مَا لَمْ يَنْقُصْهُ بُرْجُنْدِيٌّ
وَكَذَا كُلُّ مُفِيدِ رِضًا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ يَمْنَعُ الرَّدَّ وَالْأَرْشَ، وَمِنْهُ الْعَرْضُ عَلَى الْبَيْعِ إلَّا الدَّرَاهِمَ إذَا وَجَدَهَا زُيُوفًا فَعَرَضَهَا عَلَى الْبَيْعِ فَلَيْسَ بِرِضًا؛
ــ
[رد المحتار]
فَدَاوَاهَا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ دَوَاءً مِنْ ذَلِكَ الْعَيْبِ فَهُوَ رِضًا وَإِلَّا فَلَا إلَّا أَنْ يُنْقِصَهَا. اهـ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُنْقِصْهُ) كَمَا إذَا دَاوَى يَدَهُ الْمَوْجُوعَةَ فَشُلَّتْ أَوْ عَيْنَهُ مِنْ بَيَاضٍ بِهَا فَاعْوَرَّتْ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ رَدُّهُ بِعَيْبٍ آخَرَ لِمَا حَدَثَ فِيهِ مِنْ النَّقْصِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ط
مَطْلَبٌ فِيمَا يَكُونُ رِضًا بِالْعَيْبِ وَيَمْنَعُ الرَّدَّ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ) أَيْ عِلْمِهِ بِكَوْنِ ذَلِكَ عَيْبًا: فَفِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ رَأَى بِالْأَمَةِ قُرْحَةً وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا عَيْبٌ فَشَرَاهَا ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا عَيْبٌ لَهُ رَدُّهَا؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُشْتَبَهُ عَلَى النَّاسِ فَلَا يَثْبُتُ الرِّضَا بِالْعَيْبِ. اهـ. وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُشْتَبَهُ عَلَى النَّاسِ كَوْنُهُ عَيْبًا لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ. وَفِي نُورِ الْعَيْنِ عَنْ الْمُنْيَةِ قَالَ الْبَائِعُ بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ فَاتَّهَمَهُ الْمُشْتَرِي فِي إخْبَارِهِ وَيَقُولُ: إنَّ غَرَضَهُ أَنْ أَرُدَّ عَلَيْهِ فَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي لَا يَكُونُ رِضًا بِالْعَيْبِ وَلَا تَصَرُّفِهِ إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ، لَكِنْ الِاحْتِيَاطُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: لَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ وَأَنَا لَا أَرْضَى بِالْعَيْبِ، فَلَوْ ظَهَرَ عِنْدِي أَرُدُّهُ عَلَيْك. اهـ (قَوْلُهُ وَالْأَرْشُ) أَيْ نُقْصَانُ الْعَيْبِ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ الْعَرْضُ عَلَى الْبَيْعِ) وَلَوْ بِأَمْرِ الْبَائِعِ، بِأَنْ قَالَ لَهُ: اعْرِضْهُ عَلَى الْبَيْعِ، فَإِنْ لَمْ يُشْتَرَ مِنْك رُدَّهُ عَلَيَّ، وَلَوْ طَلَبَ مِنْ الْبَائِعِ الْإِقَالَةَ فَأَبَى فَلَيْسَ بِعَرْضٍ فَلَهُ الرَّدُّ وَلَوْ عَرَضَ بَعْضَ الْمَبِيعِ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ قَالَ رَضِيت بِبَعْضِهِ بَطَلَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارُ الْعَيْبِ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ وَقَدَّمْنَا عَنْ الذَّخِيرَةِ أَنَّ قَبْضَ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ رِضًا بِالْعَيْبِ. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: قَبْضُ بَعْضِهِ رِضًا ثُمَّ نَقَلَ لَيْسَ بِرِضًا حَتَّى يَسْقُطَ خِيَارُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. اهـ
قُلْت: وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ لِمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ: لَوْ عَرَضَ نِصْفَ الطَّعَامِ عَلَى الْبَيْعِ لَزِمَهُ النِّصْفُ وَيُرَدُّ لِلنِّصْفِ كَالْبَيْعِ. اهـ وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ الْكَلَامَ فِي الِاسْتِخْدَامِ.
[تَتِمَّةٌ] نَقَلَ فِي الْبَحْرِ: مِنْ جُمْلَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ الْإِجَارَةُ وَالْعَرْضُ عَلَيْهَا وَالْمُطَالَبَةُ بِالْغَلَّةِ وَالرَّهْنُ وَالْكِتَابَةُ، أَمَّا لَوْ آجَرَهُ ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ فَلَهُ نَقْضُهَا لِلْعُذْرِ وَيَرُدُّهُ، بِخِلَافِ الرَّهْنِ فَلَا يَرُدُّهُ إلَّا بَعْدَ الْفِكَاكِ، وَمِنْهُ إرْسَالُ وَلَدِ الْبَقَرَةِ عَلَيْهَا لِيَرْتَضِعَ مِنْهُمَا وَحَلَبَ لَبَنِهَا أَوْ شُرْبُهُ، وَهَلْ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ؟ قَوْلَانِ، وَابْتِدَاءُ سُكْنَى الدَّارِ لَا الدَّوَامُ عَلَيْهَا، وَسَقْيُ الْأَرْضِ وَزِرَاعَتُهَا، وَكَسْحُ الْكَرْمِ، وَالْبَيْعُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا، وَالْإِعْتَاقُ، وَالْهِبَةُ لَوْ بِلَا تَسْلِيمٍ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ الْعَرْضِ، وَدَفْعُ بَاقِي الثَّمَنِ، وَجَمْعُ غَلَّاتِ الضَّيْعَةِ، وَكَذَا تَرْكُهَا؛ لِأَنَّهُ تَضْيِيعٌ، وَلَيْسَ مِنْهُ أَكْلُ ثَمَرِ الشَّجَرِ وَغَلَّةُ الْقِنِّ وَالدَّارِ وَإِرْضَاعُ الْأَمَةِ وَلَدَ الْمُشْتَرِي وَضَرْبُ الْعَبْدِ إنْ لَمْ يُؤَثِّرْ الضَّرْبُ فِيهِ. اهـ مُلَخَّصًا.
وَفِي الذَّخِيرَةِ إذَا أَطْلَاهُ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْعَيْبِ أَوْ حَجَمَهُ أَوْ جَزَّ رَأْسَهُ فَلَيْسَ بِرِضًا ثُمَّ ذَكَرَ تَفْصِيلًا فِي الْحِجَامَةِ بَيْنَ كَوْنِهَا دَوَاءً لِذَلِكَ الْعَيْبِ فَهُوَ رِضًا وَإِلَّا فَلَا. وَفِيهَا: أَمَرَ رَجُلًا يَبِيعُهُ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ بِهِ عَيْبًا فَإِنْ بَاعَهُ الْوَكِيلُ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَهُوَ رِضًا بِالْعَيْبِ، (قَوْلُهُ إلَّا الدَّرَاهِمَ إلَخْ) ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الذَّخِيرَةِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَسَيَذْكُرُهَا الشَّارِحُ فِي آخِرِ مُتَفَرِّقَاتِ الْبُيُوعِ عَنْ الْمُلْتَقَطِ ثُمَّ إنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ هُنَا أَيْضًا مَا امْتَنَعَ رَدُّهُ قَبْلَ الْبَيْعِ بِزِيَادَةٍ وَنَحْوِهَا؛ كَمَا لَوْ لَتَّ السَّوِيقَ أَوْ خَاطَ الثَّوْبَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ ثُمَّ بَاعَهُ فَإِنَّ بَيْعَهُ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْعَيْبِ لَا يَكُونُ رِضًا وَلَهُ الرُّجُوعُ بِنُقْصَانِهِ كَمَا مَرَّ، فَكَذَا لَوْ عَرَضَهُ عَلَى الْبَيْعِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ فَلَيْسَ بِرِضًا) فَلَا يَمْنَعُ الرَّدَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute