للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَوَّزَ مَشَايِخُ سَمَرْقَنْدَ سَتْرَ الْكَعْبَيْنِ بِاللِّفَافَةِ.

(وَ) الثَّانِي (كَوْنُهُ مَشْغُولًا بِالرِّجْلِ) لِيَمْنَعَ سِرَايَةَ الْحَدَثِ، فَلَوْ وَاسِعًا فَمَسَحَ عَلَى الزَّائِدِ وَلَمْ يُقَدِّمْ قَدَمَهُ إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ وَلَا يَضُرُّ رُؤْيَةُ رِجْلِهِ مِنْ أَعْلَاهُ.

ــ

[رد المحتار]

عَنْ الْمِعْرَاجِ: وَيَجُوزُ عَلَى الْجَارُوقِ الْمَشْقُوقِ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ وَلَهُ أَزْرَارٌ يَشُدُّهَا عَلَيْهِ تَسُدُّهُ؛ لِأَنَّهُ كَغَيْرِ الْمَشْقُوقِ، وَإِنْ ظَهَرَ مِنْ ظَهْرِ الْقَدَمِ شَيْءٌ فَهُوَ كَخُرُوقِ الْخُفِّ. اهـ.

قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْخُفُّ الَّذِي يَلْبَسُهُ الْأَتْرَاكُ فِي زَمَانِنَا (قَوْلُهُ وَجَوَّزَ إلَخْ) فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ الْمَسْحُ عَلَى الْجَارُوقِ إنْ كَانَ يَسْتُرُ الْقَدَمَ وَلَا يُرَى مِنْهُ وَلَا مِنْ الْكَعْبِ إلَّا قَدْرُ أُصْبُعٍ أَوْ أُصْبُعَيْنِ يَجُوزُ، وَإِلَّا يَكُنْ كَذَلِكَ وَلَكِنْ سَتَرَ الْقَدَمَ بِجِلْدٍ، إنْ كَانَ الْجَلْدُ مُتَّصِلًا بِالْجَارُوقِ بِالْخَرَزِ جَازَ أَيْضًا، وَإِنْ شُدَّ بِشَيْءٍ فَلَا، وَلَوْ سَتَرَ الْقَدَمَ بِاللِّفَافَةِ جَوَّزَهُ مَشَايِخُ سَمَرْقَنْدَ وَلَمْ يُجَوِّزْهُ مَشَايِخُ بُخَارَى. اهـ.

قَالَ ح: وَالْحَقُّ مَا عَلَيْهِ مَشَايِخُ بُخَارَى؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ الَّذِي لَا يَسْتُرُ الْكَعْبَيْنِ إلَّا إذَا خِيطَ بِهِ ثَخِينٌ كَجُوخٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْإِمْدَادِ، فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ ضَعِيفٌ. اهـ. أَقُولُ: أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ اللِّفَافَةِ أَنَّهَا مَا يُلَفُّ عَلَى الرِّجْلِ غَيْرَ مَخْرُوزٍ بِالْخُفِّ، فَيَكُونُ حُكْمُهَا حُكْمَ الرِّجْلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِالْخُفِّ فَتَكُونُ تَبَعًا لَهُ كَبِطَانَتِهِ.

وَإِذَا حُمِلَ كَلَامُ السَّمرْقَنْديِّين نَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ مُتَّصِلَةً فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ ضَعِيفٌ، لِمَا فِي الْبَحْرِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِمَا: لَوْ انْكَشَفَتْ الظِّهَارَةُ وَفِي دَاخِلِهَا بِطَانَةٌ مِنْ جِلْدٍ أَوْ خِرْقَةٌ مَخْرُوزَةٌ بِالْخُفِّ لَا يُمْنَعُ. اهـ وَهَذَا إذَا بَلَغَ قَدْرَ ثَلَاثِ أَصَابِعَ وَكَأَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ بِهِ لِلْعِلْمِ بِهِ كَذَا فِي الْحِلْيَةِ.

وَفِي الْمُجْتَبَى إذَا بَدَا قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ مِنْ بِطَانَةٍ الْخُفِّ دُونَ الرِّجْلِ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ الْمَسْحُ عِنْدَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ كَالْجَوْرَبِ الْمُنْعَلِ. اهـ.

وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ الْكَبِيرِ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ قَالَ: عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَا يُعْمَلُ مِنْ الْجُوخِ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ ثَخِينًا بِحَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَهُ فَرْسَخًا مِنْ غَيْرِ تَجْلِيدٍ وَلَا تَنْعِيلٍ، وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا فَمَعَ التَّجْلِيدِ أَوْ التَّنْعِيلِ، وَلَوْ كَانَ كَمَا يَزْعُمُ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَسْتَوْعِبْ الْجِلْدُ جَمِيعَ مَا يَسْتُرُ الْقَدَمَ إلَى السَّاقِ لَمَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكِرْبَاسِ فَرْقٌ، وَأَطَالَ فِي تَحْقِيقِ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ.

[تَنْبِيهٌ] يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ انْفَتَقَ عَنْهُ الْخُفُّ مِنْ بِطَانَةٍ مُتَّصِلَةٍ بِهِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ تَكُونَ ثَخِينَةً بِدَلِيلِ ذِكْرِهِمْ الْخِرْقَةَ؛ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ غَالِبًا إلَّا رَقِيقَةً.

وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْمُسَمَّى فِي زَمَانِنَا بِالْقَلْشِينَ إذَا خِيطَ فَوْقَ جَوْرَبٍ رَقِيقٍ سَاتِرٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جِلْدُ الْقَلْشِينَ وَاصِلًا إلَى الْكَعْبَيْنِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ شَرْحِ الْمُنْيَةِ.

مَطْلَبٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ الْحَنَفِيِّ الْقَصِيرِ عَنْ الْكَعْبَيْنِ إذَا خِيطَ بِالشَّخْشِيرِ وَيُعْلَمُ أَيْضًا مِمَّا نَقَلْنَاهُ جَوَازُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ الْحَنَفِيِّ إذَا خِيطَ بِمَا يَسْتُرُ الْكَعْبَيْنِ كَالسِّرْوَالِ الْمُسَمَّى بِالشَّخْشِيرِ كَمَا قَالَهُ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ، وَلَهُ فِيهِ رِسَالَةٌ.

وَرَأَيْت رِسَالَةً لِلشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَدَّ فِيهَا عَلَى مَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ مُسْتَنِدًا فِي ذَلِكَ إلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا جَوَازَ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ إذَا كَانَا رَقِيقَيْنِ مُنْعَلَيْنِ لِاشْتِرَاطِهِمْ إمْكَانَ السَّفَرِ، وَلَا يَتَأَتَّى فِي الرَّقِيقِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ الرَّدَّ عَلَى سَيِّدِي عَبْدِ الْغَنِيِّ فَإِنَّهُ عَاصَرَهُ، فَإِنَّهُ وُلِدَ قَبْلَ وَفَاةِ الشَّارِحِ بِثَمَانِيَةٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً؛ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِالْفَرْقِ الْوَاضِحِ بَيْنَ الْجَوْرَبِ الرَّقِيقِ الْمُنْعَلِ أَسْفَلُهُ بِالْجِلْدِ وَبَيْنَ الْخُفِّ الْقَصِيرِ عَنْ الْكَعْبَيْنِ الْمَسْتُورَيْنِ بِمَا اتَّصَلَ بِهِ مِنْ الْجُوخِ الرَّقِيقِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ فِيهِ السَّفَرُ وَإِنْ كَانَ قَصِيرًا، بِخِلَافِ الْجَوْرَبِ الْمَذْكُورِ. عَلَى أَنَّ قَوْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>