الْأَوَّلُ مَا لَمْ يَخْتَلِفْ مَشَايِخُنَا فِيهِ وَالثَّانِي مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالثَّالِثُ مَا لَا نَصَّ فِيهِ عَنْ الْإِمَامِ. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ وَتَعَارَضَتْ فِيهِ تَصَانِيفُهُمْ.
ــ
[رد المحتار]
قَالَ: أَوْ بِقَسَامَةٍ عَلَى أَهْلِ مَحَلَّةٍ بِتَلَفِ الْمَالِ أَيْ إذَا تَلِفَ مَالُ إنْسَانٍ فِي مَحَلَّةٍ فَقَضَى بِضَمَانِهِمْ بِالْقَسَامَةِ قِيَاسًا عَلَى النَّفْسِ فَهُوَ بَاطِلٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْإِجْمَاعِ، فَلِلثَّانِي أَنْ يَنْقُضَهُ كَمَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ. قَالَ: أَوْ بِحَدِّ الْقَذْفِ بِالتَّعَرُّضِ، أَيْ كَقَوْلِهِ أَمَّا أَنَا فَلَسْت بِزَانٍ، وَقَالَ بِهِ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَهُوَ قَوْلٌ مَهْجُورٌ خَالَفَهُ فِيهِ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فَلِلْقَاضِي الثَّانِي أَنْ يُبْطِلَهُ وَيَجْعَلَ ذَلِكَ الْمَحْدُودَ مَقْبُولَ الشَّهَادَةِ كَمَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ قَالَ: أَوْ بِالْقُرْعَةِ فِي مُعْتَقِ الْبَعْضِ: أَيْ فِي مَرِيضٍ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبِيدِهِ بِغَيْرِ عَيْنِهِ، لَكِنْ صَرَّحَ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ بِنَفَاذِهِ، نَعَمْ نَقَلَ فِي تَنْوِيرِ الْأَذْهَانِ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّهُ يَنْفُذُ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يَنْفُذُ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الْقُرْعَةِ نَوْعُ قِمَارٍ قَالَ: أَوْ بِعَدَمِ تَصَرُّفِ الْمَرْأَةِ فِي مَالِهَا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا لَمْ يَنْفُذْ فِي الْكُلِّ: أَيْ فِي كُلِّ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، هَذَا مَا حَرَّرْته مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَالْعِمَادِيَّةِ وَالصَّيْرَفِيَّةِ والتتارخانية اهـ كَلَامُ الْأَشْبَاهِ بِزِيَادَاتٍ تُوَضِّحُهُ مَعَ ذِكْرِ الْمَسَائِلِ الَّتِي زَادَهَا فِي الْبَحْرِ وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا عَقِبَ ذَلِكَ عَنْ السُّبْكِيّ أَنَّ الْقَضَاءَ يُنْقَضُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إذَا كَانَ حُكْمًا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ. مَطْلَبٌ مَا خَالَفَ شَرْطَ الْوَاقِفِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ وَالْحُكْمُ بِهِ حُكْمٌ بِلَا دَلِيلٍ وَمَا خَالَفَ شَرْطَ الْوَاقِفِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ وَهُوَ حُكْمٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ نَصُّهُ فِي الْوَقْفِ نَصًّا أَوْ ظَاهِرًا اهـ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ مَشَايِخِنَا كَغَيْرِهِمْ، شَرْطُ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ فَيَجِبُ اتِّبَاعُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ. اهـ. (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ مَا لَمْ يَخْتَلِفْ مَشَايِخُنَا فِيهِ) أَيْ فِي نَقْضِهِ، وَكَذَا هُوَ مَرْجِعُ الضَّمِيرِ بَعْدَهُ، وَأَرَادَ بِالْمَشَايِخِ الْإِمَامَ وَصَاحِبَيْهِ وَأَرَادَ بِالْأَصْحَابِ فِي قَوْلِهِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ الصَّاحِبَيْنِ ط.
مَطْلَبٌ الْمُرَادُ بِأَصْحَابِنَا أَئِمَّتُنَا الثَّلَاثَةُ، وَبِالْمَشَايِخِ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ الْإِمَامَ قُلْت: لَكِنَّ الْمَشْهُورَ إطْلَاقُ أَصْحَابِنَا عَلَى أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ، وَأَمَّا الْمَشَايِخُ فَفِي وَقْفِ النَّهْرِ عَنْ الْعَلَامَةِ قَاسِمٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ فِي الِاصْطِلَاحِ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ الْإِمَامَ (قَوْلُهُ: وَالثَّالِثُ مَا لَا نَصَّ فِيهِ عَنْ الْإِمَامِ) أَيْ لَا نَصَّ فِيهِ ظَاهِرٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِي فِي قِسْمِ الثَّالِثِ إذَا حَكَمَ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِي الْأَمْوَالِ ثُمَّ رُفِعَ إلَى حَاكِمٍ يَرَى خِلَافَهُ نَقَضَهُ عِنْدَ الثَّانِي، وَعَنْ الْإِمَامِ لَا أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ: وَتَعَارَضَتْ فِيهِ تَصَانِيفُهُمْ) أَيْ تَصَانِيفُ الْأَصْحَابِ بِمَعْنَى أَهْلِ الْمَذْهَبِ. مَطْلَبٌ قَضَايَا الْقُضَاةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: قَضَايَا الْقُضَاةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ حُكْمُهُ بِخِلَافِ نَصٍّ وَإِجْمَاعٍ وَهَذَا بَاطِلٌ، فَلِكُلٍّ مِنْ الْقُضَاةِ نَقْضُهُ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُجِيزَهُ. الثَّانِي حُكْمُهُ فِيمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ وَهُوَ يَنْفُذُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ نَقْضُهُ. وَالثَّالِثُ حُكْمُهُ لِشَيْءٍ يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْخِلَافُ بَعْدَ الْحُكْمِ فِيهِ: أَيْ يَكُونُ الْخِلَافُ فِي نَفْسِ الْحُكْمِ فَقِيلَ: نَفَذَ وَقِيلَ: تَوَقَّفَ عَلَى إمْضَاءٍ آخَرَ، فَلَوْ أَمْضَاهُ يَصِيرُ كَالْقَاضِي الثَّانِي إذَا حَكَمَ فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ فَلَيْسَ لِلثَّانِي نَقْضُهُ، فَلَوْ أَبْطَلَهُ الثَّانِي بَطَلَ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُجِيزَهُ. اهـ. ط وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ إنْ شَاءَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute