للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) لَا (الثَّمَرُ فِي بَيْعِ الشَّجَرِ بِدُونِ الشَّرْطِ) عَبَّرَ هُنَا بِالشَّرْطِ وَثَمَّةَ بِالتَّسْمِيَةِ لِيُفِيدَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ غَيْرُ مُفْسِدٍ وَخَصَّهُ بِالثَّمَرِ اتِّبَاعًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ»

ــ

[رد المحتار]

وَلَا يَدْخُلُ فِي الْكُلِّ لَكِنْ وَقَعَ الْخِلَافُ فِيمَا لَيْسَ لَهُ قِيمَةٌ قَبْلَ النَّبَاتِ أَوْ بَعْدَهُ. فَفِي الثَّانِيَةِ الْأَصَحُّ الدُّخُولُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَلْ عَلِمْتُ أَنَّهُ الصَّوَابُ، وَظَاهِرُ الْفَتْحِ اخْتِيَارُ عَدَمِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي السِّرَاجِ، وَكَذَا فِي الْأُولَى اخْتَلَفَ التَّرْجِيعُ فَاخْتَارَ الْفَضْلِيُّ الدُّخُولَ، وَاخْتَارَ أَبُو اللَّيْثِ عَدَمَهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ النَّهْرِ وَالْفَتْحِ، وَاقْتِصَارُ الشَّارِحِ عَلَى اسْتِثْنَاءِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ يُفِيدُ تَرْجِيحَ مَا اخْتَارَهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي الْأُولَى، لَكِنْ قَدَّمْنَا عَنْ الْفَتْحِ أَنَّ اخْتِيَارَ أَبِي اللَّيْثِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ بِكُلِّ حَالٍ كَمَا هُوَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي صَاحِبَ الْهِدَايَةِ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الدُّخُولِ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ، وَقَدْ وَقَعَ فِي الْبَحْرِ هَهُنَا خَلَلٌ فِي فَهْمِ كَلَامِ السِّرَاجِ الْمُتَقَدِّمِ، وَفِي بَيَانِ الْخِلَافِ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَاهُ كَمَا أَوْضَحْتُهُ فِيمَا عَلَّقْتُهُ عَلَيْهِ فَافْهَمْ.

[تَنْبِيهٌ] قَيَّدَ بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ فِي رَهْنِ الْأَرْضِ يَدْخُلُ الشَّجَرُ وَالثَّمَرُ وَالزَّرْعُ وَفِي وَقْفِهَا يَدْخُلُ الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ، لَا الزَّرْعُ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِأَرْضٍ عَلَيْهَا زَرْعٌ أَوْ شَجَرٌ دَخَلَ وَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ فِي إقَالَةِ الْأَرْضِ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ.

١ -

قَوْلُهُ: وَلَا الثَّمَرُ فِي بَيْعِ الشَّجَرِ) الثَّمَرُ بِمُثَلَّثَةٍ الْحَمْلُ الَّذِي يُخْرِجُهُ الشَّجَرَةُ وَإِنْ لَمْ يُؤْكَلْ فَيُقَالُ ثَمَرُ الْأَرَاكِ وَالْعَوْسَجِ وَالْعِنَبِ مِصْبَاحٌ. وَفِي الْفَتْحِ وَيَدْخُلُ فِي الثَّمَرَةِ الْوَرْدُ وَالْيَاسَمِينُ وَنَحْوُهُمَا مِنْ الْمَشْمُومَاتِ نَهْرٌ وَشَمِلَ مَا إذَا بِيعَ الشَّجَرُ مَعَ الْأَرْضِ أَوْ وَحْدَهُ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ أَوْ لَا بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: لِيُفِيدَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ) أَيْ بَيْنَ أَنْ يُسَمِّيَ الزَّرْعَ وَالثَّمَرَ بِأَنْ يَقُولَ: بِعْتُكَ الْأَرْضَ وَزَرْعَهَا أَوْ بِزَرْعِهَا أَوْ الشَّجَرَ وَثَمَرَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ بِهِ، وَبَيْنَ أَنْ يُخْرِجَهُ مَخْرَجَ الشَّرْطِ فَيَقُولَ بِعْتُكَ الْأَرْضَ عَلَى أَنْ يَكُونَ زَرْعُهَا لَكَ أَوْ بِعْتُك الشَّجَرَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَرُ لَكَ كَذَا فِي الْمِنَحِ. اهـ.

ح، وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ. مَطْلَبٌ الْمُجْتَهِدُ إذَا اسْتَدَلَّ بِحَدِيثٍ كَانَ تَصْحِيحًا لَهُ (قَوْلُهُ: وَخَصَّهُ بِالثَّمَرِ) أَيْ خَصَّ ذِكْرَ الشَّرْطِ بِمَسْأَلَةِ الثَّمَرِ دُونَ مَسْأَلَةِ الزَّرْعِ مَعَ إمْكَانِهِ الْعَكْسَ اتِّبَاعًا لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الثَّمَرِ مُؤَبَّرًا أَوْ لَا. التَّأْبِيرُ التَّلْقِيحُ، وَهُوَ أَنْ يَشُقَّ الْكِمَّ وَيَذَرَ فِيهِ مِنْ طَلْعِ النَّخْلِ لِيُصْلِحَ إنَاثَهَا وَالْكِمُّ بِالْكَسْرِ وِعَاءُ الطَّلْعِ، وَأَمَّا حَدِيثُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ: «مَنْ بَاعَ نَخْلًا مُؤَبَّرًا فَالثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» فَلَا يُعَارِضُهُ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَ الصِّفَةِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ عِنْدَنَا وَمَا قِيلَ: مِنْ أَنَّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ غَرِيبٌ فَفِيهِ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ إذَا اسْتَدَلَّ بِحَدِيثٍ كَانَ تَصْحِيحًا لَهُ كَمَا فِي التَّحْرِيرِ وَغَيْرِهِ نَعَمْ: يَرِدُ مَا فِي الْفَتْحِ أَنَّ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ هُنَا وَاجِبٌ؛ لِأَنَّهُ فِي حَادِثَةٍ وَاحِدَةٍ فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُمْ قَاسُوا الثَّمَرَ عَلَى الزَّرْعِ كَمَا قَالَ: فِي الْهِدَايَةِ إنَّهُ مُتَّصِلٌ لِلْقَطْعِ لَا لِلْبَقَاءِ، وَهُوَ قِيَاسٌ صَحِيحٌ وَهُمْ يُقَدِّمُونَ الْقِيَاسَ عَلَى الْمَفْهُومِ إذَا تَعَارَضَا. مَطْلَبٌ فِي حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَاعْتَرَضَ فِي الْبَحْرِ قَوْلَهُ إنَّ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَاجِبٌ إلَخْ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ لِمَا فِي النِّهَايَةِ مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَا فِي حَادِثَةٍ، وَلَا فِي حَادِثَتَيْنِ حَتَّى جَوَّزَ أَبُو حَنِيفَةَ التَّيَمُّمَ بِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ بِحَدِيثِ «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» وَلَمْ يُحْمَلْ هَذَا الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَهُوَ حَدِيثُ «التُّرَابُ طَهُورٌ» . اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>