أَمَّا قَبْلَ الظُّهُورِ فَلَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا. (ظَهَرَ صَلَاحُهَا أَوْ لَا صَحَّ) فِي الْأَصَحِّ. (وَلَوْ بَرَزَ بَعْضُهَا دُونَ بَعْضٍ لَا) يَصِحُّ. (فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) وَصَحَّحَهُ السَّرَخْسِيُّ وَأَفْتَى الْحَلْوَانِيُّ بِالْجَوَازِ
ــ
[رد المحتار]
لَا يَمْلِكُ أَرْضَهَا وَأَدْخَلَ مُحَمَّدٌ مَا تَحْتَهَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَإِنْ اشْتَرَاهَا لِلْقَطْعِ لَا تَدْخُلُ الْأَرْضُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ لِلْقَرَارِ تَدْخُلُ اتِّفَاقًا وَإِنْ بَاعَ نَصِيبًا لَهُ مِنْ شَجَرَةٍ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ جَازَ إنْ بَلَغَتْ أَوَانَ قَطْعِهَا وَإِلَّا فَلَا. اهـ. وَقَدَّمْنَا فِي الشَّرِكَةِ حُكْمَ بَيْعِ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ شَجَرٍ مُفَصَّلًا مُوَضَّحًا فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا قَبْلَ الظُّهُورِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْبُرُوزَ بِمَعْنَى الظُّهُورِ، وَالْمُرَادُ بِهِ انْفِرَادُ الزَّهْرِ عَنْهَا وَانْعِقَادُهَا ثَمَرَةً وَإِنْ صَغُرَتْ. (قَوْلُهُ: ظَهَرَ صَلَاحُهَا أَوْ لَا) قَالَ: فِي الْفَتْحِ لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ وَلَا فِي عَدَمِ جَوَازِهِ بَعْدَ الظُّهُورِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، بِشَرْطِ التَّرْكِ وَلَا فِي جَوَازِهِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ فِيمَا يُنْتَفَعُ بِهِ، وَلَا فِي الْجَوَازِ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، لَكِنَّ بُدُوَّ الصَّلَاحِ عِنْدَنَا أَنْ تُؤْمَنَ الْعَاهَةُ وَالْفَسَادُ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ هُوَ ظُهُورُ النُّضْجِ وَبُدُوُّ الْحَلَاوَةِ وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي بَيْعِهَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ عَلَى الْخِلَافِ فِي مَعْنَاهُ، لَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ لَا يَجُوزُ، وَعِنْدَنَا إنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْأَكْلِ، وَلَا فِي عَلْفِ الدَّوَابِّ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْمَشَايِخِ قِيلَ: لَا يَجُوزُ وَنَسَبَهُ قَاضِي خَانْ لِعَامَّةِ مَشَايِخِنَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ فِي ثَانِي الْحَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُنْتَفَعًا بِهِ فِي الْحَالِ، وَالْحِيلَةُ فِي جَوَازِهِ بِاتِّفَاقِ الْمَشَايِخِ أَنْ يَبِيعَ الْكُمَّثْرَى أَوَّلَ مَا تَخْرُجُ مَعَ أَوْرَاقِ الشَّجَرِ فَيَجُوزَ فِيهَا تَبَعًا لِلْأَوْرَاقِ كَأَنَّهُ وَرَقٌ كُلَّهُ، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُنْتَفَعُ بِهِ وَلَوْ عَلْفًا لِلدَّوَابِّ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ إذَا بَاعَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ مُطْلَقًا. اهـ. (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) قَالَ: فِي الْفَتْحِ: وَلَوْ اشْتَرَاهَا مُطْلَقًا أَيْ بِلَا شَرْطِ قَطْعٍ أَوْ تَرْكٍ فَأَثْمَرَتْ ثَمَرًا آخَرَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَسَدَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ لِتَعَذُّرِ التَّمْيِيزِ فَأَشْبَهَ هَلَاكَهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، وَلَوْ أَثْمَرَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ يَشْتَرِكَانِ فِيهِ لِلِاخْتِلَاطِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي مِقْدَارِهِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ وَكَذَا فِي بَيْعِ الْبَاذِنْجَانِ وَالْبِطِّيخِ إذَا حَدَثَ بَعْدَ الْقَبْضِ خُرُوجُ بَعْضِهَا اشْتَرَكَا كَمَا ذَكَرْنَا. اهـ.
وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا لَوْ أَثْمَرَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْمَوْجُودِ وَقْتَ الْبَيْعِ، فَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلزَّيْلَعِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا بَاعَ الْمَوْجُودَ وَالْمَعْدُومَ كَمَا يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي عَنْ الْحَلْوَانِيِّ، مَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ مِنْ التَّفْصِيلِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا بَاعَ الْمَوْجُودَ فَقَطْ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْفَتْحِ عَقِبَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ، وَكَانَ الْحَلْوَانِيُّ يُفْتِي بِجَوَازِهِ فِي الْكُلِّ إلَخْ، لَا يُنَاسِبُ التَّفْصِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِجَوَازِ الْبَيْعِ فِي الْكُلِّ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى الْمَوْجُودِ فَقَطْ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ. (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى الْحَلْوَانِيُّ بِالْجَوَازِ) وَزَعَمَ أَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ أَصْحَابِنَا وَكَذَا حَكَى عَنْ الْإِمَامِ الْفَضْلِيِّ، وَقَالَ: اُسْتُحْسِنَ فِيهِ لِتَعَامُلِ النَّاسِ، وَفِي نَزْعِ النَّاسِ عَنْ عَادَتِهِمْ حَرَجٌ قَالَ: فِي الْفَتْحِ: وَقَدْ رَأَيْتُ رِوَايَةً فِي نَحْوِ هَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ فِي بَيْعِ الْوَرْدِ عَلَى الْأَشْجَارِ فَإِنَّ الْوَرْدَ مُتَلَاحِقٌ، وَجُوِّزَ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. اهـ. قَالَ: الزَّيْلَعِيُّ وَقَالَ: شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَصِيرَ إلَى مِثْلِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ عِنْدَ تَحَقُّقِ الضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ هُنَا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَ الْأُصُولَ عَلَى مَا بَيَّنَّا أَوْ يَشْتَرِيَ الْمَوْجُودَ بِبَعْضِ الثَّمَنِ، وَيُؤَخِّرَ الْعَقْدَ فِي الْبَاقِي إلَى وَقْتِ وُجُودِهِ أَوْ يَشْتَرِيَ الْمَوْجُودَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ: وَيُبِيحَ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِمَا يَحْدُثُ مِنْهُ، فَيَحْصُلَ مَقْصُودُهُمَا بِهَذَا الطَّرِيقِ، فَلَا ضَرُورَةَ إلَى تَجْوِيزِ الْعَقْدِ فِي الْمَعْدُومِ مُصَادِمًا لِلنَّصِّ، وَهُوَ مَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ وَرَخَّصَ فِي السَّلَمِ» اهـ.
قُلْتُ: لَكِنْ لَا يَخْفَى تَحَقُّقُ الضَّرُورَةِ فِي زَمَانِنَا وَلَا سِيَّمَا فِي مِثْلِ دِمَشْقَ الشَّامِ كَثِيرَةِ الْأَشْجَارِ وَالثِّمَارِ فَإِنَّهُ لِغَلَبَةِ الْجَهْلِ عَلَى النَّاسِ لَا يُمْكِنُ إلْزَامُهُمْ بِالتَّخَلُّصِ بِأَحَدِ الطُّرُقِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَعْضِ أَفْرَادِ النَّاسِ لَا يُمْكِنُ بِالنِّسْبَةِ إلَى عَامَّتِهِمْ وَفِي نَزْعِهِمْ عَنْ عَادَتِهِمْ حَرَجٌ كَمَا عَلِمْت، وَيَلْزَمُ تَحْرِيمُ أَكْلِ الثِّمَارِ فِي هَذِهِ الْبُلْدَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute