إلَّا إذَا كَانَ ذِكْرُ التَّصَرُّفِ فِي الْأَوْقَافِ وَالْأَيْتَامِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي مَنْشُورِهِ فَصَارَ كَحُكْمِ نَائِبِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرُوا أَنَّ فُلَانًا الْقَاضِيَ مَأْذُونٌ بِالْإِنَابَةِ تَحَرُّزًا عَنْ هَذَا الْوَهْمِ اهـ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَ السُّلْطَانِ جَعَلْتُك قَاضِيَ الْقُضَاةِ كَالتَّنْصِيصِ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي الْمَنْشُورِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ فِي مَسْأَلَةِ اسْتِخْلَافِ الْقَاضِي. اهـ. (قَوْلُهُ: بِحَسْبِ التَّقْلِيدِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يَخْتَلِفُ (قَوْلُهُ: فَقِسْ كُلَّ التَّصَرُّفَاتِ) أَيْ عَلَى الْإِجَارَةِ وَذَلِكَ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقَوْلُهُ: كَيْ لَا تَلْتَبِسَ أَيْ الْأَحْكَامُ وَهُوَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ مَا جَوَّزُوا ط (قَوْلُهُ: سَمَّاهَا الضَّبَابَةَ) اسْمُهَا كَشْفُ الضَّبَابَةِ فِي الْقَامُوسِ الضَّبَابُ بِالْفَتْحِ: نَدًى كَالْغَيْمِ أَوْ سَحَابٌ رَقِيقٌ كَالدُّخَانِ ط.
مَطْلَبٌ وِلَايَةُ نَصْبِ الْقَيِّمِ إلَى الْوَاقِفِ ثُمَّ لِوَصِيِّهِ ثُمَّ لِلْقَاضِي
(قَوْلُهُ: وِلَايَةُ نَصْبِ الْقَيِّمِ إلَى الْوَاقِفِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ قَدَّمْنَا أَنَّ الْوِلَايَةَ لِلْوَاقِفِ ثَابِتَةٌ مُدَّةَ حَيَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا وَأَنَّ لَهُ عَزْلَ الْمُتَوَلِّي، وَأَنَّ مَنْ وَلَّاهُ لَا يَكُونُ لَهُ النَّظَرُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَيْ مَوْتِ الْوَاقِفِ إلَّا بِالشَّرْطِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute