شَرَى دَارًا عَلَى أَنَّ بِنَاءَهَا بِالْآجُرِّ فَإِذَا هُوَ بِلَبِنٍ أَوْ أَرْضًا عَلَى أَنْ شَجَرَهَا كُلِّهَا مُثْمِرٌ فَإِذَا وَاحِدَةٌ مِنْهَا لَا تُثْمِرُ أَوْ ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ مَصْبُوغٌ بِعُصْفُرٍ فَإِذَا هُوَ بِزَعْفَرَانٍ فَسَدَ، وَلَوْ عَلَى أَنَّهَا بَغْلَةٌ مَثَلًا فَإِذَا هُوَ بَغْلٌ جَازَ وَخُيِّرَ، وَبِعَكْسِهِ جَازَ بِلَا خِيَارٍ لِكَوْنِهِ عَلَى صِفَةٍ خَيْرٍ مِنْ الْمَشْرُوطِ. فَلْيُحْفَظْ الضَّابِطُ.
ــ
[رد المحتار]
وَلَا صِفَةٍ لِلْمَبِيعِ لَا يُوجِبُ الْخِيَارَ. أَمَّا قَوْلُهُ: بِأَجْذَاعِهَا وَأَبْوَابِهَا فَلَهُ الْخِيَارُ لِأَنَّهُ جَعَلَهَا صِفَةً لِلدَّارِ فَالْبَيْعُ يَتَنَاوَلُ الْمَوْصُوفَ بِصِفَتِهِ فَإِذَا لَمْ يَجِدْهُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ فَلَهُ الْخِيَارُ اهـ. وَأَفَادَ أَنَّهُ لَوْ ذُكِرَ عَلَى وَجْهِ الشَّرْطِ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ الْآخَرُ أَيْضًا، لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: بَاعَ أَرْضًا عَلَى أَنَّ فِيهِ نَخِيلًا، أَوْ دَارًا عَلَى أَنَّ فِيهِ بُيُوتًا وَلَمْ يَكُنْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْعَقْدُ وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي أَخَذَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ تَرَكَ. وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ مَا يَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ بِلَا شَرْطٍ إذَا شُرِطَ وَعُدِمَ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَجُوزُ، وَمَا لَا يَدْخُلُ بِلَا شَرْطٍ إذَا شُرِطَ وَلَمْ يُوجَدْ لَمْ يَجُزْ. اهـ. فَافْهَمْ. .
(قَوْلُهُ: شَرَى دَارًا إلَخْ) قَالَ: فِي الْفَتْحِ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ فِي الْمَبِيعِ مَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ وَوَجَدَهُ بِخِلَافِهِ، فَتَارَةً يَكُونُ الْبَيْعُ فَاسِدًا وَتَارَةً يَسْتَمِرُّ عَلَى الصِّحَّةِ وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ، وَتَارَةً يَسْتَمِرُّ صَحِيحًا وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي، وَهُوَ مَا إذَا وَجَدَهُ خَيْرًا مِمَّا شَرَطَهُ. وَضَابِطُهُ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى فَفِيهِ الْخِيَارُ. وَالثِّيَابُ أَجْنَاسٌ أَعْنِي الْهَرَوِيَّ وَالْإِسْكَنْدَرِيّ وَالْكَتَّانَ وَالْقُطْنَ. وَالذَّكَرُ مَعَ الْأُنْثَى فِي بَنِي آدَمَ جِنْسَانِ. وَفِي سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ جِنْسٌ وَاحِدٌ. وَالضَّابِطُ فُحْشُ التَّفَاوُتِ فِي الْأَغْرَاضِ وَعَدَمُهُ اهـ. أَيْ ضَابِطُ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَعَدَمِهِ فُحْشُ التَّفَاوُتِ فِي الْمَقَاصِدِ وَعَدَمُهُ.
(قَوْلُهُ: فَسَدَ) أَيْ لِفُحْشِ التَّفَاوُتِ فَيَكُونُ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ، وَعِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ لَا يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ خَيْرًا مِمَّا شَرَطَهُ كَالْمَصْبُوغِ بِزَعْفَرَانٍ، وَلِذَا ذَكَرَ فِي الْفَتْحِ مِنْ أَمْثِلَةِ الْفَاسِدِ: لَوْ اشْتَرَى دَارًا عَلَى أَنْ لَا بِنَاءَ وَلَا نَخْلَ فِيهَا فَإِذَا فِيهَا بِنَاءٌ أَوْ نَخْلٌ أَوْ عَلَى أَنَّهُ عَبْدٌ فَإِذَا هُوَ جَارِيَةٌ فَافْهَمْ، نَعَمْ عَلَّلَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ الْفَسَادَ فِي اشْتِرَاطِ أَنْ لَا بِنَاءَ فِيهَا بِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى النَّقْضِ وَيُشْكِلُ مَسْأَلَةُ الشَّجَرَةِ الَّتِي لَا تُثْمِرُ فَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ اخْتِلَافُ الْجِنْسِ فِيهَا، فَالظَّاهِرُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ بَاعَ أَرْضًا عَلَى أَنَّ فِيهَا كَذَا شَجَرًا مُثْمِرًا بِثَمَرِهَا فَوَجَدَ فِيهَا نَخْلَةً لَا تُثْمِرُ فَسَدَ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ لَهَا قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ بِالذِّكْرِ وَسَقَطَ حِصَّةُ الْمَعْدُومِ وَلَا يُعْلَمُ كَمْ الْبَاقِي مِنْ الثَّمَنِ فَأَشْبَهَ شِرَاءَ شَاةٍ مَذْبُوحَةٍ فَإِذَا فَخِذُهَا مَقْطُوعَةٌ. اهـ. تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: جَازَ وَخُيِّرَ) أَيْ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ لِكَوْنِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ جِنْسًا وَاحِدًا، وَإِنَّمَا خُيِّرَ لِكَوْنِ الْأُنْثَى فِي الْحَيَوَانَاتِ خَيْرًا مِنْ الذَّكَرِ فَقَدْ فَاتَ الْوَصْفُ الْمَرْغُوبُ فَيُخَيَّرُ. قَالَ: فِي الْفَتْحِ: وَكَذَا عَلَى أَنَّهُ نَاقَةٌ فَكَانَ جَمَلًا، أَوْ لَحْمُ مَعَزٍ فَكَانَ لَحْمَ ضَأْنٍ، أَوْ عَلَى عَكْسِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ. اهـ. أَيْ لِأَنَّ ذَلِكَ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَلِذَا لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا فِي الزَّكَاةِ.
(قَوْلُهُ: وَبِعَكْسِهِ) بِأَنْ اشْتَرَى عَلَى أَنَّهُ بَغْلٌ فَإِذَا هُوَ بَغْلَةٌ، وَكَذَا عَلَى أَنَّهُ حِمَارٌ أَوْ بَعِيرٌ فَإِذَا هُوَ أَتَانٌ أَوْ نَاقَةٌ أَوْ جَارِيَةٌ عَلَى أَنَّهَا رَتْقَاءُ أَوْ حُبْلَى أَوْ ثَيِّبٌ فَإِذَا هُوَ بِخِلَافِهِ جَازَ وَلَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ صِفَةٌ أَفْضَلُ مِنْ الْمَشْرُوطَةِ، وَيَنْبَغِي فِي مَسْأَلَةِ الْبَعِيرِ وَالنَّاقَةِ أَنْ يَكُونَ فِي الْعَرَبِ وَأَهْلِ الْبَوَادِي الَّذِينَ يَطْلُبُونَ الدَّرَّ وَالنَّسْلَ، أَمَّا أَهْلُ الْمُدُنِ وَالْمُكَارِيَةُ فَالْبَعِيرُ أَفْضَلُ فَتْحٌ وَذَكَرَ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَنَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ ذَكَرَ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ فَإِذَا هُوَ كَاتِبٌ خُيِّرَ مَعَ أَنَّ صِنَاعَةَ الْكِتَابَةِ أَشْرَفُ عِنْدَ النَّاسِ، وَكَانَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنْ الْمَشَايِخِ الَّذِينَ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ كَوْنِ الصِّفَةِ الَّتِي ظَهَرَتْ أَشْرَفَ أَوْ لَا. وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى أَنَّ الْخِيَارَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَوْجُودُ أَنْقَصَ وَصَحَّحَ الْأَوَّلَ لِفَوَاتِ غَرَضِ الْمُشْتَرِي، بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ كَافِرٌ فَإِذَا هُوَ مُسْلِمٌ فَلَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِخْدَامَ لَا يَتَفَاوَتُ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ، بِخِلَافِ تَعْيِينِ الْخُبْزِ أَوْ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ حَاجَتَهُ هَذَا الْوَصْفُ. اهـ. مُلَخَّصًا. وَمُفَادُهُ تَصْحِيحُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَإِنْ ظَهَرَ الْوَصْفُ أَفْضَلَ مِنْ الْمَشْرُوطِ إلَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْوَصْفَيْنِ فِي الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ لِلْمُشْتَرِي كَالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ. (قَوْلُهُ: فَلْيُحْفَظْ الضَّابِطُ) هُوَ مَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلًا عَنْ الْفَتْحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute