للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الزَّرْعِ وَالْحَشِيشِ يَشْتَرِي الْمَوْجُودَ بِبَعْضِ الثَّمَنِ وَيَسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ مُدَّةً مَعْلُومَةً يَعْلَمُ فِيهَا الْإِدْرَاكَ بِبَاقِي الثَّمَنِ، وَفِي الْأَشْجَارِ الْمَوْجُودَ، وَيُحِلُّ لَهُ الْبَائِعُ مَا يُوجَدُ، فَإِنْ خَافَ أَنْ يَرْجِعَ يَقُولُ عَلَى أَنِّي مَتَى رَجَعْتُ فِي الْإِذْنِ تَكُونُ مَأْذُونًا فِي التَّرْكِ شُمُنِّيٌّ مُلَخَّصًا.

(مَا جَازَ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بِانْفِرَادِهِ صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهُ) إلَّا الْوَصِيَّةَ بِالْخِدْمَةِ يَصِحُّ إفْرَادُهَا دُونَ اسْتِثْنَائِهَا أَشْبَاهٌ. فَرْعٌ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ بِقَوْلِهِ: (فَصَحَّ اسْتِثْنَاءُ) قَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ وَشَاةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ قَطِيعٍ وَ (أَرْطَالٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ بَيْعِ تَمْرٍ نَخْلَةٍ)

ــ

[رد المحتار]

لِأَنَّ الْأَشْجَارَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ، وَقِيَامُهَا فِي الْأَرْضِ مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ اسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا أَوَّلًا مُعَامَلَةً كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ فِي تَصَرُّفِهِ أَوْ تَكُونُ الْأَشْجَارُ عَلَى الْمُسَنَّاةِ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ إجَارَةِ الْأَرْضِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِهِمْ، وَمَسْأَلَةُ الْإِحْلَالِ تَتَأَتَّى فِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي أَيْضًا. (قَوْلُهُ: بِبَعْضِ الثَّمَنِ) تَنَازَعَ فِيهِ يَشْتَرِي الْأَوَّلَ وَيَشْتَرِي الثَّانِيَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَقَوْلُهُ: وَيَسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْضًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْأَشْجَارِ الْمَوْجُودَ) أَيْ وَفِي الْأَشْجَارِ يَشْتَرِي الْمَوْجُودَ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَافَ إلَخْ) قَالَ: فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَقُولُ: كَتَبْتُ فِي لَطَائِفِ الْإِشَارَاتِ أَنَّهُمْ قَالُوا: قَالَ: وَكَّلْتُكَ بِكَذَا عَلَى أَنِّي كُلَّمَا عَزَلْتُكَ فَأَنْتَ وَكِيلِي صَحَّ، وَقِيلَ: لَا فَإِذَا صَحَّ يَبْطُلُ الْعَزْلُ عَنْ الْمُعَلَّقَةِ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَجَوَّزَهُ مُحَمَّدٌ فَيَقُولُ: فِي عَزْلِهِ رَجَعْتُ عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ وَعَزَلْتُكَ عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُنَجَّزَةِ اهـ. رَمْلِيٌّ. وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ يُمْكِنُ الرُّجُوعُ هُنَا عَنْ الْإِحْلَالِ بِأَنْ يَقُولَ: رَجَعْتُ عَنْ الْإِحْلَالِ الْمُعَلَّقِ وَعَنْ الْمُنَجَّزِ فَيَتَعَيَّنَ حِينَئِذٍ الِاحْتِيَالُ بِالْمُعَامَلَةِ عَلَى الْأَشْجَارِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: فِي التَّرْكِ) الْمُنَاسِبُ: فِي الْأَكْلِ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ أَحَلَّ لَهُ مَا يُوجَدُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَالتَّرْكُ إنَّمَا يُنَاسِبُ الْمَوْجُودَ إلَّا أَنْ يُدَّعَى أَنَّ الْمُرَادَ مَا يُوجَدُ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ الْمَوْجُودِ.

[تَتِمَّةٌ] : اشْتَرَى الثِّمَارَ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْجَارِ، فَرَأَى مِنْ كُلِّ شَجَرَةٍ بَعْضَهَا يَثْبُتُ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ بَحْرٌ ثُمَّ ذَكَرَ حُكْمَ بَيْعِ الْمُغَيَّبِ فِي الْأَرْضِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - فِي أَوَّلِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ.

(قَوْلُهُ: مَا جَازَ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ إلَخْ) هَذِهِ قَاعِدَةٌ مَذْكُورَةٌ فِي عَامَّةِ الْمُعْتَبَرَاتِ مُفَرَّعٌ عَلَيْهَا مَسَائِلُ مِنْهَا مَا ذُكِرَ هُنَا مِنَحٌ (قَوْلُهُ: صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعَقْدِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي عِبَارَةِ الْفَتْحِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ جَعْلِ الضَّمِيرِ فِي مِنْهُ رَاجِعًا لِلْمَبِيعِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ فَافْهَمْ، وَلَا يَصِحُّ إرْجَاعُهُ إلَى " مَا " لِأَنَّهَا وَاقِعَةٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَى، فَيَلْزَمُ اسْتِثْنَاءُ الشَّيْءِ مِنْ نَفْسِهِ كَمَا لَا يَخْفَى قَالَ فِي الْفَتْحِ وَبَيْعُ قَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ جَائِزٌ فَكَذَا اسْتِثْنَاؤُهُ بِخِلَافِ اسْتِثْنَاءِ الْحَمْلِ مِنْ الْجَارِيَةِ أَوْ الشَّاةِ وَأَطْرَافِ الْحَيَوَانِ لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ بَاعَ هَذِهِ الشَّاةَ إلَّا أَلْيَتَهَا أَوْ هَذَا الْعَبْدَ إلَّا يَدَهُ، فَيَصِيرُ مُشْتَرَكًا مُتَمَيِّزًا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مُشْتَرَكًا عَلَى الشُّيُوعِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ. اهـ. أَيْ كَبَيْعِ الْعَبْدِ إلَّا نِصْفَهُ مَثَلًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَيِّزٍ فِي جُزْءٍ بِعَيْنِهِ بَلْ شَائِعٌ فِي جَمِيعِ أَجْزَائِهِ فَيَجُوزُ. (قَوْلُهُ: يَصِحُّ إفْرَادُهَا) بِأَنْ يُوصِيَ بِهَا وَحْدَهَا بِدُونِ الرَّقَبَةِ اهـ ح. (قَوْلُهُ: دُونَ الِاسْتِثْنَاءِ) بِأَنْ يُوصِيَ لَهُ بِعَبْدٍ دُونَ خِدْمَتِهِ. اهـ.

ح وَقَيَّدَ بِالْخِدْمَةِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ فِي الْوَصِيَّةِ، حَتَّى يَكُونَ الْحَمْلُ مِيرَاثًا وَالْجَارِيَةُ وَصِيَّةً، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ أُخْتُ الْمِيرَاثِ، وَالْمِيرَاثُ يَجْرِي فِيمَا فِي الْبَطْنِ بِخِلَافِ الْخِدْمَةِ، وَالْغَلَّةُ كَالْخِدْمَةِ بَحْرٌ مِنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ. (قَوْلُهُ: وَشَاةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ قَطِيعٍ) أَمَّا لَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَلَا يَجُوزُ كَثَوْبٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ مِنْ عِدْلٍ أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>