للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَكُلُّ عَقْدٍ بَعْدَ عَقْدٍ جُدِّدَا ... فَأَبْطِلْ الثَّانِيَ لِأَنَّهُ سُدَى

فَالصُّلْحُ بَعْدَ الصُّلْحِ أَضْحَى بَاطِلَا ... كَذَا النِّكَاحُ مَا عَدَا مَسَائِلَا

مِنْهَا الشِّرَا بَعْدَ الشِّرَاءِ صَحَّحُوا ... كَذَا كَفَالَةٌ عَلَى مَا صَرَّحُوا

إذْ الْمُرَادُ صَاحَ فِي الْمُحَقِّقِ ... مِنْهَا إذًا زِيَادَةُ التَّوَثُّقِ

(وَهُمَا عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ لَفْظَيْنِ يُنْبِئَانِ عَنْ مَعْنَى التَّمَلُّكِ وَالتَّمْلِيكِ مَاضِيَيْنِ) كَبِعْتُ وَاشْتَرَيْتُ

ــ

[رد المحتار]

قُلْتُ: فَعَلَى مَا فِي الْقُنْيَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ؛ وَلِذَا أَطْلَقَ الْعَقْدَ فِي الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ: وَإِذَا تَعَدَّدَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ انْعَقَدَ الثَّانِي وَانْفَسَخَ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ بِأَزْيَدَ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ أَنْقَصَ وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ لَمْ يَنْفَسِخْ الْأَوَّلُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا كَانَ الثَّانِي فَاسِدًا هَلْ يَتَضَمَّنُ فَسْخَ الْأَوَّلِ. اهـ.

قَالَ: فِي النَّهْرِ: وَمُقْتَضَى النَّظَرِ أَنَّ الْأَوَّلَ لَا يَنْفَسِخُ. اهـ. لَكِنْ جَزَمَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْبَزَّازِيَّةِ بِأَنَّهُ يَنْفَسِخُ وَكَذَا قَالَ: فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ الثَّانِيَ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ فَسْخَ الْأَوَّلِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى قَلْبَ فِضَّةٍ وَزْنُهُ عَشَرَةٌ وَتَقَابَضَا ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِتِسْعَةٍ وَعَلَّلَهُ الْبَزَّازِيُّ بِأَنَّ الْفَاسِدَ مُلْحَقٌ بِالصَّحِيحِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ. اهـ.

رَمْلِيٌّ مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ: كَذَا كَفَالَةٌ) قَالَ: فِي الْخَانِيَّةِ: الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ إذَا أَعْطَى الطَّالِبُ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ فَمَاتَ الْأَصِيلُ بَرِيءَ الْكَفِيلَانِ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْكَفِيلُ الْأَوَّلُ بَرِيءَ الْكَفِيلُ الثَّانِي كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ قَالَ: وَأَشَارَ بِجَوَازِ تَعَدُّدِهَا إلَى أَنَّ الْمَكْفُولَ لَهُ لَوْ أَخَذَ مِنْ الْأَصِيلِ كَفِيلًا آخَرَ بَعْدَ الْأَوَّلِ لَمْ يَبْرَأْ الْأَوَّلُ. كَذَا فِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ أَبِي السُّعُودِ عَلَى الْأَشْبَاهِ.

[تَنْبِيهٌ] زَادَ فِي الْأَشْبَاهِ أَنَّ الْإِجَارَةَ بَعْدَ الْإِجَارَةِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ فَسْخٌ لِلْأُولَى كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. وَقَالَ: الْبَحْرُ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُدَّةَ إذَا اتَّحَدَتْ فِيهَا وَاتَّحَدَ الْأَجْرَانِ لَا تَصِحُّ الثَّانِيَة كَالْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: إذْ الْمُرَادُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ بُطْلَانِ الْكَفَالَةِ الثَّانِيَةِ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا فِي الْحَقِيقَةِ إذَا أَيْ حِينَ كُرِّرَتْ إنَّمَا هُوَ زِيَادَةُ التَّوَثُّقِ بِأَخْذِ كَفِيلٍ آخَرَ، حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ مُطَالَبَةِ أَيِّهِمَا أَرَادَ.

(قَوْلُهُ: وَهُمَا عِبَارَةٌ إلَخْ) أَيْ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ مُعَبَّرٌ بِهِمَا عَنْ كُلِّ لَفْظَيْنِ إلَخْ. قَالَ: الزَّيْلَعِيُّ: وَيَنْعَقِدُ بِكُلِّ لَفْظٍ يُنْبِئُ عَنْ التَّحْقِيقِ كَبِعْتُ وَاشْتَرَيْت وَرَضِيتُ أَوْ أَعْطَيْتُكَ أَوْ خُذْهُ بِكَذَا. اهـ.

أَوْ كُلْ هَذَا الطَّعَامَ بِدِرْهَمٍ لِي عَلَيْك فَأَكَلَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْأَفْعَالِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْفَتْحِ قَبْلَ وَرَقَتَيْنِ، وَيَنْعَقِدُ بَيْعٌ مُعَلَّقٌ بِفِعْلِ قَلْبٍ كَإِنْ أَرَدْتَ فَقَالَ: أَرَدْتُ أَوْ إنْ أُعْجِبْتَ أَوْ وَافَقَكَ فَقَالَ: أَعْجَبَنِي أَوْ وَافَقَنِي، وَأَمَّا إنْ أَدَّيْتَ إلَيَّ الثَّمَنَ فَقَدْ بِعْتُكَ فَإِنْ أَدَّى فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ، وَيَصِحُّ الْإِيجَابُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَأَشْرَكْتُكَ فِيهِ وَأَدْخَلْتُكَ فِيهِ، وَيَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الرَّدِّ بَحْرٌ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة. قُلْتُ: وَعِبَارَتُهَا وَلَوْ قَالَ: أَرُدُّ عَلَيْكَ هَذِهِ الْأَمَةَ بِخَمْسِينَ دِينَارًا وَقَبِلَ الْآخَرُ ثَبَتَ الْبَيْعُ. اهـ.

وَفِي الْبَحْرِ وَيَصِحُّ الْإِيجَابُ بِلَفْظِ الْجَعْلِ كَقَوْلِهِ: جَعَلْتُ لَكَ هَذَا بِأَلْفٍ وَتَمَامُهُ فِيهِ. قُلْتُ: وَفِي عُرْفِنَا يُسَمَّى بَيْعُ الثِّمَارِ عَلَى الْأَشْجَارِ ضَمَانًا فَإِذَا قَالَ: ضَمَّنْتُكَ هَذِهِ الثِّمَارَ بِكَذَا، وَقَبِلَ الْآخَرُ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ، وَكَذَا تَعَارَفُوا فِي بَيْعِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّوَابِّ لِشَرِيكِهِ الْآخَرِ لَفْظَ الْمُقَاصَرَةِ، فَيَقُولُ: قَاصَرْتُكَ بِكَذَا وَمُرَادُهُ بِعْتُك حِصَّتِي مِنْ هَذِهِ الدَّابَّةِ بِكَذَا فَإِذَا قَبِلَ الْآخَرُ صَحَّ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَلْفَاظِ التَّمْلِيكِ عُرْفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>