للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَهُ كُلُّ الثَّمَنِ) لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ، وَلَوْ كَانَ أَكْثَرُهُ فَاسِدًا جَازَ بِحِصَّتِهِ عِنْدَهُمَا نَهْرٌ. وَفِي الْمُجْتَبَى: لَوْ كَانَ سَمْنًا ذَائِبًا فَأَكَلَهُ ثُمَّ أَقَرَّ بَائِعُهُ بِوُقُوعِ فَأْرَةٍ فِيهِ رَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عِنْدَهُمَا، وَبِهِ يُفْتَى.

(بَاعَ مَا اشْتَرَاهُ فَرَدَّ) الْمُشْتَرِي الثَّانِيَ (عَلَيْهِ بِعَيْبٍ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ

ــ

[رد المحتار]

لِمَنْ يَسْتَخْرِجُ دُهْنَهُ فَيَكُونُ لَهُ قِيمَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَوْزَةً أَوْ جَوْزَتَيْنِ مَثَلًا (قَوْلُهُ فَلَهُ كُلُّ الثَّمَنِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِالْكَسْرِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ، فَكَأَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلًا قَبْلَ هَذَا صَحِيحٌ فِي الْجَوْزِ الَّذِي لَا قِيمَةَ لِقِشْرِهِ. أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ قِيمَةٌ بِأَنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يُبَاعُ فِيهِ قِشْرُهُ يَرْجِعُ بِحِصَّةِ اللُّبِّ فَقَطْ، وَقِيلَ يَرُدُّهُ وَيَرْجِعُ بِكُلِّ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ بِاعْتِبَارِ اللُّبِّ، وَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ يُفِيدُ تَرْجِيحَهُ، وَكَذَا فِي الْبَيْضِ. أَمَّا بَيْضُ النَّعَامَةِ إذَا وُجِدَ فَاسِدًا بَعْدَ الْكَسْرِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ. قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَعَلَيْهِ جَرَى فِي الْفَتْحِ أَنَّ هَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ مَالِيَّةَ بَيْضِ النَّعَامَةِ قَبْلَ الْكَسْرِ بِاعْتِبَارِ الْقِشْرِ وَمَا فِيهِ جَمِيعًا. قَالَ ابْنُ وَهْبَانَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ، بِأَنْ يُقَالَ هَذَا فِي مَوْضِعٍ يُقْصَدُ فِيهِ الِانْتِفَاعُ بِالْقِشْرِ. أَمَّا إذَا كَانَ لَا يُقْصَدُ الِانْتِفَاعُ إلَّا بِالْمُحِّ بِأَنْ كَانَ فِي بَرِّيَّةٍ وَالْقِشْرُ لَا يَنْتَقِلُ كَانَ كَغَيْرِهِ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَرِّ: وَلَا يَخْفَى عَلَيْك فَسَادُ هَذَا التَّفْصِيلِ، فَإِنَّ هَذَا الْقِشْرَ مَقْصُودٌ بِالشِّرَاءِ فِي نَفْسِهِ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ، وَمَا ذَكَرَهُ لَا يَنْهَضُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَّفِقُ فِي كَثِيرٍ مِمَّا اتَّفَقُوا عَلَى صِحَّةِ بَيْعِهِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مُوجِبًا لِفَسَادِ الْبَيْعِ. اهـ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرُهُ فَاسِدًا جَازَ بِحِصَّتِهِ) أَيْ بِحِصَّةِ الصَّحِيحِ مِنْهُ، وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْفَتْحِ. وَكَذَا فِي النَّهْرِ عَنْ النِّهَايَةِ: أَمَّا عِنْدَهُ فَلَا يَصِحُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ. وَوَجْهُ الْأَصَحِّ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ فَصَلَ ثَمَنَهُ؛ لِأَنَّهُ يَنْقَسِمُ ثَمَنُهُ عَلَى أَجْزَائِهِ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ لَا عَلَى قِيمَتِهِ. اهـ أَيْ بِخِلَافِ الْحُرِّ مَعَ الْعَبْدِ.

[تَنْبِيهٌ] عَبَّرَ بِالْأَكْثَرِ تَبَعًا لَلْعَيْنِيّ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ مُخْتَلٌّ، وَالصَّوَابُ تَعْبِيرُ النَّهْرِ وَغَيْرِهِ بِالْكَثِيرِ. قُلْت: وَهُوَ مَدْفُوعٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ فِيمَا يَكُونُ أَكْثَرُهُ فَاسِدًا يَصِحُّ فِيمَا يَكُونُ الْكَثِيرُ مِنْهُ فَاسِدًا بِالْأَوْلَى فَافْهَمْ، نَعَمْ الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْكَثِيرِ لِيُفِيدَ صِحَّةَ الْبَيْعِ فِي الْكُلِّ إذَا كَانَ الْفَاسِدُ مِنْهُ قَلِيلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ، إذْ لَا يَخْلُو عَنْ قَلِيلٍ فَاسِدٍ فَكَانَ كَقَلِيلِ التُّرَابِ فِي الْحِنْطَةِ فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ أَصْلًا، وَفِي الْقِيَاسِ يَفْسُدُ كَمَا فِي الْفَتْحِ قَالَ فِي النَّهْرِ وَالْقَلِيلُ مَا لَا يَخْلُو عَنْهُ الْجَوْزُ عَادَةً كَالْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ فِي الْمِائَةِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْوَاحِدَ فِي الْعَشَرَةِ كَثِيرٌ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْقُنْيَةِ. وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ: الثَّلَاثَةُ عَفْوٌ يَعْنِي فِي الْمِائَةِ. اهـ وَفِي الْبَحْرِ: الْقَلِيلُ الثَّلَاثَةُ وَمَا دُونَهَا فِي الْمِائَةِ وَالْكَثِيرُ مَا زَادَ. اهـ. وَفِي الْفَتْحِ: وَجَعَلَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ الْخَمْسَةَ وَالسِّتَّةَ فِي الْمِائَةِ مِنْ الْجَوْزِ عَفْوًا. اهـ. مَطْلَبٌ وَجَدَ فِي الْحِنْطَةِ تُرَابًا [فَرْعٌ] اشْتَرَى أَقْفِزَةَ حِنْطَةٍ أَوْ سِمْسِمٍ فَوَجَدَ فِيهِ تُرَابًا، إنْ كَانَ يُوجَدُ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ عَادَةً لَا يُرَدُّ، وَإِلَّا فَإِنْ أَمْكَنَهُ رَدُّ كُلِّ الْمَبِيعِ يَرُدُّهُ، وَلَوْ أَرَادَ حَبْسَ الْحِنْطَةِ وَرَدَّ التُّرَابِ أَوْ الْمَعِيبِ مُمَيَّزًا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ مَيَّزَ التُّرَابَ وَأَرَادَ أَنْ يَخْلِطَهُ وَيَرُدَّ إنْ أَمْكَنَهُ الرَّدُّ عَلَى ذَلِكَ الْكَيْلِ رَدَّهُ وَإِلَّا بِأَنْ نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ الْكَيْلِ شَيْءٌ لَا وَرَجَعَ بِنُقْصَانِ الْحِنْطَةِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ بِأَخْذِهَا نَاقِصَةً بَزَّازِيَّةٌ وَفِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ لَمْ يُعَدَّ ذَلِكَ التُّرَابُ عَيْبًا فَلَا رَدَّ، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَفْحُشْ يُرَدُّ، وَإِنْ فَحُشَ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَخْذِ الْحِنْطَةِ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ أَوْ رَدِّهَا وَأَخْذِ كُلِّ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَفِي الْمُجْتَبَى إلَخْ) هَذِهِ مِنْ أَفْرَادِ مَسْأَلَةِ الْأَكْلِ السَّابِقَةِ ط فَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرُهَا هُنَاكَ

(قَوْلُهُ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ) مَعْنَاهُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الْأَوَّلَ وَيَفْعَلَ مَا يَجِبُ أَنْ يُفْعَلَ عِنْدَ قَصْدِ الرَّدِّ وَلَا يَكُونُ الرَّدُّ عَلَيْهِ رَدًّا عَلَى بَائِعِهِ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ حَيْثُ يَكُونُ

<<  <  ج: ص:  >  >>