للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيْسَ فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ. (وَمَا زَادَ لِلْبَائِعِ) لِوُقُوعِ الْعَقْدِ عَلَى قَدْرٍ مُعَيَّنٍ

(وَإِنْ بَاعَ الْمَذْرُوعَ مِثْلَهُ) عَلَى أَنَّهُ مِائَةُ ذِرَاعٍ مَثَلًا (أَخَذَ) الْمُشْتَرِي (الْأَقَلَّ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ تَرَكَ)

ــ

[رد المحتار]

لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ اشْتَرَى سَوِيقًا عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ لَتَّهُ بِمَنٍّ مِنْ السَّمْنِ وَتَقَابَضَا وَالْمُشْتَرِي يَنْظُرُ إلَيْهِ فَظَهَرَ أَنَّهُ لَتَّهُ بِنِصْفِ مَنٍّ جَازَ الْبَيْعُ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُعْرَفُ بِالْعِيَانِ، فَإِذَا عَايَنَهُ انْتَفَى الْغَرَرُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى صَابُونًا عَلَى أَنَّهُ مُتَّخَذٌ مِنْ كَذَا جَرَّةً مِنْ الدُّهْنِ فَظَهَرَ أَنَّهُ مُتَّخَذٌ مِنْ أَقَلَّ، وَالْمُشْتَرِي يَنْظُرُ إلَى الصَّابُونِ وَقْتَ الشِّرَاءِ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى قَمِيصًا عَلَى أَنَّهُ مُتَّخَذٌ مِنْ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ، وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهِ فَإِذَا هُوَ مِنْ تِسْعَةٍ جَازَ الْبَيْعُ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي. اهـ. وَاعْتَرَضَ فِي النَّهْرِ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلتَّخْيِيرِ إنَّمَا هُوَ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ، وَهَذَا الْقَدْرُ ثَابِتٌ فِيمَا لَوْ وَجَدَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ نَاقِصًا إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ بِالْقَبْضِ صَارَ رَاضِيًا بِذَلِكَ فَتَدَبَّرْهُ اهـ. قُلْتُ: هَذَا ظَاهِرٌ إذَا عَلِمَ بِنَقْضِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ رَاضِيًا فَيَنْبَغِي التَّفْصِيلُ تَأَمَّلْ.

وَاعْتَرَضَ فِي النَّهْرِ أَيْضًا الثَّانِيَ، بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي مَبِيعٍ يَنْقَسِمُ أَجْزَاءُ الثَّمَنِ فِيهِ عَلَى أَجْزَاءِ الْمَبِيعِ وَمَا فِي الْخَانِيَّةِ لَيْسَ مِنْهُ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ السَّوِيقَ قِيَمِيٌّ لِمَا بَيْنَ السَّوِيقَيْنِ مِنْ التَّفَاوُتِ الْفَاحِشِ بِسَبَبِ الْقَلْيِ، وَكَذَا الصَّابُونُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَأَمَّا الثَّوْبُ فَظَاهِرٌ وَعَلَى هَذَا، فَمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي نَقْصِ الْقِيَمِيِّ بَيْنَ أَخْذِهِ بِكُلِّ الثَّمَنِ، أَوْ تَرْكِهِ مُقَيَّدًا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُشَاهَدًا فَتَدَبَّرْهُ. اهـ. قُلْتُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ النُّقْصَانِ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْمُشَاهَدَةِ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا يَفْحُشُ نُقْصَانُهُ فَإِذَا شَاهَدَهُ يَكُونُ رَاضِيًا بِهِ، ثُمَّ إنَّ الظَّاهِرَ مِنْ كَلَامِ الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ عِنْدَ الْمُعَايَنَةِ يَلْزَمُ الْبَيْعُ بِكُلِّ الثَّمَنِ، بِلَا خِيَارٍ، وَكَلَامُنَا فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْفَسْخِ وَأَخْذِ الْأَقَلِّ بِحِصَّتِهِ لَا بِكُلِّ الثَّمَنِ، فَلِذَا جَعَلَ فِي النَّهْرِ عَدَمَ الْمُشَاهَدَةِ قَيْدًا فِي الْقِيَمِيِّ، لَا فِي الْمِثْلِيِّ أَيْ أَنَّهُ فِي الْقِيَمِيِّ يَأْخُذُ الْأَقَلَّ بِكُلِّ الثَّمَنِ بِلَا خِيَارٍ إذَا كَانَ مُشَاهَدًا وَعَنْ هَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ هُنَا بَلْ فِي الْقِيَمِيِّ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ) خَرَجَ مَا فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ بَاعَ لُؤْلُؤَةً عَلَى أَنَّهَا تَزِنُ مِثْقَالًا فَوَجَدَهَا أَكْثَرَ سَلِمَتْ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْوَزْنَ فِيمَا يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ وَصْفٌ بِمَنْزِلَةِ الذُّرْعَانِ فِي الثَّوْبِ. اهـ. وَفِيهَا الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي فِي النُّقْصَانِ، وَإِنْ وَزَنَهُ لَهُ الْبَائِعُ مَا لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ الْمِقْدَارَ اهـ. نَهْرٌ. (قَوْلُهُ: وَمَا زَادَ لِلْبَائِعِ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ، قَالَ: فِي النَّهْرِ وَقَيَّدَهُ الزَّاهِدِيُّ بِمَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْكَيْلَيْنِ، أَوْ الْوَزْنَيْنِ أَمَّا مَا يَدْخُلُ، فَلَا يَجِبُ رَدُّهُ وَاخْتُلِفَ فِي قَدْرِهِ فَقِيلَ: نِصْفُ دِرْهَمٍ فِي مِائَةٍ وَقِيلَ: دَانِقٌ فِي مِائَةٍ لَا حُكْمَ لَهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ دَانِقٌ فِي عَشَرَةٍ كَثِيرٌ وَقِيلَ: مَا دُونَ حَبَّةٍ عَفْوٌ فِي الدِّينَارِ، وَفِي الْقَفِيزِ الْمُعْتَادِ فِي زَمَانِنَا نِصْفُ مَنٍّ. اهـ.

مَطْلَبٌ: الْمُعْتَبَرُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَإِنْ ظَنَّ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ (قَوْلُهُ: عَلَى قَدْرٍ مُعَيَّنٍ) فَمَا زَادَ عَلَيْهِ لَا يَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ فَيَكُونُ لِلْبَائِعِ بَحْرٌ وَمُفَادُهُ: أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ مِنْ الْعَدَدِ، وَإِنْ كَانَ ظَنُّ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ وَلِذَا قَالَ: فِي الْقُنْيَةِ: عَدَّ الْكَوَاغِدَ فَظَنَّهَا أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَأَخْبَرَ الْبَائِعُ بِهِ ثُمَّ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى عَيْنِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ الْعَدَدَ ثُمَّ زَادَتْ عَلَى مَا ظَنَّهُ فَهِيَ حَلَالٌ لِلْمُشْتَرِي. سَاوَمَهُ الْحِنْطَةَ كُلَّ قَفِيزٍ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ وَحَاسَبُوا فَبَلَغَ سِتَّمِائَةِ دِرْهَمٍ فَغَلِطُوا، وَحَاسَبُوا الْمُشْتَرِيَ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَبَاعُوهَا مِنْهُ بِالْخَمْسِمِائَةِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ فِيهَا غَلَطًا لَا يَلْزَمُهُ إلَّا خَمْسُمِائَةٍ. أَفْرَزَ الْقَصَّابُ أَرْبَعَ شِيَاهٍ فَقَالَ: بَائِعُهَا هِيَ بِخَمْسَةٍ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِدِينَارٍ وَرُبُعٍ، فَجَاءَ الْقَصَّابُ بِأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ فَقَالَ: هَلْ بِعْتَ هَذِهِ بِهَذَا الْقَدْرِ وَالْبَائِعُ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا خَمْسَةٌ صَحَّ الْبَيْعُ قَالَ: وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَا سَبَقَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِدِينَارٍ وَرُبُعٍ. اهـ. وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ بَاعَ الْمَذْرُوعَ) كَثَوْبٍ وَأَرْضِ دُرٌّ مُنْتَقًى. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ مِائَةُ ذِرَاعٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>