للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَثَمَنُهُ فِي الثَّانِيَةِ، وَلَوْ يَرْتَفِعُ كَمَرَضٍ، فَإِنْ زَالَ فِي الْمُدَّةِ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْعَقْدُ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ ابْنُ كَمَالٍ. (وَلَا يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي خِلَافًا لَهُمَا) لِئَلَّا يَصِيرَ سَائِبَةً. قُلْنَا: السَّائِبَةُ هِيَ الَّتِي لَا مِلْكَ فِيهَا لِأَحَدٍ وَلَا تَعَلُّقَ مِلْكٍ، وَالثَّانِي مَوْجُودٌ هُنَا، وَيَلْزَمَكُمْ اجْتِمَاعُ الْبَدَلَيْنِ وَالْعَوْدُ عَلَى مَوْضُوعِهِ بِالنَّقْضِ بِشِرَاءِ قَرِيبِهِ.

(وَلَا يَخْرُجُ شَيْءٌ مِنْهُمَا)

ــ

[رد المحتار]

مِثْلِهَا أَيْ مِثْلِ وَزْنِهَا؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِإِبْطَالِ حَقِّهِ فِي الْجَوْدَةِ وَبَيْنَ تَضْمِينِ قِيمَتِهَا: أَيْ مِنْ خِلَافِ الْجِنْسِ.

وَفِي مَسْأَلَتِنَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فِي بَيْعِ الرِّبَوِيِّ وَعَيَّبَهُ الْمُشْتَرِي وَاخْتَارَ الْبَائِعُ الْفَسْخَ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ نُقْصَانِ الْعَيْبِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ الْخِيَارَاتُ الْمَذْكُورَةُ. تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ مَا كَانَ الْخِيَارُ فِيهَا لِلْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: وَلَوْ يَرْتَفِعُ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ بِعَيْبٍ لَا يَرْتَفِعُ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ) أَيْ فَلَهُ الْفَسْخُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَرَدُّ الْمَبِيعِ عَلَى بَائِعِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَزُلْ الْمَرَضُ فِي الْمُدَّةِ لَزِمَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ رَدُّهُ فِي الْمُدَّةِ مَعِيبًا لِتَضَرُّرِ الْبَائِعِ، وَلَوْ زَالَ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ لَزِمَ الْعَقْدُ بِمُضِيِّهَا. (قَوْلُهُ: ابْنُ كَمَالٍ) وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَالْجَوْهَرَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ فَقَطْ، لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ يَصِحُّ إعْتَاقُهُ وَيَكُونُ إمْضَاءً. وَفِي السِّرَاجِ: تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ جَازَ تَصَرُّفُهُ وَيَكُونُ إجَازَةً مِنْهُ.

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لَوْ رَهَنَ الثَّمَنَ رَهْنًا جَازَ الرَّهْنُ بِهِ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ أَبْرَأَهُ الْبَائِعُ عَنْ الثَّمَنِ لَمْ يَجُزْ إبْرَاؤُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. اهـ. فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ الرَّهْنُ أَيْضًا. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِبْرَاءَ يَعْتَمِدُ الدَّيْنَ وَلَا دَيْنَ لَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ الرَّهْنِ بِدَلِيلِ صِحَّتِهِ بِالدَّيْنِ الْمَوْعُودِ بِهِ، لَكِنْ فِي الْمِعْرَاجِ أَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ الرَّهْنِ بِالثَّمَنِ قِيَاسٌ وَالِاسْتِحْسَانُ صِحَّتُهُ لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ بَعْدَ وُجُودِ السَّبَبِ وَهُوَ الْبَيْعُ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ: وَفِيهِ عَلَى الْخُلَاصَةِ أَنَّ زَوَائِدَ الْمَبِيعِ مَوْقُوفَةٌ، إنْ تَمَّ الْبَيْعُ كَانَتْ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ يُفْسَخْ كَانَتْ لِلْبَائِعِ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لَهُمَا) حَيْثُ قَالَا: إنَّهُ يَمْلِكُهُ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَصِيرَ سَائِبَةً) أَيْ شَيْئًا لَا مَالِكَ لَهُ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي الْمِلْكِ، وَهَذَا دَلِيلٌ لِقَوْلِهِمَا إنَّهُ يَمْلِكُهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ أَيْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَمْلِكْهُ لَزِمَ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ لَا إلَى مَالِكٍ فَيَكُونَ كَالسَّائِبَةِ وَلَا عَهْدَ لَنَا بِهِ فِي الشَّرْعِ يَعْنِي فِي الْمُعَاوَضَاتِ لِئَلَّا يَرِدَ نَحْوُ التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ بِالدَّيْنِ فَإِنَّهَا تَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ الْمَيِّتِ وَلَا تَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْوَرَثَةِ وَلَا الْغُرَمَاءِ، وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ وَالْفَتْحِ. (قَوْلُهُ: قُلْنَا) أَيْ مِنْ طَرَفِ الْإِمَامِ، وَهُوَ جَوَابٌ يَمْنَعُ كَوْنَهُ كَالسَّائِبَةِ. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي مَوْجُودٌ هُنَا) وَهُوَ عُلْقَةُ الْمِلْكِ: أَيْ لِلْبَائِعِ، إذْ قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ فَيَعُودُ إلَيْهِ حَقِيقَةُ مِلْكِهِ وَلِلْمُشْتَرِي أَيْضًا إذْ قَدْ يَسْقُطُ خِيَارُهُ فَيَكُونُ لَهُ ط.

(قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُكُمْ إلَخْ) اسْتِدْلَالٌ لِلْإِمَامِ بِطَرِيقِ النَّقْضِ الْإِجْمَالِيِّ لِدَلِيلِ الْخَصْمِ بِاسْتِلْزَامِهِ الْفَسَادَ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ مَا فِي النَّهْرِ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي مَعَ كَوْنِ الثَّمَنِ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ مِلْكِهِ لَزِمَ اجْتِمَاعُ الْبَدَلَيْنِ فِي حُكْمِ مِلْكِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ حُكْمًا لِلْمُعَاوَضَةِ وَلَا أَصْلَ لَهُ فِي الشَّرْعِ، يَعْنِي فِي بَابِ الْمُعَاوَضَةِ فَإِنَّهَا تَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ بَيْنَهُمَا فِي تَبَادُلِ مِلْكَيْهِمَا، فَلَا يَرِدُ مَا لَوْ غَصَبَ الْمُدَبَّرَ وَأَبَقَ مِنْ يَدِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ الْمَالِكِ فَيَجْتَمِعُ الْعِوَضَانِ فِي مِلْكٍ لِأَنَّهُ ضَمَانُ جِنَايَةٍ لَا مُعَاوَضَةٍ. وَالثَّانِي مَا فِي الْفَتْحِ مِنْ أَنَّ خِيَارَ الْمُشْتَرِي شُرِعَ نَظَرًا لَهُ لِيَتَرَوَّى فَيَقِفَ عَلَى الْمَصْلَحَةِ، فَلَوْ أَثْبَتْنَا الْمِلْكَ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ مَعَ خِيَارِهِ أَلْحَقْنَاهُ نَقِيضَ مَقْصُودِهِ، إذْ رُبَّمَا كَانَ الْمَبِيعُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَيَعْتِقُ بِلَا اخْتِيَارِهِ فَيَعُودُ شَرْعُ الْخِيَارِ عَلَى مَوْضُوعِهِ بِالنَّقْضِ إذْ كَانَ مُفَوِّتًا لِلنَّظَرِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَخْرُجُ شَيْءٌ مِنْهُمَا إلَخْ) فَإِنْ تَصَرَّفَ الْبَائِعُ جَازَ وَكَانَ فَسْخًا وَكَذَا إنْ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ إنْ كَانَ عَيْنًا، وَتَصَرُّفُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِيمَا اشْتَرَاهُ بَاطِلٌ، وَأَيُّهُمَا هَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بَطَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>