للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ زُفَرُ: لَا بُدَّ مِنْ نَشْرِهِ كُلِّهِ، هُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، (وَدَاخِلِ دَارٍ) وَقَالَ زُفَرُ: لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ دَاخِلِ الْبُيُوتِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى جَوْهَرَةٌ، وَهَذَا اخْتِلَافُ زَمَانٍ لَا بُرْهَانٍ، وَمِثْلُهُ الْكَرْمُ وَالْبُسْتَانُ. (وَ) كَفَى (حَبْسُ شَاةِ لَحْمٍ، وَنَظَرُ) جَمِيعِ جَسَدِ

ــ

[رد المحتار]

قَدْرَ الْأُصْبُعِ وَيُلْصِقُونَ الْقِطَعَ فِي وَرَقَةٍ، فَيُعْلَمُ حَالُ جَمِيعِ الْأَثْوَابِ بِرُؤْيَةِ هَذِهِ الْوَرَقَةِ وَيَكُونُ طُولُ الثَّوْبِ وَعَرْضُهُ مَعْلُومًا فَإِذَا وُجِدَتْ الْأَثْوَابُ كُلُّهَا عَلَى الْحَالِ الْمَرْئِيِّ وَالْمَعْلُومِ بِلَا تَفَاوُتٍ بَيْنَهَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ، لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ كَالْجَوْزِ وَالْبَيْضِ، إذْ لَا شَكَّ أَنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ تَفَاوُتٌ بَيْنَ جَوْزَةٍ وَجَوْزَةٍ وَلَكِنَّهُ يَسِيرٌ لَا يَنْقُصُ الثَّمَنَ، فَإِذَا كَانَ نَوْعٌ مِنْ الثِّيَابِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَخْتَلِفُ ثَوْبٌ مِنْهَا عَنْ ثَوْبٍ اخْتِلَافًا يَنْقُصُ الثَّمَنَ عَادَةً كَانَ كَذَلِكَ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ الثِّيَابُ مِنْ سُدًى وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا: إنَّهُ يُكْتَفَى بِرُؤْيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْعِلْمِ بِالْمَقْصُودِ.

وَفِي الزَّيْلَعِيِّ: لَوْ كَانَ أَشْيَاءُ لَا تَتَفَاوَتُ آحَادُهُ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، وَعَلَامَتُهُ أَنْ يُعْرَضَ بِالنَّمُوذَجِ يُكْتَفَى بِرُؤْيَةِ بَعْضِهِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالِاكْتِفَاءِ بِالْبَعْضِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَلِوُقُوعِ الْعِلْمِ بِهِ بِالْبَاقِي إلَّا إذَا كَانَ الْبَاقِي أَرْدَأَ فَلَهُ الْخِيَارُ فِيهِ وَفِيمَا رَأَى، وَإِنْ كَانَ آحَادُهُ تَتَفَاوَتُ وَهُوَ الَّذِي لَا يُبَاعُ بِالنَّمُوذَجِ كَالثِّيَابِ وَالدَّوَابِّ وَالْعَبِيدِ فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ؛ لِأَنَّهُ بِرُؤْيَةِ بَعْضِهَا لَا يَقَعُ الْعِلْمُ بِالْبَاقِي لِلتَّفَاوُتِ. اهـ. أَيْ لِلتَّفَاوُتِ الْفَاحِشِ بَيْنَ عَبْدٍ وَعَبْدٍ وَثَوْبٍ وَثَوْبٍ، لَكِنَّهُ جَعَلَ الْمَنَاطَ فِي الْفَرْقِ تَفَاوُتَ الْآحَادِ وَعَدَمَهُ وَعَرْضَهُ فِي الْعُرْفِ بِالنَّمُوذَجِ وَعَدَمَهُ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ نَوْعٌ مِنْ الثِّيَابِ لَا تَتَفَاوَتُ آحَادُهُ، وَيُعْرَضُ بِالنَّمُوذَجِ فِي الْعَادَةِ كَمَا قُلْنَا فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ. وَذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْمَذْرُوعَاتِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ ضَبْطُهَا بِذِكْرِ الذَّرْعِ وَالصِّفَةِ وَالصَّنْعَةِ لَا فِي الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَفَاوُتًا فَاحِشًا فِي الْمَالِيَّةِ بِاعْتِبَارِ الْمَعَانِي الْبَاطِنَةِ فَيُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ، بِخِلَافِ الثِّيَابِ؛ لِأَنَّهُ مَصْنُوعُ الْعِبَادِ فَقَلَّمَا يَتَفَاوَتُ الثَّوْبَانِ إذَا نُسِجَا عَلَى مِنْوَالٍ وَاحِدٍ. اهـ. وَمُرَادُهُ أَنَّهُمَا يَتَفَاوَتَانِ قَلِيلًا كَمَا فِي الْفَتْحِ أَيْ بِحَيْثُ لَا يُعْتَبَرُ عَادَةً وَلَا يُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ، فَقَدْ اغْتَفَرُوا التَّفَاوُتَ الْيَسِيرَ فِي السَّلَمِ الْوَارِدِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مَعْدُومٌ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ هُنَا كَذَلِكَ، وَلِهَذَا اُكْتُفِيَ فِي الْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ بِرُؤْيَةِ الْبَعْضِ فِي الصَّحِيحِ خِلَافًا لِلْكَرْخِيِّ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي بَحْثًا.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ: زُفَرُ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: قِيلَ: هَذَا قَوْلُ زُفَرَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَاكْتَفَى الثَّلَاثَةُ بِرُؤْيَةِ خَارِجِهَا وَكَذَا بِرُؤْيَةِ صَحْنِهَا وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذَا بِنَاءٌ عَلَى عَادَتِهِمْ فِي الْكُوفَةِ أَوْ بَغْدَادَ فَإِنَّ دُورَهُمْ لَمْ تَكُنْ مُتَفَاوِتَةً إلَّا فِي الْكِبَرِ وَالصِّغَرِ وَكَوْنِهَا جَدِيدَةً أَوْ لَا، فَأَمَّا فِي دِيَارِنَا فَهِيَ مُتَفَاوِتَةٌ. قَالَ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ: لِأَنَّ بُيُوتَ الشَّتْوِيَّةِ وَالصَّيْفِيَّةِ وَالْعُلْوِيَّةِ وَالسُّفْلِيَّةِ مَرَافِقَهَا وَمَطَابِخَهَا وَسُطُوحَهَا مُخْتَلِفَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي الْأَظْهَرِ. وَفِي الْفَتْحِ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي دِيَارِ مِصْرَ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ، وَبِهَذَا عُرِفَ أَنَّ كَوْنَ مَا فِي الْكِتَابِ قَوْلَ زُفَرَ كَمَا ظَنَّهُ بَعْضُهُمْ غَيْرُ وَاقِعٍ مَوْقِعَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي زَمَانِهِمْ، وَلَمْ يَكْتَفِ بِرُؤْيَةِ الْخَارِجِ فَكَانَ مَذْهَبُهُ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِهِ مُطْلَقًا. اهـ. كَلَامُ النَّهْرِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ أَئِمَّتَنَا الثَّلَاثَةَ اكْتَفَوْا بِرُؤْيَةِ خَارِجِ الْبُيُوتِ وَصَحْنِ الدَّارِ لِكَوْنِهَا غَيْرَ مُتَفَاوِتَةٍ فِي زَمَنِهِمْ وَزُفَرُ كَانَ فِي زَمَانِهِمْ وَقَدْ خَالَفَهُمْ، فَعُلِمَ أَنَّهُ قَائِلٌ بِاشْتِرَاطِ رُؤْيَةِ دَاخِلِهَا وَإِنْ لَمْ تَتَفَاوَتْ، وَهَذَا خِلَافُ مَا صَحَّحُوهُ مِنْ اشْتِرَاطِ رُؤْيَةِ دَاخِلِهَا فِي دِيَارِنَا لِتَفَاوُتِهَا فَيَكُونُ اخْتِلَافَ عَصْرٍ وَزَمَانٍ. أَمَّا خِلَافُ زُفَرَ فَهُوَ اخْتِلَافُ حُجَّةٍ وَبُرْهَانٍ لَا اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الْكَرْمُ وَالْبُسْتَانُ) فَلَا بُدَّ فِي الْبُسْتَانِ مِنْ رُؤْيَةِ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ، وَفِي الْكَرْمِ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ الْعِنَبِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ شَيْئًا، وَفِي الرُّمَّانِ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ الْحُلْوِ وَالْحَامِضِ، وَفِي الثِّمَارِ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْجَارِ تُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ جَمِيعِهَا، بِخِلَافِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى الْأَرْضِ بَحْرٌ. وَذَكَرَ فِي فَصْلِ مَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا اشْتَرَى الثِّمَارَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>