أَقَرَّ بِأَرْضٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ أَنَّهَا وَقْفٌ وَكَذَّبَهُ ثُمَّ مَلَكَهَا صَارَتْ وَقْفًا. يُعْمَلُ بِالْمُصَادَقَةِ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ وَإِنْ خَالَفَتْ كِتَابَ الْوَقْفِ لَكِنْ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ خَاصَّةً
ــ
[رد المحتار]
قَالَ فِي الْبَحْرِ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ مِنْ أَنَّهُ لَا جَوَابَ لِلْمَشَايِخِ فِيهَا اهـ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ، وَكَذَا نَقَلَ الْبِيرِيُّ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة مِثْلَ مَا فِي الْقُنْيَةِ وَقَالَ وَهَذَا الَّذِي نُفْتِي بِهِ، وَمَنْشَأُ مَا حَرَّرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ عَدَمُ الْوُقُوفِ عَلَى تَحْرِيرِ الْحُكْمِ مِمَّنْ تَقَدَّمَهُ وَالْعَجَبُ مِنْ الْمُصَنَّفِ أَيْ صَاحِبِ الْأَشْبَاهِ كَيْفَ اخْتَارَهُ وَرَضِيَ بِهِ. اهـ.
(قَوْله وَكَذَّبَهُ) أَيْ الْغَيْرُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَلَكهَا) أَيْ الْمُقِرُّ وَلَوْ بِسَبَبٍ جَبْرِيٍّ أَشْبَاهٌ (قَوْلُهُ: صَارَتْ وَقْفًا) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِزَعْمِهِ أَشْبَاهٌ. مَطْلَبٌ فِي الْمُصَادَقَةِ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ
(قَوْلُهُ يُعْمَلُ بِالْمُصَادَقَةِ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ إلَخْ) أَقُولُ: اغْتَرَّ كَثِيرٌ بِهَذَا الْإِطْلَاقِ، وَأَفْتَوْا بِسُقُوطِ الْحَقِّ بِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ وَالْحَقُّ الصَّوَابُ أَنَّ السُّقُوطَ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ يَعْرِفُهَا الْفَقِيهُ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْكَبِيرُ الْخَصَّافُ أَقَرَّ فَقَالَ غَلَّةُ هَذِهِ الصَّدَقَةِ لِفُلَانٍ دُونِي وَدُونَ النَّاسِ جَمِيعًا بِأَمْرٍ حَقٍّ وَاجِبٍ ثَابِتٍ لَازِمٍ عَرَفْتُهُ، وَلِزَمَنِي الْإِقْرَارُ لَهُ بِذَلِكَ قَالَ أُصَدِّقُهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَأُلْزِمَ مَا أَقَرَّ بِهِ مَا دَامَ حَيًّا، فَإِذَا مَاتَ رَدَدْتُ الْغَلَّةَ إلَى مَنْ جَعَلَهَا الْوَاقِفُ لَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ ذَلِكَ جَعَلْتُهُ كَأَنَّ الْوَاقِفَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ ذَلِكَ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَعَلَّلَهُ أَيْضًا بِقَوْلِهِ لِجَوَازِ أَنَّ الْوَاقِفَ قَالَ إنَّ لَهُ أَنْ يَزِيدَ وَيَنْقُصَ، وَأَنْ يَخْرُجَ وَأَنْ يُدْخِلَ مَكَانَهُ مَنْ رَأَى فَيُصَدَّقُ زَيْدٌ عَلَى حَقِّهِ. اهـ.
أَقُولُ: يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّ الْمُقِرَّ إنَّمَا أَقَرَّ بِذَلِكَ لِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ الْمَالِ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ عِوَضًا عَنْ ذَلِكَ لِكَيْ يَسْتَبِدَّ بِالْوَقْفِ أَنَّ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ غَيْرُ مَقْبُولٍ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ خَالٍ عَمَّا يُوجِبُ تَصْحِيحَهُ مِمَّا قَالَهُ الْإِمَامُ الْخَصَّافُ وَهُوَ الْإِقْرَارُ الْوَاقِعُ فِي زَمَانِنَا فَتَأَمَّلْهُ، وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ بِيرِيٌّ: أَيْ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ جَعَلَهُ لِغَيْرِهِ ابْتِدَاءً لَا يَصِحُّ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَالَفَتْ كِتَابَ الْوَقْفِ) حَمْلًا عَلَى أَنَّ الْوَاقِفَ رَجَعَ عَمَّا شَرَطَهُ، وَشَرَطَ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُقِرُّ ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ فِي بَابٍ مُسْتَقِلٍّ أَشْبَاهٌ.
أَقُولُ: لَمْ أَرَ شَيْئًا مِنْهُ فِي ذَلِكَ الْبَابِ وَإِنَّمَا الَّذِي فِيهِ مَا نَقَلَهُ الْبِيرِيُّ آنِفًا؛ وَلَيْسَ فِيهِ التَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ رَجَعَ عَمَّا شَرَطَهُ وَلِذَا قَالَ الْحَمَوِيُّ إنَّهُ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْوَقْفَ إذَا لَزِمَ لَزِمَ مَا فِي ضِمْنِهِ مِنْ الشُّرُوطِ إلَّا أَنْ يُخَرَّجَ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ بِعَدَمِ لُزُومِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَيُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى وَقْفٍ لَمْ يُسَجَّلْ اهـ مُلَخَّصًا.
قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ عَنْ الدُّرَرِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ اتَّحَدَ الْوَاقِفُ وَالْجِهَةُ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ يُحْتَاجُ إلَيْهِ بَعْدَ ثُبُوتِ النَّقْلِ عَنْ الْخَصَّافِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ خَاصَّةً) فَإِذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى زَيْدٍ وَأَوْلَادِهِ وَنَسْلِهِ، ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَأَقَرَّ زَيْدٌ بِأَنَّ الْوَقْفَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى هَذَا الرَّجُلِ لَا يُصَدَّقُ عَلَى وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ فِي إدْخَالِ النَّقْصِ عَلَيْهِمْ، بَلْ تُقْسَمُ الْغَلَّةُ عَلَى زَيْدٍ وَعَلَى مَنْ كَانَ مَوْجُودًا مِنْ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ، فَمَا أَصَابَ زَيْدًا مِنْهَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُ مَا دَامَ زَيْدٌ حَيًّا، فَإِذَا مَاتَ بَطَلَ إقْرَارُهُ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُقَرِّ لَهُ حَقٌّ، وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَأَقَرَّ زَيْدٌ بِهَذَا الْإِقْرَارِ لِهَذَا الرَّجُلِ شَارَكَهُ الرَّجُلُ فِي الْغَلَّةِ مَا دَامَ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ زَيْدٌ كَانَتْ لِلْفُقَرَاءِ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ زَيْدٌ عَلَيْهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute