للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[رد المحتار]

وَالْخُلَاصَةِ عَنْ الْمُنْتَقَى، وَنَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ وَأَقَرَّهُ، فَحَيْثُ صَرَّحَ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ، فَيَجِبُ أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ إفْتَاءً وَقَضَاءً، وَلَمْ أَرَ مَنْ جَعَلَ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ هَذَا خُلَاصَةُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رِسَالَتِهِ: بَذْلِ الْمَجْهُودِ فِي مَسْأَلَةِ تَغَيُّرِ النُّقُودِ وَفِي الذَّخِيرَةِ عَنْ الْمُنْتَقَى إذَا غَلَتْ الْفُلُوسُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ رَخُصَتْ. قَالَ: أَبُو يُوسُفَ، قَوْلِي وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا، ثُمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ وَقَالَ: عَلَيْهِ قِيمَتُهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ، يَوْمَ وَقَعَ الْبَيْعُ وَيَوْمَ وَقَعَ الْقَبْضُ. اهـ. وَقَوْلُهُ: يَوْمَ وَقَعَ الْبَيْعُ أَيْ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ، وَقَوْلُهُ: وَيَوْمَ وَقَعَ الْقَبْضُ أَيْ فِي صُورَةِ الْقَرْضِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي النَّهْرِ فِي بَابِ الصَّرْفِ.

وَحَاصِلُ مَا مَرَّ: أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْمُفْتَى بِهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْكَسَادِ وَالِانْقِطَاعِ وَالرُّخْصِ وَالْغَلَاءِ فِي أَنَّهُ تَجِبُ قِيمَتُهَا يَوْمَ وَقَعَ الْبَيْعُ أَوْ الْقَرْضُ لَا مِثْلُهَا، وَفِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ، مِنْ النَّوْعِ الْخَامِسَ عَشَرَ، عَنْ فَوَائِدِ الْإِمَامِ أَبِي حَفْصٍ الْكَبِيرِ اسْتَقْرَضَ مِنْهُ دَانِقَ فُلُوسٍ حَالَ كَوْنِهَا عَشَرَةً بِدَانِقٍ، فَصَارَتْ سِتَّةٌ بِدَانِقٍ أَوْ رَخُصَ وَصَارَ عِشْرُونَ بِدَانِقٍ يَأْخُذُ مِنْهُ عَدَدَ مَا أَعْطَى وَلَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ. اهـ. قُلْتُ: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ قَوْلُهُ: ثَانِيًا بِوُجُوبِ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْقَرْضِ، وَهُوَ دَانِقٌ أَيْ سُدُسُ دِرْهَمٍ سَوَاءٌ صَارَ الْآنَ سِتَّةَ فُلُوسٍ بِدَانِقٍ أَوْ عِشْرِينَ بِدَانِقٍ تَأَمَّلْ وَمِثْلُهُ مَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَصْلِ الْقَرْضِ مِنْ قَوْلِهِ اسْتَقْرَضَ مِنْ الْفُلُوسِ الرَّائِجَةِ وَالْعَدَالِي فَكَسَدَتْ فَعَلَيْهِ مِثْلُهَا كَاسِدَةً لَا قِيمَتُهَا. اهـ. فَهُوَ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ. وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الصَّرْفِ مَتْنًا وَشَرْحًا اشْتَرَى شَيْئًا بِهِ أَيْ بِغَالِبِ الْغِشِّ، وَهُوَ نَافِقٌ أَوْ بِفُلُوسٍ نَافِقَةٍ فَكَسَدَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لِلْبَائِعِ بَطَلَ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ انْقَطَعَتْ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ، فَإِنَّهُ كَالْكَسَادِ وَكَذَا حُكْمُ الدَّرَاهِمِ، لَوْ كَسَدَتْ أَوْ انْقَطَعَتْ بَطَلَ وَصَحَّحَاهُ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ وَبِهِ يُفْتَى رِفْقًا بِالنَّاسِ بَحْرٌ وَحَقَائِقُ. اهـ. وَقَوْلُهُ: بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ صَوَابُهُ بِقِيمَةِ الثَّمَنِ الْكَاسِدِ.

وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: لَمْ تَخْتَلِفْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَرْضِ الْفُلُوسِ إذَا كَسَدَتْ أَنَّ عَلَيْهِ مِثْلَهَا قَالَ بِشْرٌ: قَالَ أَبُو يُوسُفَ: عَلَيْهِ قِيمَتُهَا مِنْ الذَّهَبِ يَوْمَ وَقَعَ الْقَرْضُ فِي الدَّرَاهِمِ الَّتِي ذَكَرْتُ لَكَ أَصْنَافَهَا، يَعْنِي الْبُخَارِيَّةَ وَالطَّبَرِيَّةَ وَالْيَزِيدِيَّةَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: قِيمَتُهَا فِي آخِرِ نَفَاقِهَا قَالَ الْقُدُورِيُّ: وَإِذَا ثَبَتَ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَرْضِ الْفُلُوسِ مَا ذَكَرْنَا فَالدَّرَاهِمُ الْبُخَارِيَّةُ فُلُوسٌ عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَالطَّبَرِيَّةُ وَالْيَزِيدِيَّةُ، هِيَ الَّتِي غَلَبَ الْغِشُّ عَلَيْهَا فَتُجْرَى مَجْرَى الْفُلُوسِ فَلِذَلِكَ قَاسَهَا أَبُو يُوسُفَ عَلَى الْفُلُوسِ. اهـ. مَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقَرْضِ جَازَ فِي الْبَيْعِ أَيْضًا، كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الذَّخِيرِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ يَوْمَ وَقَعَ الْبَيْعُ إلَخْ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي فُهِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ، إنَّمَا هُوَ فِي الْفُلُوسِ وَالدَّرَاهِمِ الْغَالِبَةِ الْغِشِّ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الْفُلُوسِ. وَفِي بَعْضِهَا ذَكَرَ الْعَدَالِيَّ مَعَهَا وَهِيَ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبِنَايَةِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالدَّالِ وَكَسْرِ اللَّامِ دَرَاهِمُ فِيهَا غِشٌّ. وَفِي بَعْضِهَا تَقْيِيدُ الدَّرَاهِمِ بِغَالِبَةِ الْغِشِّ، وَكَذَا تَعْلِيلُهُمْ قَوْلَ الْإِمَامِ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ، بِأَنَّ الثَّمَنِيَّةَ بَطَلَتْ بِالْكَسَادِ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ الَّتِي غَلَبَ غِشُّهَا إنَّمَا جُعِلَتْ ثَمَنًا بِالِاصْطِلَاحِ، فَإِذَا تَرَكَ النَّاسُ الْمُعَامَلَةَ بِهَا بَطَلَ الِاصْطِلَاحُ فَلَمْ تَبْقَ ثَمَنًا فَبَقِيَ الْبَيْعُ بِلَا ثَمَنٍ فَبَطَلَ، وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِحُكْمِ الدَّرَاهِمِ الْخَالِصَةِ أَوْ الْمَغْلُوبَةِ الْغِشِّ سِوَى مَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ هُنَا.

وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِكَسَادِهَا، وَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِثْلُهَا فِي الْكَسَادِ، وَالِانْقِطَاعِ وَالرُّخْصِ وَالْغَلَاءِ، أَمَّا عَدَمُ بُطْلَانِ الْبَيْعِ، فَلِأَنَّهَا ثَمَنٌ خِلْقَةً فَتَرْكُ الْمُعَامَلَةِ بِهَا لَا يُبْطِلُ ثَمَنِيَّتَهَا فَلَا يَتَأَتَّى تَعْلِيلُ الْبُطْلَانِ الْمَذْكُورُ، وَهُوَ بَقَاءُ الْبَيْعِ بِلَا ثَمَنٍ. وَأَمَّا وُجُوبُ مِثْلِهَا وَهُوَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ كَمِائَةِ ذَهَبٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>