للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَيْهِ فَيُفْتَى بِجَوَازِ النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ بِمَالٍ

ــ

[رد المحتار]

وَلَا يَصْلُحُ مُقَيَّدًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُشْتَرَكًا كَانَ مُتَعَارِضًا. اهـ. بِيرِيٌّ وَفِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ، وَكَذَا أَيْ تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ لَوْ دَفَعَ إلَى حَائِكٍ غَزْلًا عَلَى أَنْ يَنْسِجَهُ بِالثُّلُثِ وَمَشَايِخُ بَلْخٍ وَخُوَارِزْمَ أَفْتَوْا بِجَوَازِ إجَارَةِ الْحَائِكِ لِلْعُرْفِ وَبِهِ أَفْتَى أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ أَيْضًا وَالْفَتْوَى عَلَى جَوَابِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُ إبْطَالُ النَّصِّ. اهـ.

فَأَفَادَ أَنَّ عَدَمَ اعْتِبَارِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا وُجِدَ النَّصُّ، بِخِلَافِهِ لَا يَصْلُحُ نَاسِخًا لِلنَّصِّ، وَلَا مُقَيِّدًا لَهُ، وَإِلَّا فَقَدْ اعْتَبَرُوهُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا مَسَائِلُ الْإِيمَانِ، وَكُلُّ عَاقِدٍ وَوَاقِفٍ، وَحَالِفٍ يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى عُرْفِهِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْهُمَامِ وَأَفَادَ مَا مَرَّ أَيْضًا أَنَّ الْعُرْفَ الْعَامَّ يَصْلُحُ مُقَيِّدًا؛ وَلِذَا نَقَلَ الْبِيرِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الْحَائِكِ الْمَذْكُورَةِ قَالَ: السَّيِّدُ الشَّهِيدُ: لَا نَأْخُذُ بِاسْتِحْسَانِ مَشَايِخِ بَلْخٍ بَلْ نَأْخُذُ بِقَوْلِ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ؛ لِأَنَّ التَّعَامُلَ فِي بَلَدٍ لَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الِاسْتِمْرَارِ مِنْ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى تَقْرِيرِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إيَّاهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَيَكُونُ شَرْعًا مِنْهُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يَكُونُ فِعْلُهُمْ حُجَّةً إذَا كَانَ كَذَلِكَ مِنْ النَّاسِ كَافَّةً فِي الْبُلْدَانِ كُلِّهَا فَيَكُونُ إجْمَاعًا وَالْإِجْمَاعُ حُجَّةٌ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَوْ تَعَامَلُوا عَلَى بَيْعِ الْخَمْرِ وَالرِّبَا لَا يُفْتَى بِالْحِلِّ؟ . اهـ. قُلْتُ: وَبِهِ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعُرْفِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ، وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَبْسُوطٌ فِي رِسَالَتِنَا الْمُسَمَّاةِ: بِنَشْرِ الْعَرْفِ فِي بِنَاءِ بَعْضِ الْأَحْكَام عَلَى الْعُرْفِ.

مَطْلَبٌ فِي النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ بِمَالٍ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَيُفْتَى بِجَوَازِ النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ بِمَالٍ) قَالَ: الْعَلَّامَةُ الْعَيْنِيُّ فِي فَتَاوَاهُ: لَيْسَ لِلنُّزُولِ شَيْءٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَلَكِنَّ الْعُلَمَاءَ وَالْحُكَّامَ مَشَّوْا ذَلِكَ

لِلضَّرُورَةِ

، وَاشْتَرَطُوا إمْضَاءَ النَّاظِرِ لِئَلَّا يَقَعَ فِيهِ نِزَاعٌ. اهـ. مُلَخَّصًا مِنْ حَاشِيَةِ: الْأَشْبَاهِ لِلسَّيِّدِ أَبِي السُّعُودِ، وَذَكَرَ الْحَمَوِيُّ أَنَّ الْعَيْنِيَّ ذَكَرَ فِي شَرْحِ نَظْمِ دُرَرِ الْبِحَارِ فِي بَابِ الْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ الْكِبَارِ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُحْكَمَ بِصِحَّةِ النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ الدِّينِيَّةِ قِيَاسًا عَلَى تَرْكِ الْمَرْأَةِ قَسْمَهَا لِصُحْبَتِهَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُجَرَّدُ إسْقَاطٍ اهـ.

مَطْلَبٌ فِي الْعُرْفِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ قُلْت: وَقَدَّمْنَا فِي الْوَقْفِ عَنْ الْبَحْرِ أَنَّ لِلْمُتَوَلِّي عَزْلَ نَفْسِهِ، عِنْدَ الْقَاضِي، وَأَنَّ مِنْ الْعَزْلِ الْفَرَاغَ لِغَيْرِهِ عَنْ وَظِيفَةِ النَّظَرِ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ عَزْلِ نَفْسِهِ خِلَافًا لِلْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَقْرِيرِ الْقَاضِي الْمَفْرُوغِ لَهُ لَوْ أَهْلًا وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ تَقْرِيرُهُ، وَلَوْ أَهْلًا وَأَنَّهُ جَرَى الْعُرْفُ بِالْفَرَاغِ بِالدَّرَاهِمِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَيَنْبَغِي الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ بَعْدَهُ اهـ. أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ شُبْهَةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ مُجَرَّدِ الْحَقِّ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَيْسَ فِيمَا ذُكِرَ عَنْ الْعَيْنِيِّ جَوَازُهُ لَكِنْ قَالَ: الْحَمَوِيُّ وَقَدْ اسْتَخْرَجَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا نُورُ الدِّينِ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيَّ صِحَّةَ الِاعْتِيَاضِ عَنْ ذَلِكَ فِي شَرْحِهِ عَلَى نَظْمِ الْكَنْزِ مِنْ فَرْعِهِ فِي مَبْسُوطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُوصَى بِرَقَبَتِهِ لِشَخْصٍ، وَبِخِدْمَتِهِ لِآخَرَ لَوْ قُطِعَ طَرَفُهُ أَوْ شُجَّ مُوضِحَةً فَأَدَّى الْأَرْشَ، فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ تُنْقِصُ الْخِدْمَةَ يُشْتَرَى بِهِ عَبْدٌ آخَرُ يَخْدُمُهُ أَوْ يَضُمُّ إلَيْهِ ثَمَنَ الْعَبْدِ بَعْدَ بَيْعِهِ فَيُشْتَرَى بِهِ عَبْدٌ يَقُومُ مَقَامَ الْأَوَّلِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي بَيْعِهِ لَمْ يُبَعْ، وَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى قِسْمَةِ الْأَرْشِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَلَهُمَا ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ مَا يَسْتَوْفِيهِ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ مِنْ الْأَرْشِ بَدَلَ الْخِدْمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الِاعْتِيَاضَ عَنْهَا، وَلَكِنَّهُ إسْقَاطٌ لِحَقِّهِ بِهِ كَمَا لَوْ صَالَحَ مُوصًى لَهُ بِالرَّقَبَةِ عَلَى مَالٍ دَفَعَهُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ لِيُسَلِّمَ الْعَبْدَ لَهُ. اهـ.

قَالَ: فَرُبَّمَا يَشْهَدُ هَذَا لِلنُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ بِمَالٍ. اهـ. قَالَ: الْحَمَوِيُّ: فَلْيُحْفَظْ هَذَا فَإِنَّهُ نَفِيسٌ جِدًّا. اهـ. وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْبِيرِيُّ عِنْدَ قَوْلِ الْأَشْبَاهِ، وَيَنْبَغِي

<<  <  ج: ص:  >  >>