وَعَمَّمَ فِي الْجَوْهَرَةِ فَعَبَّرَ بِالْعَقْدِ (وَيَصِحُّ بِلَفْظَيْنِ مَاضِيَيْنِ وَ) هَذَا رُكْنُهَا (أَوَأَحَدُهُمَا مُسْتَقْبَلٌ) كَأَقِلْنِي فَقَالَ أَقَلْتُك لِعَدَمِ الْمُسَاوَمَةِ فِيهَا فَكَانَتْ كَالنِّكَاحِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ كَالْبَيْعِ قَالَ الْبُرْجَنْدِيُّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ (وَ) تَصِحُّ أَيْضًا (بِفَاسَخْتُكِ وَتَرَكْت وَتَارَكْتُك وَرَفَعْت وَبِالتَّعَاطِي) وَلَوْ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ (كَالْبَيْعِ) هُوَ الصَّحِيحُ بَزَّازِيَّةٌ وَفِي السِّرَاجِيَّةِ لَا بُدَّ مِنْ التَّسْلِيمِ وَالْقَبْضِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ.
ــ
[رد المحتار]
فَدَفَعَهَا أَوْ بَعْضَهَا فَهُوَ فَسْخٌ فِي الْمَرْدُودِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَعَبَّرَ بِالْعَقْدِ) فَهُوَ تَعْرِيفٌ لِلْأَعَمِّ مِنْ إقَالَةِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَنَحْوِهِمَا بَحْرٌ: وَاعْتَرَضَهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْعَقْدِ عَقْدُ الْبَيْعِ. قُلْت: تَخْصِيصُهُ بِالْبَيْعِ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِيهِ، وَإِلَّا فَهُوَ تَعْرِيفٌ لِلْإِقَالَةِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ حَقِيقَتَهَا فِي الْإِجَارَةِ لَا تُخَالِفُ حَقِيقَتَهَا فِي الْبَيْعِ، وَلِذَا لَمْ يُذْكَرْ لَهَا بَابٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَنَظِيرُهُ النِّيَّةُ مَثَلًا تُذْكَرُ فِي بَابِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا وَتُعْرَفُ بِالْقَصْدِ الشَّامِلِ لِلصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا. فَافْهَمْ. وَالْمُرَادُ بِالْعَقْدِ الْقَابِلُ لِلْفَسْخِ بِخِيَارٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي بِخِلَافِ النِّكَاحِ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا رُكْنُهَا) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُسْتَقْبَلٌ كَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ ط. (قَوْلُهُ: أَوْ أَحَدُهُمَا مُسْتَقْبَلٌ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْإِقَالَةَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بَيْعٌ، إلَّا أَنْ لَا يُمْكِنَ فَفَسْخٌ كَمَا يَأْتِي وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ بِالْعَكْسِ وَالْعَجَبُ أَنَّ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ كَقَوْلِ الْإِمَامِ فِي أَنَّهَا تَصِحُّ بِلَفْظَيْنِ أَحَدُهُمَا مُسْتَقْبَلٌ مَعَ أَنَّهَا بَيْعٌ عِنْدَهُ وَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ بِذَلِكَ، وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ: إنَّهَا فَسْخٌ وَيَقُولُ لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِمَاضِيَيْنِ؛ لِأَنَّهَا كَالْبَيْعِ فَأَعْطَاهَا بِسَبَبِ الشَّبَهِ حُكْمَ الْبَيْعِ. وَأَبُو يُوسُفَ مَعَ حَقِيقَةِ الْبَيْعِ لَمْ يُعْطِهَا حُكْمَهُ وَالْجَوَابُ لَهُ أَنَّ الْمُسَاوَمَةَ لَا تَجْرِي فِي الْإِقَالَةِ فَحُمِلَ اللَّفْظُ عَلَى التَّحْقِيقِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَتْحٌ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْمُسَاوَمَةِ فِيهَا) إشَارَةٌ إلَى الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ: أَيْ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَ نَظَرٍ وَتَأَمُّلٍ، فَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ أَقِلْنِي مُسَاوَمَةً بَلْ كَانَ تَحْقِيقًا لِلتَّصَرُّفِ كَمَا فِي النِّكَاحِ، وَبِهِ فَارَقَ الْبَيْعَ كَمَا فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ مُحَمَّدٌ كَالْبَيْعِ) أَيْ فَلَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِمَاضِيَيْنِ كَمَا مَرَّ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَاَلَّذِي فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ كَقَوْلِ مُحَمَّدٍ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُرْجَنْدِيُّ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَفِي الْخُلَاصَةِ: اخْتَارُوا قَوْلَ مُحَمَّدٍ وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: وَيُرَجِّحُ قَوْلَ مُحَمَّدِ كَوْنُ الْإِمَامِ مَعَهُ عَلَى مَا فِي الْخَانِيَّةِ. اهـ.
قُلْت: وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ تَبَعًا لِلدُّرَرِ وَالْمُلْتَقَى. (قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ أَيْضًا إلَخْ) فَلَا يَتَعَيَّنُ فِيهَا لَفْظُ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ لَفْظِ الْإِقَالَةِ وَهَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ، فَإِنَّ الْإِقَالَةَ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بَيْعٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا، وَهَذَا إذَا كَانَتْ بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ. فَلَوْ بِلَفْظِ مُفَاسَخَةٍ أَوْ مُتَارَكَةٍ أَوْ تَرَادٍّ لَمْ تُجْعَلْ بَيْعًا اتِّفَاقًا وَلَوْ بِلَفْظِ بَيْعٍ فَبَيْعٌ إجْمَاعًا كَمَا يَأْتِي فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ طَلَبَ الْإِقَالَةِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: هَاتِ الثَّمَنَ فَأَقَالَهُ. اهـ.
قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ كَانَ الطَّلَبُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَقَالَ الْبَائِعُ خُذْ الثَّمَنَ. وَفِيهَا: اشْتَرَى عَبْدًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى قَالَ لِلْبَائِعِ بِعْهُ لِنَفْسِك فَلَوْ بَاعَ جَازَ وَانْفَسَخَ الْأَوَّلُ، وَلَوْ قَالَ بِعْهُ لِي أَوْ بِعْهُ مِمَّنْ شِئْت أَوْ بِعْهُ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى يَنْفَسِخُ، وَإِنْ بَاعَهُ بَعْدَ الْمَجْلِسِ تَأَمَّلْ. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إقَالَةٌ اقْتِضَاءً فَإِنْ أَمَرَهُ بِالْبَيْعِ لِنَفْسِهِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِتَقَدُّمِ الْإِقَالَةِ، فَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِك أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الصُّوَرِ، فَإِنَّهُ تَوْكِيلٌ لَا إقَالَةٌ. ثُمَّ رَأَيْت ذَلِكَ التَّوْجِيهَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْإِقَالَةِ بِالشَّرْطِ بِأَنْ بَاعَ ثَوْرًا مِنْ زَيْدٍ فَقَالَ اشْتَرَيْته رَخِيصًا فَقَالَ زَيْدٌ إنْ وَجَدْت مُشْتَرِيًا بِالزِّيَادَةِ فَبِعْهُ مِنْهُ، فَوَجَدَ فَبَاعَ بِأَزْيَدَ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ الْإِقَالَةِ لَا الْوَكَالَةِ بِالشَّرْطِ. وَفِيهَا: قَالَ الْمُشْتَرِي إنَّهُ يَخْسَرُ فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْهُ فَإِنْ خَسِرَ فَعَلَيَّ فَبَاعَ فَخَسِرَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: هُوَ الصَّحِيحُ بَزَّازِيَّةٌ) عِبَارَتُهَا قَبَضَ الطَّعَامَ الْمُشْتَرِي وَسَلَّمَ بَعْضَ الثَّمَنِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَيَّامٍ إنَّ الثَّمَنَ غَالٍ فَرَدَّ الْبَائِعُ بَعْضَ الثَّمَنِ الْمَقْبُوضِ، فَمَنْ قَالَ الْبَيْعُ يَنْعَقِدُ بِالتَّعَاطِي مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ جَعَلَهُ إقَالَةً وَهُوَ الصَّحِيحُ وَمَنْ شَرَطَ الْقَبْضَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ لَا يَكُونُ إقَالَةً عِنْدَهُ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَفِي السِّرَاجِيَّةِ إلَخْ) مُقَابِلُ الصَّحِيحِ وَالْمُرَادُ بِالتَّسْلِيمِ تَسْلِيمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute