للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[رد المحتار]

قَوْلِ الْوَاقِفِ وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ أَنَّهُ مِنْهُمْ؛ فَأَهْلُ الْوَقْفِ يَشْمَلُ الْمُسْتَحِقَّ وَمَنْ كَانَ بِصَدَدِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَأَنَّهُ إذَا مَاتَ آخِرُ مَنْ فِي الطَّبَقَةِ عَنْ وَلَدٍ يُعْطَى سَهْمُهُ لِوَلَدِهِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ خَالَفَهُ فِي شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ أَوْلَادَ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ لَا يُحْرَمُونَ مَعَ بَقَاءِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى، بَلْ يَسْتَحِقُّونَ مَعَهُمْ عَمَلًا بِاشْتِرَاطِ الدَّرَجَةِ الْجَعْلِيَّةِ. ثَانِيهمَا أَنَّهُ إذَا انْقَرَضَتْ الطَّبَقَةُ لَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ إعْطَائِهِ سَهْمَ آخِرِ مَنْ مَاتَ مِنْ الطَّبَقَةِ لِوَلَدِهِ، فَقَوْلُهُ فِي الْأَشْبَاهِ أَنَّهُ وَافَقَ السُّبْكِيَّ عَلَى نَقْضِ الْقِسْمَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ. ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْأَشْبَاهِ قَالَ: إنَّ مُخَالَفَتَهُ لِلسُّبْكِيِّ فِي أَوْلَادِ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ أَبِيهِ وَاجِبَةٌ. وَأَمَّا نَقْضُ الْقِسْمَةِ بَعْدَ انْقِرَاضِ كُلِّ بَطْنٍ فَقَدْ أَفْتَى بِهِ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْعَصْرِ وَعَزَوْهُ لِلْخَصَّافِ وَلَمْ يَتَنَبَّهُوا لِلْفَرْقِ بَيْنَ صُورَتَيْ الْخَصَّافِ وَالسُّبْكِيِّ، فَإِنَّ صُورَةَ السُّبْكِيّ ذَكَرَ فِيهَا الْعَطْفَ بِكَلِمَةٍ ثُمَّ بَيَّنَ الطَّبَقَاتِ، وَصُورَةُ الْخَصَّافِ قَالَ فِيهَا وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِمْ مُرَتِّبًا: أَيْ قَائِلًا عَلَى أَنْ يُبْدَأَ بِالْبَطْنِ الْأَعْلَى ثُمَّ بِاَلَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ بِاَلَّذِينَ يَلُونَهُمْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ، فَصَدْرُ مَسْأَلَةِ الْخَصَّافِ اقْتَضَى اشْتِرَاكَ الْبَطْنِ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ، وَقَوْلُهُ عَلَى أَنْ يُبْدَأَ بِالْبَطْنِ الْأَعْلَى إخْرَاجٌ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَصَدْرُ مَسْأَلَةِ السُّبْكِيّ اقْتَضَى عَدَمَ الِاشْتِرَاكِ لِلْعَطْفِ بِثُمَّ لَا بِالْوَاوِ فَنَقْضُ الْقِسْمَةِ خَاصٌّ بِمَسْأَلَةِ الْخَصَّافِ دُونَ مَسْأَلَةِ السُّبْكِيّ فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِكَلَامِ الْخَصَّافِ عَلَى مَسْأَلَةِ السُّبْكِيّ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ عَبَّرَ بِالْوَاوِ بَيْنَ الطَّبَقَاتِ مُرَتِّبًا بَعْدَهُ، بِأَنْ يُبْدَأَ بِالْبَطْنِ الْأَعْلَى تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ عِنْدَ انْقِرَاضِ كُلِّ بَطْنٍ كَمَا قَالَهُ الْخَصَّافُ وَإِنْ عَبَّرَ بِثُمَّ لَا يَصِحُّ الْقَوْلُ بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ، بَلْ كُلَّمَا مَاتَ أَحَدٌ عَنْ وَلَدٍ يُعْطَى سَهْمُهُ لِوَلَدِهِ فِي جَمِيعِ الْبُطُونِ. هَذَا خُلَاصَةُ مَا قَالَهُ فِي الْأَشْبَاهِ وَقَدْ رَدَّ عَلَيْهِ جَمِيعُ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُ، حَتَّى إنَّ الْعَلَّامَةَ الْمَقْدِسِيَّ أَلَّفَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ رِسَالَةً مُسْتَقِلَّةً ذَكَرَهَا الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي مَجْمُوعِ رَسَائِلِهِ، وَحَقَّقَ فِيهَا عَدَمَ الْفَرْقِ فِي نَقْضِ الْقِسْمَةِ بَيْنَ الْعَطْفِ بِثُمَّ وَالْعَطْفِ بِالْوَاوِ الْمُقْتَرِنَةِ بِمَا يُفِيدُ التَّرْتِيبَ. وَقَالَ: قَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَفَاضِلِ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ: مِنْهُمْ السَّرِيُّ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ الْحَنَفِيُّ وَنُورُ الدِّينِ الْمَحَلِّيُّ الشَّافِعِيُّ وَبُرْهَانُ الدِّينِ الطَّرَابُلُسِيُّ الْحَنَفِيُّ وَنُورُ الدِّينِ الطَّرَابُلُسِيُّ الْحَنَفِيُّ وَشِهَابُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ الشَّافِعِيُّ وَالْبُرْهَانُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ الشَّافِعِيُّ وَعَلَاءُ الدِّينِ الْإِخْمِيمِيُّ وَغَيْرُهُمْ.

قُلْت: وَأَفْتَى بِذَلِكَ أَيْضًا الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشَّلَبِيِّ فِي سُؤَالٍ مُرَتَّبٍ بِثُمَّ، وَقَالَ الصَّوَابُ نَقْضُ الْقِسْمَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ صَرِيحُ كَلَامِ الْخَصَّافِ، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ مَشَايِخِنَا خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ، بَلْ وَافَقَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ اهـ. وَقَدْ أَيَّدَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتَاوَاهُ الْقَوْلَ بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ عَلَى نَحْوِ مَا مَرَّ عَنْ الْخَصَّافِ، وَنُقِلَ مِثْلُهُ عَنْ الْإِمَامِ الْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ فِي صُورَةِ التَّرْتِيبِ بِثُمَّ، فَقَدْ تَحَرَّرَ بِهَذَا أَنَّ الصَّوَابَ الْقَوْلُ بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ الْعَطْفِ بِثُمَّ أَوْ بِالْوَاوِ الْمُقْتَرِنَةِ بِمَا يُفِيدُ التَّرْتِيبَ، وَأَنَّ اشْتِرَاطَ الدَّرَجَةِ الْجَعْلِيَّةِ مُعْتَبَرٌ، لَكِنْ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ قِيَامُ مَنْ مَاتَ فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ مَقَامَ وَالِدِهِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ سَهْمِ جَدِّهِ. وَأَمَّا دُخُولُهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ عَمِّهِ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ هُوَ فِي دَرَجَةِ أَبِيهِ الْمُتَوَفَّى قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ، فَقَدْ وَقَعَ فِيهِ مُعْتَرَكٌ عَظِيمٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِدُخُولِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ السُّيُوطِيّ كَمَا مَرَّ، وَوَافَقَهُ جَمَاعَةٌ كَثِيرُونَ وَاعْتَمَدَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ، وَأَلَّفَ فِيهِ رِسَالَةً تَبِعَ فِيهَا الْعَلَّامَةَ الْمَقْدِسِيَّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>