(وَشُرِطَ لِصِحَّتِهِ مَعْرِفَةُ قَدْرِ) مَبِيعٍ وَثَمَنٍ (وَوَصْفُ ثَمَنٍ)
ــ
[رد المحتار]
(قَوْلُهُ: وَشَرَطَ لِصِحَّتِهِ مَعْرِفَةَ قَدْرِ مَبِيعٍ وَثَمَنٍ) كَكُرِّ حِنْطَةٍ وَخَمْسَةِ دَرَاهِمَ أَوْ أَكْرَارِ حِنْطَةٍ فَخَرَجَ مَا لَوْ كَانَ قَدْرُ الْمَبِيعِ مَجْهُولًا أَيْ جَهَالَةً فَاحِشَةً، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقَيَّدْنَا بِالْفَاحِشَةِ لِمَا قَالُوهُ لَوْ بَاعَهُ جَمِيعَ مَا فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ أَوْ هَذِهِ الدَّارِ وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ مَا فِيهَا لَا يَصِحُّ لِفُحْشِ الْجَهَالَةِ أَمَّا لَوْ بَاعَهُ جَمِيعَ مَا فِي هَذَا الْبَيْتِ، أَوْ الصُّنْدُوقِ، أَوْ الْجَوَالِقِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ يَسِيرَةٌ قَالَ: فِي الْقُنْيَةِ: إلَّا إذَا كَانَ لَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِدُونِ مَعْرِفَةِ قَدْرِ الْمَبِيعِ، كَمَنْ أَقَرَّ أَنَّ فِي يَدِهِ مَتَاعَ فُلَانٍ غَصْبًا أَوْ وَدِيعَةً ثُمَّ اشْتَرَاهُ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مِقْدَارَهُ. اهـ.
وَمَعْرِفَةُ الْحُدُودِ تُغْنِي عَنْ مَعْرِفَةِ الْمِقْدَارِ، فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ -: بَاعَهُ أَرْضًا وَذَكَرَ حُدُودَهَا لَا ذَرْعَهَا طُولًا وَعَرْضًا، جَازَ، وَكَذَا إنْ لَمَّ الْحُدُودَ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ الْمُشْتَرِي إذَا لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا تَجَاحُدٌ، وَفِيهَا جَهْلُ الْبَائِعِ مَعْرِفَةَ الْمَبِيعِ لَا يَمْنَعُ وَجَهْلُ الْمُشْتَرِي يَمْنَعُ. اهـ. وَعَلَى هَذَا تَفَرَّعَ مَا فِي الْقُنْيَةِ: لَكَ فِي يَدِي أَرْضٌ خَرِبَةٌ لَا تُسَاوِي شَيْئًا فِي مَوْضِعِ كَذَا فَبِعْهَا مِنِّي بِسِتَّةِ دَرَاهِمَ، فَقَالَ: بِعْتهَا، وَلَمْ يَعْرِفْهَا الْبَائِعُ وَهِيَ تُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ جَازَ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بَيْعَ الْمَجْهُولِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ: لَكَ فِي يَدِي أَرْضٌ صَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: أَرْضُ كَذَا وَفِي الْمَجْمَعِ لَوْ بَاعَهُ نَصِيبَهُ مِنْ دَارٍ فَعِلْمُ الْعَاقِدَيْنِ شَرْطٌ أَيْ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَيُجِيزُهُ أَيْ أَبُو يُوسُفَ مُطْلَقًا وَشَرَطَ أَيْ مُحَمَّدٌ عِلْمَ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ وَفِي الْخَانِيَّةِ: اشْتَرَى كَذَا كَذَا قِرْبَةً مِنْ مَاءِ الْفُرَاتِ. قَالَ: أَبُو يُوسُفَ: إنْ كَانَتْ الْقِرْبَةُ بِعَيْنِهَا جَازَ لِمَكَانِ التَّعَامُلِ، وَكَذَا الرَّاوِيَةُ وَالْجَرَّةُ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ لَا يَعْرِفُ قَدْرَهَا، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ وَخَرَجَ أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مَجْهُولًا كَالْبَيْعِ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِرَأْسِ مَالِهِ أَوْ بِمَا اشْتَرَاهُ أَوْ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَاهُ فُلَانٌ، فَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالْقَدْرِ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ وَمِنْهُ أَيْضًا مَا لَوْ بَاعَهُ بِمِثْلِ مَا يَبِيعُ النَّاسُ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا لَا يُتَفَاوَتُ نَهْرٌ. (قَوْلُهُ: وَوَصْفُ ثَمَنٍ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَجْهُولَ الْوَصْفِ تَتَحَقَّقُ الْمُنَازَعَةُ فَالْمُشْتَرِي يُرِيدُ دَفْعَ الْأَدْوَنِ وَالْبَائِعُ يَطْلُبُ الْأَرْفَعَ فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ شَرْعِيَّةِ الْعَقْدِ نَهْرٌ.
[تَنْبِيهٌ] ظَاهِرُ كَلَامِهِ كَالْكَنْزِ يُعْطَى أَنَّ مَعْرِفَةَ وَصْفِ الْمَبِيعِ غَيْرُ شَرْطٍ، وَقَدْ نَفَى اشْتِرَاطَهُ فِي الْبَدَائِعِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ، وَظَاهِرُ الْفَتْحِ إثْبَاتُهُ فِيهِمَا، وَوَفَّقَ فِي الْبَحْرِ بِحَمْلِ مَا فِي الْبَدَائِعِ عَلَى الْمُشَارِ إلَيْهِ أَوْ إلَى مَكَانِهِ، وَمَا فِي الْفَتْحِ عَلَى غَيْرِهِ لِمَنْ حَقَّقَ فِي النَّهْرِ أَنَّ مَا فَهِمَهُ مِنْ الْفَتْحِ وَهْمٌ فَاحِشٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْفَتْحِ فِي الثَّمَنِ فَقَطْ. قُلْتُ: وَظَاهِرُهُ الِاتِّفَاقُ عَلَى اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الْقَدْرِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي اشْتِرَاطِ الْوَصْفِ فِيهِمَا وَلِلْعَلَّامَةِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ رِسَالَةٌ سَمَّاهَا: نَفِيسَ الْمَتْجَرِ بِشِرَاءِ الدُّرَرِ، حَقَّقَ فِيهَا أَنَّ الْمَبِيعَ الْمُسَمَّى جِنْسُهُ لَا حَاجَةَ فِيهِ إلَى بَيَانِ قَدْرِهِ وَلَا وَصْفِهِ وَلَوْ غَيْرَ مُشَارٍ إلَيْهِ أَوْ إلَى مَكَانِهِ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ الْمَانِعَةَ مِنْ الصِّحَّةِ تَنْتَفِي بِثُبُوتِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُوَافِقْهُ يَرُدُّهُ فَلَمْ تَكُنْ الْجَهَالَةُ مُفْضِيَةً إلَى الْمُنَازَعَةِ وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِفُرُوعٍ صَحَّحُوا فِيهَا الْبَيْعَ بِدُونِ بَيَانِ قَدْرٍ وَلَا وَصْفٍ، مِنْهَا مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ جَمِيعِ مَا فِي هَذَا الْبَيْتِ أَوْ الصُّنْدُوقِ، وَشِرَاءِ مَا فِي يَدِهِ مِنْ غَصْبٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute