(وَلَوْ) الْمَرْئِيُّ (طُهْرًا مُتَخَلِّلًا)
ــ
[رد المحتار]
وَكَتَبَ الشَّارِحُ فِي هَامِشِ الْخَزَائِنِ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ وَالْكِفَايَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ، وَاخْتَارَهُ فِي الْبَحْرِ وَجَزَمَ بِهِ فِي النَّهْرِ. اهـ لَكِنْ فِي السِّرَاجِ عَنْ الصَّيْرَفِيِّ: إنَّمَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِسَبْعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرَةِ أَيَّامٍ إلَّا سَاعَةً؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ طَلَّقَهَا فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ فَلَا يُحْتَسَبُ بِتِلْكَ الْحَيْضَةِ فَتَحْتَاجُ إلَى ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ وَهِيَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرَةُ أَيَّامٍ إلَّا سَاعَةً، وَهِيَ السَّاعَةُ الَّتِي مَضَتْ مِنْ الْحَيْضِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الطَّلَاقُ.
(قَوْلُهُ كَكُدْرَةٍ وَتَرْبِيَةٍ) اعْلَمْ أَنَّ أَلْوَانَ الدِّمَاءِ سِتَّةٌ: هَذَانِ وَالسَّوَادُ وَالْحُمْرَةُ وَالصُّفْرَةُ وَالْخَضِرَةُ.
ثُمَّ الْكُدْرَةُ مَا هُوَ كَالْمَاءِ الْكَدِرِ، وَالتُّرْبِيَّةُ نَوْعٌ مِنْ الْكُدْرَةِ عَلَى لَوْنِ التُّرَابِ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا بِغَيْرِ هَمْزَةٍ نِسْبَةً إلَى التُّرْبِ بِمَعْنَى التُّرَابِ، وَالصُّفْرَةُ كَصُفْرَةِ الْقَزِّ وَالتِّبْنِ أَوْ السِّنِّ عَلَى الِاخْتِلَافِ؛ ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ حَالَةُ الرُّؤْيَةِ لَا حَالَةُ التَّغَيُّرِ؛ كَمَا لَوْ رَأَتْ بَيَاضًا فَاصْفَرَّ بِالْيُبْسِ أَوْ رَأَتْ حُمْرَةً أَوْ صُفْرَةً فَابْيَضَّتْ بِالْيُبْسِ. وَأَنْكَرَ أَبُو يُوسُفَ الْكُدْرَةَ فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ دُونَ آخِرِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَ الْخُضْرَةَ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا حَيْضٌ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ دُونَ الْآيِسَةِ. وَبَعْضُهُمْ قَالَ: فِيمَا عَدَا السَّوَادَ وَالْحُمْرَةَ لَوْ وَجَدَتْهُ عَجُوزٌ عَلَى الْكُرْسُفِ فَهُوَ حَيْضٌ إنْ كَانَتْ مُدَّةُ وَضْعِهِ قَرِيبَةً وَإِلَّا فَلَا.
مَطْلَبٌ لَوْ أَفْتَى مُفْتٍ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ فِي مَوَاضِعِ الضَّرُورَةِ طَلَبًا لِلتَّيْسِيرِ كَانَ حَسَنًا
وَفِي الْمِعْرَاجِ عَنْ فَخْرِ الْأَئِمَّةِ: لَوْ أَفْتَى مُفْتٍ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ فِي مَوَاضِعِ الضَّرُورَةِ طَلَبًا لِلتَّيْسِيرِ كَانَ حَسَنًا. اهـ وَخَصَّهُ بِالضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْوَانَ كُلَّهَا حَيْضٌ فِي أَيَّامِهِ لِمَا فِي مُوَطَّأِ مَالِكٍ " كَانَتْ النِّسَاءُ يَبْعَثْنَ إلَى عَائِشَةَ بِالدُّرْجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ لِتَنْظُرَ إلَيْهِ فَتَقُولُ: لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنْ الْحَيْضِ " اهـ وَالدُّرْجَةُ: بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِ الْجِيمِ خِرْقَةٌ وَنَحْوُهَا تُدْخِلُهَا الْمَرْأَةُ فِي فَرْجِهَا لِتَعْرِفَ أَزَالَ الدَّمُ أَمْ لَا. وَالْقَصَّةُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الصَّاد الْمُهْمَلَةِ الْجَصَّةُ؛ وَالْمَعْنَى أَنْ تَخْرُجَ الدُّرْجَةُ كَأَنَّهَا قَصَّةٌ لَا يُخَالِطُهَا صُفْرَةٌ وَلَا تُرْبِيَّةٌ؛ وَهُوَ مَجَازٌ عَنْ الِانْقِطَاعِ.
وَفِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ: وَضْعُ الْكُرْسُفِ مُسْتَحَبٌّ لِلْبِكْرِ فِي الْحَيْضِ وَلِلثَّيِّبِ فِي كُلِّ حَالٍ، وَمَوْضِعُهُ مَوْضِعُ الْبَكَارَةِ، وَيُكْرَهُ فِي الْفَرْجِ الدَّاخِلِ. اهـ.
وَفِي غَيْرِهِ أَنَّهُ سُنَّةٌ لِلثَّيِّبِ فِي الْحَيْضِ مُسْتَحَبٌّ فِي الطُّهْرِ، وَلَوْ صَلَّتَا بِدُونِهِ جَازَ. اهـ مُلَخَّصًا مِنْ الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ. وَالْكُرْسُفُ: بِضَمِّ الْكَافِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ بَيْنَهُمَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ الْقُطْنُ. وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ: مَا يُوضَعُ عَلَى فَمِ الْفَرْجِ (قَوْلُهُ فِي مُدَّتِهِ) احْتِرَازٌ عَمَّا تَرَاهُ الصَّغِيرَةُ، وَكَذَا الْآيِسَةُ فِي كُلِّ مَا تَرَاهُ مُطْلَقًا أَوْ سِوَى الدَّمِ الْخَالِصِ عَلَى مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ الْمُعْتَادَةُ) احْتِرَازٌ عَمَّا زَادَ عَلَى الْعَادَةِ وَجَاوَزَ الْعَشَرَةَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِحَيْضٍ
(قَوْلُهُ وَلَوْ الْمَرْئِيُّ طُهْرًا إلَخْ) مُرَادُهُمْ بِالطُّهْرِ هُنَا النَّقَاءُ بِالْمَدِّ: أَيْ عَدَمُ الدَّمِ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الطُّهْرَ الْمُتَخَلِّلَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ إذَا كَانَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَكْثَرَ يَكُونُ فَاصِلًا بَيْنَ الدَّمَيْنِ فِي الْحَيْضِ اتِّفَاقًا فَمَا بَلَغَ مِنْ كُلٍّ مِنْ الدَّمَيْنِ نِصَابًا جُعِلَ حَيْضًا، وَأَنَّهُ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا يَكُونُ فَاصِلًا وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الدَّمَيْنِ اتِّفَاقًا. وَاخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ عَلَى سِتَّةِ أَقْوَالٍ كُلُّهَا رُوِيَتْ عَنْ الْإِمَامِ أَشْهُرُهَا ثَلَاثَةٌ: