وَهَذِهِ إحْدَى سِتِّ مَسَائِلَ لَا رُجُوعَ فِيهَا بِالنُّقْصَانِ مَذْكُورَةٌ فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَذَكَرْنَا فِي شَرْحِنَا لِلْمُلْتَقَى مَعْزِيًّا لِلْقُنْيَةِ أَنَّهُ قَدْ يُرَدُّ بِالْعَيْبِ وَلَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ (كَالْإِبَاقِ) إذَا أَبَقَ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ فِي الْبَلْدَةِ
ــ
[رد المحتار]
وَبِالتَّكْفِينِ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ. وَزَوَالُ الْمِلْكِ بِفِعْلٍ مَضْمُونٍ يُسْقِطُ الْأَرْشَ. وَأَمَّا مَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ مِقْدَارَ الْكَفَنِ لَا يَمْلِكُهُ الْوَارِثُ مِنْ التَّرِكَةِ، فَإِذَا اشْتَرَاهُ وَكَفَّنَ بِهِ لَمْ يَنْتَقِلْ بِالتَّكْفِينِ عَنْ الْمِلْكِ الَّذِي أَوْجَبَهُ الْعَقْدُ، وَقَدْ تَعَذَّرَ فِيهِ الرَّدُّ فَرَجَعَ بِالْأَرْشِ. اهـ وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ إحْدَى سِتِّ مَسَائِلَ إلَخْ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ صَاحِبَ النَّهْرِ حَيْثُ قَالَ: لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ فِي مَسَائِلَ، ثُمَّ نَقَلَ سِتَّ مَسَائِلَ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ لَيْسَ فِيهَا التَّصْرِيحُ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ لَوْ بَاعَ الْوَارِثُ مِنْ مُوَرِّثِهِ فَمَاتَ الْمُشْتَرِي وَوَرِثَهُ الْبَائِعُ وَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا رُدَّ إلَى الْوَارِثِ الْآخَرِ إنْ كَانَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَاهُ لَا يَرُدُّهُ وَلَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ فَافْهَمْ.
وَزَادَ فِي الْبَحْرِ مَسْأَلَةً أُخْرَى عَنْ الْمُحِيطِ: لَوْ اشْتَرَى الْمَوْلَى مِنْ مُكَاتَبِهِ فَوَجَدَ عَيْبًا لَا يَرُدُّ وَلَا يَرْجِعُ وَلَا يُخَاصِمُ بَائِعَهُ لِكَوْنِهِ عَبْدَهُ. اهـ وَسَيَأْتِي مَسَائِلُ أُخَرُ فِي الشَّرْحِ وَالْمَتْنِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ حَدَثَ عَيْبٌ آخَرُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي رَجَعَ بِنُقْصَانِهِ إلَخْ. وَذَكَرَ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ مَسْأَلَةً أُخْرَى عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ خَرَقَ ثَوْبًا، وَهِيَ مَا لَوْ شَرَى حِيَاصَةَ فِضَّةٍ مُمَوَّهَةً بِالذَّهَبِ بِوَزْنِهَا فِضَّةً فَزَالَ تَمْوِيهُهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَلَا رُجُوعَ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ لِتَعَيُّبِهَا بِزَوَالِ التَّمْوِيهِ وَلَا بِالنُّقْصَانِ لِلُزُومِ الرِّبَا. وَمِنْهَا مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: كُلُّ تَصَرُّفٍ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ يَمْنَعُ الرَّدَّ وَالرُّجُوعَ بِالنَّقْصِ (قَوْلُهُ مَعْزِيًّا لِلْقُنْيَةِ) قَالَ فِيهَا: وَفِي تَتِمَّةِ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى: بَاعَ عَبْدًا وَسَلَّمَهُ وَوَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ ثَمَنِهِ فَقَالَ الْوَكِيلُ: قَبَضْته فَضَاعَ أَوْ دَفَعْته إلَى الْآمِرِ وَجَحَدَ الْآمِرُ كُلَّهُ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ وَبَرِئَ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ، فَلَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا وَرَدَّهُ لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْقَبْضِ فِي زَعْمِهِ، لَا عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَا عَقْدَ بَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا هُوَ أَمِينٌ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ، وَإِنَّمَا يُصَدَّقُ فِي دَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ، قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَعُرِفَ بِهِ أَنَّهُ إذَا صَدَّقَ الْآمِرُ الْوَكِيلَ فِي الدَّفْعِ إلَيْهِ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِالثَّمَنِ عَلَى الْآمِرِ دُونَ الْقَابِضِ. اهـ ح (قَوْلُهُ كَالْإِبَاقِ) بِالْكَسْرِ اسْمٌ، يُقَالُ أَبِقَ أَبَقًا مِنْ بَابِ تَعِبَ وَقَتَلَ وَضَرَبَ، وَهُوَ الْأَكْثَرُ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ. وَفِي الْجَوْهَرَةِ عَنْ الثَّعَالِبِيِّ: الْآبِقُ الْهَارِبُ مِنْ غَيْرِ ظُلْمِ السَّيِّدِ، فَلَوْ مِنْ ظُلْمِهِ سُمِّيَ هَارِبًا فَعَلَى هَذَا: الْإِبَاقُ عَيْبٌ لَا الْهَرَبُ، أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا لَوْ كَانَ مِنْ الْمَوْلَى أَوْ مِنْ مُودَعِهِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ مِنْهُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ، وَمَا إذَا كَانَ مَسِيرَةَ سَفَرٍ أَوْ لَا، خَرَجَ مِنْ الْبَلْدَةِ أَوْ لَا. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَالْأَشْبَهُ أَنَّ الْبَلْدَةَ لَوْ كَبِيرَةً كَالْقَاهِرَةِ كَانَ عَيْبًا وَإِلَّا لَا بِأَنْ كَانَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَهْلُهَا أَوْ بُيُوتُهَا فَلَا يَكُونُ عَيْبًا نَهْرٌ، وَيَأْتِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِهِ بِأَنْ يُوجَدَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَعِنْدَ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ إلَّا إذَا أَبِقَ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ) وَكَذَا لَوْ أَبِقَ مِنْ الْغَاصِبِ إلَى الْمَوْلَى أَوْ إلَى غَيْرِهِ إذَا لَمْ يَعْرِفْ بَيْتَ الْمَالِكِ، أَوْ لَمْ يَقْوَ عَلَى الرُّجُوعِ. إلَيْهِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ فِي الْبَلْدَةِ) قَيَّدَ بِهِ لِمَا فِي النَّهْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ: لَوْ أَبَقَ مِنْ قَرْيَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute