للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَشْبَاهٌ مِنْ أَحْكَامِ الْفُسُوخِ. قَالَ: وَيُفْسَخُ بِإِقَالَةٍ وَتَحَالُفٍ، فَبَلَغَتْ تِسْعَةَ عَشَرَ شَيْئًا، وَأَغْلَبُهَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ يَعْرِفُهُ مَنْ مَارَسَ الْكِتَابَ.

(صَحَّ شَرْطُهُ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ) مَعًا، (وَلِأَحَدِهِمَا) وَلَوْ وَصِيًّا، (وَلِغَيْرِهِمَا) وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ

ــ

[رد المحتار]

عَنْ الزَّيْلَعِيِّ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ. فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَفِي الْعِمَادِيَّةِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَهُ ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى عَدَمِهِ وَسَيَأْتِي فِي فَصْلِ الْفُضُولِيِّ أَنَّ مِنْ الْمَوْقُوفِ بَيْعَ الْمَرْهُونِ وَالْمُسْتَأْجَرِ وَالْأَرْضِ فِي مُزَارَعَةِ الْغَيْرِ عَلَى إجَازَةِ مُرْتَهِنٍ وَمُسْتَأْجِرٍ وَمُزَارِعٍ اهـ. فَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يُجِزْ فَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فِي الِانْتِظَارِ وَالْفَسْخِ، وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي فَصْلِ الْفُضُولِيِّ.

(قَوْلُهُ: أَشْبَاهٌ) قَالَ فِيهَا: وَكُلُّهَا يُبَاشِرُهَا الْعَاقِدَانِ إلَّا التَّحَالُفَ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ بِهِ، وَإِنَّمَا يَفْسَخُهُ الْقَاضِي، وَكُلُّهَا تَحْتَاجُ إلَى الْفَسْخِ، وَلَا يَنْفَسِخُ شَيْءٌ مِنْهَا بِنَفْسِهِ. اهـ. ح. (قَوْلُهُ: وَيُفْسَخُ بِإِقَالَةٍ وَتَحَالُفٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْخِيَارِ لَا فِي مُجَرَّدِ الْفَسْخِ، لَكِنْ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَوْ أَقَالَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَالْآخَرُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْقَبُولِ وَعَدَمِهِ، وَكَذَا يُخَيَّرُ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيْنَ الْحَلِفِ وَعَدَمِهِ، فَلَوْ اخْتَارَ عَدَمَ الْحَلِفِ يَلْزَمُهُ دَعْوَى صَاحِبِهِ. وَصُورَةُ التَّحَالُفِ أَنْ يَخْتَلِفَا فِي قَدْرِ ثَمَنٍ أَوْ مَبِيعٍ أَوْ فِيهِمَا وَيَعْجِزَا عَنْ الْبَيِّنَةِ وَلَمْ يَرْضَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِدَعْوَى الْآخَرِ تَحَالَفَا وَفَسَخَ الْقَاضِي الْبَيْعَ بِطَلَبِ أَحَدِهِمَا، وَالْمَسْأَلَةُ مَبْسُوطَةٌ فِي بَابِ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى.

(قَوْلُهُ: صَحَّ شَرْطُهُ) أَيْ شَرْطُ الْخِيَارِ الْمَذْكُورِ، وَصَرَّحَ بِفَاعِلِ صَحَّ إشَارَةً إلَى أَنَّ ضَمِيرَ صَحَّ الْوَاقِعَ فِي عِبَارَةِ الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ عَائِدٌ إلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ فِي التَّرْجَمَةِ. قَالَ: فِي الْبَحْرِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ يَعُودُ إلَى الْخِيَارِ وَفِي الْوِقَايَةِ وَالنُّقَايَةِ: صَحَّ خِيَارُ الشَّرْطِ فَأَبْرَزَهُ، وَالْأَوْلَى مَا فِي الْإِصْلَاحِ: صَحَّ شَرْطُ الْخِيَارِ لِأَنَّ الْمَوْصُوفَ بِالصِّحَّةِ شَرْطُ الْخِيَارِ لَا نَفْسُ الْخِيَارِ. اهـ. فَالضَّمِيرُ عَلَى الْأَوَّلِ فِي كَلَامِ الْبَحْرِ عَائِدٌ إلَى الْمُضَافِ، وَعَلَى الْأَخِيرِ إلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ وَبِهِ جَزَمَ فِي النَّهْرِ فَقَالَ: الضَّمِيرُ فِي صَحَّ يَعُودُ إلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ بِقَرِينَةِ صَحَّ وَلَقَدْ أَفْصَحَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ فِي الْخُلْعِ حَيْثُ قَالَ: وَصَحَّ شَرْطُ الْخِيَارِ لَهَا فِي الْخُلْعِ لَا لَهُ، وَمَنْ غَفَلَ عَنْ هَذَا قَالَ مَا قَالَ. اهـ. قُلْتُ: فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الشَّرْطَ فِي التَّرْجَمَةِ عَامٌّ بِقَرِينَةِ الْإِضَافَةِ، وَلِقَوْلِهِمْ إنَّهُ مِنْ إضَافَةِ الْحُكْمِ إلَى سَبَبِهِ: أَيْ الْخِيَارِ الْوَاقِعِ بِسَبَبِ الشَّرْطِ فَلَا يَصِحُّ عَوْدُ الضَّمِيرِ إلَى الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ الْمَوْصُوفَ بِالصِّحَّةِ شَرْطٌ خَاصٌّ وَهُوَ شَرْطُ الْخِيَارِ الَّذِي أَفْصَحَ عَنْهُ فِي الْخُلْعِ، وَأَيْنَ الْعَامُّ مِنْ الْخَاصِّ؟ وَمَا فِي الْإِصْلَاحِ لَا يَصْلُحُ دَلِيلًا عَلَى عَوْدِهِ إلَى الشَّرْطِ، بَلْ هُوَ تَرْكِيبٌ آخَرُ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ. وَالْأَحْسَنُ مَا اسْتَظْهَرَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ عَوْدِهِ إلَى الْخِيَارِ، لَكِنْ بِقَيْدِ وَصْفِهِ بالمشروطية فَإِنَّهُ فِي الْأَصْلِ مِنْ إضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إلَى صِفَتِهِ: أَيْ الْخِيَارِ الْمَشْرُوطِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي كَوْنَ الشَّرْطِ سَبَبًا لِلْحُكْمِ كَمَا أَفَادَهُ الْحَمَوِيُّ.

وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ مُرَكَّبٌ إضَافِيٌّ صَارَ عَلَمًا فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ عَلَى مَا يَثْبُتُ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مِنْ الِاخْتِيَارِ بَيْنَ الْإِمْضَاءِ وَالْفَسْخِ، وَكَذَا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارُ التَّعْيِينِ وَخِيَارُ الْعَيْبِ، كَمَا صَارَ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ بِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ التَّرَاجِمِ عَلَمًا فِي اصْطِلَاحِ النَّحْوِيِّينَ عَلَى شَيْءٍ خَاصٍّ عِنْدَهُمْ، وَعَلَى هَذَا يَعُودُ الضَّمِيرُ فِي صَحَّ إلَى هَذَا الْمُرَكَّبِ الْإِضَافِيِّ، وَهُوَ مَا أَفْصَحَ عَنْهُ فِي الْوِقَايَةِ وَالنُّقَايَةِ كَمَا مَرَّ، فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ مُتَابَعَتُهُمَا لِخُلُوِّهِ مِنْ التَّكْلِيفِ وَالتَّعَسُّفِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَصِيًّا) وَكَذَا لَوْ وَكِيلًا. قَالَ: فِي الْبَحْرِ: وَلَوْ أَمَرَهُ بِبَيْعٍ مُطْلَقٍ فَعَقَدَ بِخِيَارٍ لَهُ أَوْ لِلْآمِرِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ صَحَّحَاهُ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِبَيْعٍ بِخِيَارٍ لِلْآمِرِ فَشَرَطَهُ لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِشِرَاءٍ بِخِيَارٍ لِلْآمِرِ فَاشْتَرَاهُ بِدُونِ الْخِيَارِ نَفَذَ الشِّرَاءُ عَلَيْهِ دُونَ الْآمِرِ لِلْمُخَالَفَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَمَرَهُ بِبَيْعٍ بِخِيَارٍ فَبَاعَ بَاتًّا حَيْثُ يَبْطُلُ أَصْلًا. اهـ. مُلَخَّصًا ط وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْفَرْعَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَلِغَيْرِهِمَا) وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لَهُمَا مَعَ ذَلِكَ الْغَيْرِ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ صَحَّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ) رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ اخْتِصَاصُهُ بِقَوْلِهِ وَلِغَيْرِهِمَا مَعَ أَنَّهُ جَارٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>