للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْخِيَارِ فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا) بِالْبَيْعِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً (لَا يَرُدُّهُ الْآخَرُ) بَلْ بَطَلَ خِيَارُهُ خِلَافًا لَهُمَا. (وَكَذَا) الْخِلَافُ فِي خِيَارِ (الرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ) فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الرَّدُّ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ: أَيْ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْآخَرِ أَوْ رِضَاهُ بِالْعَيْبِ خِلَافًا لَهُمَا لِضَرَرِ الْبَائِعِ بِعَيْبِ الشَّرِكَةِ (كَمَا يَلْزَمُ الْبَيْعُ لَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ عَبْدًا مِنْ رَجُلَيْنِ صَفْقَةً) وَاحِدَةً (عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ لَهُمَا) لِلْبَائِعَيْنِ (فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ) فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ إجَازَةً أَوْ رَدًّا خِلَافًا لَهُمَا مَجْمَعٌ.

(اشْتَرَى عَبْدًا بِشَرْطِ خَبْزِهِ أَوْ كَتْبِهِ) أَيْ حِرْفَتِهِ كَذَلِكَ (فَظَهَرَ بِخِلَافِهِ) بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مَعَهُ أَدْنَى مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْكِتَابَةِ أَوْ الْخَبْزِ (أَخَذَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ) إنْ شَاءَ (أَوْ تَرَكَهُ) لِفَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْقَبْضِ حَتَّى يَعْلَمَ ذَلِكَ وَكَذَا سَائِرُ الْحِرَفِ اخْتِيَارٌ، وَلَوْ امْتَنَعَ الرَّدُّ بِسَبَبِ مَا قَوَّمَ كَاتِبًا وَغَيْرَ كَاتِبٍ

ــ

[رد المحتار]

بِالثَّلَاثَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَتْحٌ وَتَمَامُهُ فِيهِ، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَرَاضَيَا إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ تَرَاضَيَا، وَظَاهِرُهُ أَنَّ اشْتِرَاطَ تَوْقِيتِ خِيَارِ التَّعْيِينِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَعَ خِيَارِ التَّعْيِينِ خِيَارُ الشَّرْطِ لَا عَلَى الْقَوْلِ بِالِاشْتِرَاطِ، خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْبَحْرِ الْمَارُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ مُوَقَّتٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَوْقِيتِ التَّعْيِينِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا) قَالَ: فِي الْبَحْرِ: ذَكَرَ الرِّضَا إذْ لَوْ رَدَّ أَحَدُهُمَا لَا يُجِيزُهُ الْآخَرُ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا، وَلَكِنَّ قَوْلَهُمْ لَوْ رَدَّهُ أَحَدُهُمَا لَرَدَّهُ مَعِيبًا يَدُلُّ عَلَيْهِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ دَلَالَةً) كَبَيْعٍ وَإِعْتَاقٍ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ رُؤْيَةِ الْآخَرِ) أَيْ وَرِضَاهُ بِهِ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الرُّؤْيَةِ لَا يُوجِبُ تَمَامَ الْبَيْعِ ط. (قَوْلُهُ: لِضَرَرِ الْبَائِعِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ الرَّدِّ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ. وَوَجْهُ كَوْنِ الشَّرِكَةِ عَيْبًا أَنَّهُ صَارَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِهِ إلَّا بِطَرِيقِ الْمُهَايَأَةِ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ. (قَوْلُهُ: صَفْقَةً وَاحِدَةً) قَيَّدَ بِهِ، إذْ لَوْ كَانَ الْعَقْدُ صَفْقَتَيْنِ فَلِكُلٍّ الرَّدُّ وَالْإِجَازَةُ مُخَالِفًا لِلْآخَرِ لِرِضَا الْمُشْتَرِي بِعَيْبِ الشَّرِكَةِ كَمَا لَا يَخْفَى ط. (قَوْلُهُ: لِلْبَائِعَيْنِ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ لَهُمَا. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ إجَازَةً) أَيْ بَعْدَ مَا رَدَّ الْآخَرُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ رَدًّا أَيْ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ رَدًّا بَعْدَمَا أَجَازَهُ الْآخَرُ اهـ. ح.

ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ التَّفْرِيعَ غَيْرُ ظَاهِرٍ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَوْ رَدَّ أَحَدُهُمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَا يُجِيزُهُ الْآخَرُ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا إلَخْ، وَهَذَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ بِقَوْلِهِ لَوْ بَاعَ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ إجَازَةً أَوْ رَدًّا لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ: اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ رَجُلَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً عَلَى أَنَّ الْبَائِعَيْنِ بِالْخِيَارِ فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا بِالْبَيْعِ وَلَمْ يَرْضَ الْآخَرُ لَزِمَهُمَا الْبَيْعُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. اهـ. وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مَا فِي الْخَانِيَّةِ لَا يَدُلُّ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ رَدًّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بَحْثٌ مِنْهُ كَمَا بَحَثَ مِثْلَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ. (قَوْلُهُ: مَجْمَعٌ) لَمْ أَرَهُ فِيهِ، نَعَمْ قَالَ: فِي شَرْحِهِ لِابْنِ مَلَكٍ قَيَّدَ بِالْمُشْتَرِيَيْنِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَوْ اثْنَيْنِ وَالْمُشْتَرِي وَاحِدًا وَفِي الْبَيْعِ خِيَارُ شَرْطٍ أَوْ عَيْبٍ فَرَدَّ الْمُشْتَرِي نَصِيبَ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ بِحُكْمِ الْخِيَارِ جَازَ اتِّفَاقًا كَذَا فِي جَامِعِ الْمَحْبُوبِيِّ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ وَغُرَرِ الْأَذْكَارِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ غَيْرُ مَا فِي الْمَتْنِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ فِي رَدِّ الْمُشْتَرِي وَتِلْكَ فِي رِضَا أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ، وَهَذِهِ وِفَاقِيَّةٌ وَتِلْكَ خِلَافِيَّةٌ كَمَا مَرَّ عَنْ الْخَانِيَّةِ. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ خَبْزِهِ) أَيْ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ، وَسَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ بَيَانُ الْوَصْفِ الَّذِي يَصِحُّ شَرْطُهُ وَمَا لَا يَصِحُّ. (قَوْلُهُ: أَيْ حِرْفَتُهُ كَذَلِكَ) لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ هَذَا الْفِعْلَ أَحْيَانًا لَا يُسَمَّى خَبَّازًا بَحْرٌ عَنْ الْمِعْرَاجِ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ إلَخْ) أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ النِّهَايَةَ فِي الْجَوْدَةِ، بَلْ أَدْنَى الِاسْمِ بِأَنْ يَفْعَلَ مِنْ ذَلِكَ مَا يُسَمَّى بِهِ الْفَاعِلُ خَبَّازًا أَوْ كَاتِبًا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَا يَعْجَزُ فِي الْعَادَةِ عَنْ أَنْ يَكْتُبَ عَلَى وَجْهٍ تَتَبَيَّنُ حُرُوفُهُ وَأَنْ يَخْبِزَ مِقْدَارَ مَا يَدْفَعُ الْهَلَاكَ عَنْ نَفْسِهِ، وَبِذَلِكَ لَا يُسَمَّى خَبَّازًا وَلَا كَاتِبًا بَحْرٌ عَنْ الذَّخِيرَةِ. وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ إبْدَالُ قَوْلِ الشَّارِحِ اسْمَ الْكَاتِبِ وَالْخَبَّازِ، وَلِذَا قَالَ: فِي الْفَتْحِ أَعْنِي الِاسْمَ الْمُشْعِرَ بِالْحِرْفَةِ. (قَوْلُهُ: أَخَذَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ) لِأَنَّ الْأَوْصَافَ لَا يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ مَا لَمْ تَكُنْ مَقْصُودَةً دُرٌّ مُنْتَقًى وَقَصَدَ الْوَصْفَ بِإِفْرَادِهِ بِذِكْرِ الثَّمَنِ كَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ بَاعَ الْمَذْرُوعَ كُلَّ ذِرَاعٍ بِكَذَا. (قَوْلُهُ: لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْقَبْضِ) لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ وَقَعَ فِي وَصْفٍ عَارِضٍ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْعَدَمُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي

<<  <  ج: ص:  >  >>