للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْت: وَبَقِيَ خَامِسٌ مَا لَا يَنْظُرُهُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، فَفِي شَرْحِ قَاضِي خَانْ: شَرَى جَارِيَةً وَادَّعَى أَنَّهَا خُنْثَى حَلَفَ الْبَائِعُ (اسْتَحَقَّ بَعْضَ الْمَبِيعِ، فَإِنْ) كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ (قَبْلَ الْقَبْضِ) لِلْكُلِّ (خُيِّرَ فِي الْكُلِّ) لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ (وَإِنْ بَعْدَهُ خُيِّرَ فِي الْقِيَمِيِّ لَا فِي غَيْرِهِ) ؛ لِأَنَّ تَبْعِيضَ الْقِيَمِيِّ عَيْبٌ لَا الْمِثْلِيِّ كَمَا سَيَجِيءُ.

(وَإِنْ شَرَى شَيْئَيْنِ فَقَبَضَ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا قَبْلَ قَبْضِهِمَا) فَلَوْ اُسْتُحِقَّ أَوْ تَعَيَّبَ أَحَدُهُمَا خُيِّرَ (وَهُوَ) أَيْ خِيَارُ الْعَيْبِ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْعَيْبِ (عَلَى التَّرَاخِي) عَلَى الْمُعْتَمَدِ،

ــ

[رد المحتار]

فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ عَلَى خِلَافِهِ، وَقَدَّمْنَا مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ عَنْ الْفَتْحِ فِي آخِرِ خِيَارِ الشَّرْطِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْمُتُونِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الشَّهَادَةِ مِنْ قَبُولِ شَهَادَةِ الْوَاحِدَةِ فِي الْبَكَارَةِ وَالْعُيُوبِ الَّتِي لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا إلَّا النِّسَاءُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّ الْعَيْبَ يَثْبُتُ بِقَوْلِهِنَّ لِيَحْلِفَ الْبَائِعُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْهِدَايَةِ هُنَاكَ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ هُنَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ تَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ، فَاغْتَنِمْ تَحْقِيقَ هَذَا الْمَحَلِّ فَإِنَّك لَا تَجِدُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَلِكِ الْوَهَّابِ (قَوْلُهُ قُلْت وَبَقِيَ خَامِسٌ إلَخْ) هَذَا الْفَرْعُ مَذْكُورٌ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ وَالنَّهْرِ، لَكِنَّهُمْ اقْتَصَرُوا عَلَى عَدِّ الْأَنْوَاعِ أَرْبَعَةً فَلَمَّا رَأَى الشَّارِحُ مُخَالَفَةَ حُكْمِهِ لِهَذِهِ الْأَرْبَعَةِ جَعَلَهُ نَوْعًا خَامِسًا فَكَانَ مِنْ زِيَادَاتِهِ الْحَسَنَةِ فَافْهَمْ.

قُلْت: وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ مَا لَوْ ادَّعَى ارْتِفَاعَ حَيْضِ الْجَارِيَةِ، فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا وَتَتَوَجَّهُ الْخُصُومَةُ بِقَوْلِهَا عَلَى مَا اخْتَارَهُ فِي الْفَتْحِ، نَعَمْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ دَعْوَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ عَنْ دَاءٍ فَيَرْجِعُ فِيهِ إلَى شَهَادَةِ الْأَطِبَّاءِ أَوْ عَنْ حَبَلٍ فَيَرْجِعُ إلَى شَهَادَةِ النِّسَاءِ لَا يَكُونُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ بَلْ مِنْ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ قَبْلَهُ.

مَطْلَبٌ فِيمَا يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مُسْقِطًا لِخِيَارِ الْعَيْبِ [فُرُوعٌ] لَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي الرَّدَّ وَلَمْ يَدَّعِ الْبَائِعُ عَلَيْهِ مُسْقِطًا لَمْ يَحْلِفْ الْمُشْتَرِي، وَعِنْدَ الثَّانِي يَحْلِفُ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَسْتَخْلِفُ الْخَصْمَ بِلَا طَلَبِ الْمُدَّعِي إلَّا فِي مَسَائِلَ مِنْهَا خِيَارُ الْعَيْبِ. وَفِي الْبَدَائِعِ: لَوْ أَخْبَرَتْ امْرَأَةٌ بِالْحَبَلِ وَامْرَأَتَانِ بِعَدَمِهِ صَحَّتْ الْخُصُومَةُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ النَّافِيَةِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: بَرْهَنَ الْبَائِعُ أَنَّهُ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَبَرْهَنَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ كَانَ مَعِيبًا فِي يَدِ الْبَائِعِ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي بَحْرٌ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِلْكُلِّ) ذِكْرُ الْكُلِّ غَيْرُ قَيْدٍ، فَإِنَّ قَبْضَ الْبَعْضِ حُكْمُهُ كَحُكْمِ مَا إذَا لَمْ يَقْبِضْ الْكُلَّ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَقِبَهُ، وَلَكِنْ لَمَّا أَفْرَدَ الْمُصَنِّفُ الْبَعْضَ بِالذِّكْرِ عُلِمَ أَنَّ كَلَامَهُ هُنَا فِي الْكُلِّ فَلِذَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ، نَعَمْ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَوْ لِلْبَعْضِ لَاسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ بَعْدَهُ وَإِنْ قَبَضَ أَحَدَهُمَا (قَوْلُهُ خُيِّرَ فِي الْكُلِّ) أَيْ فِي الْقِيَمِيِّ وَغَيْرِهِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَإِنْ بَعْدَهُ خُيِّرَ فِي الْقِيَمِيِّ لَا فِي غَيْرِهِ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ بَيْنَ إمْسَاكِهِ وَرَدِّهِ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْكُلِّ كُلَّ الْمَبِيعِ حَتَّى يَرِدَ عَلَيْهِ أَنَّ الْبَيْعَ فِي الْبَعْضِ الْمُسْتَحَقِّ بَاطِلٌ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ) أَيْ تَفَرُّقِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ تَمَامِهَا؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ تَتِمَّ فَلِذَا كَانَ لَهُ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ وَإِنْ بَعْدَهُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ اسْتِحْقَاقُ الْبَعْضِ بَعْدَ الْقَبْضِ خُيِّرَ فِي الْقِيَمِيِّ لَا فِي غَيْرِهِ إذْ لَا يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ (قَوْلُهُ كَمَا سَيَجِيءُ) لَمْ أَرَهُ فِي هَذَا الْبَابِ صَرِيحًا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ فَلَوْ اسْتَحَقَّ) بَيَانٌ لِقَوْلِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا قَبْلَ قَبْضِهِمَا وَقَوْلُهُ أَوْ تَعَيَّبَ زِيَادَةُ بَيَانٍ وَإِلَّا فَالْكَلَامُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ؛ وَأَمَّا تَعَيُّبُ أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ فَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ إلَخْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>