للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ قِيلَ وَبِالسَّلَمِ أَشْبَاهٌ

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ تَحْرِيرٌ مُهِمٌّ فِي إقَالَةِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ

(قَوْلُهُ: وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ) بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ تَصِحُّ، وَيَضْمَنُ بَحْرٌ ثُمَّ قَالَ: وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا أَقَالَ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ أَمَّا قَبْلَهُ، فَيَمْلِكُهَا فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ اهـ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَوْ أَقَالَ أَوْ احْتَالَ أَوْ أَبْرَأَ أَوْ حَطَّ أَوْ وَهَبَ صَحَّ عِنْدَهُمَا وَضَمِنَ لِمُوَكِّلِهِ لَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْوَكِيلُ لَوْ قَبَضَ الثَّمَنَ لَا يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ إجْمَاعًا اهـ.

وَفِي حَاشِيَتِهِ لِلْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ عِبَارَةَ الْبَحْرِ أَقُولُ: وَفِيهِ تَوَقُّفٌ مِنْ وُجُوهٍ، الْأَوَّلُ تَقْيِيدُهُ الضَّمَانَ بِمَا إذَا كَانَتْ الْإِقَالَةُ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ، مَعَ أَنَّ الْوَكِيلَ لَوْ قَبَضَ الثَّمَنَ لَا يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ إجْمَاعًا الثَّانِي قَوْلُهُ: فَيَمْلِكُهَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ مَعَ أَنَّهَا جَائِزَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ أَيْضًا فَمَا وَجْهُ التَّخْصِيصِ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ، الثَّالِثُ تَرَتُّبُ عَدَمِ الضَّمَانِ عَلَى كَوْنِهِ يَمْلِكُهَا، مَعَ قَوْلِهِمْ تَصِحُّ عِنْدَهُمَا وَضَمِنَ لِمُوَكِّلِهِ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي الضَّمَانِ مَعَ كَوْنِهَا صَحِيحَةً، وَصَرِيحُ كَلَامِ الظَّهِيرِيَّةِ وَإِطْلَاقُهُ يُفِيدُ صِحَّةَ إقَالَةِ وَكِيلِ الْبَيْعِ مُطْلَقًا قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَبَعْدَهُ. ثُمَّ رَأَيْت فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَالْبَزَّازِيَّةِ مَا صُورَتُهُ، وَالْوَكِيلُ بِالْمَبِيعِ يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ، يَسْتَوِي أَنْ تَكُونَ الْإِقَالَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْهُ مَعَ الظَّهِيرِيَّةِ، مَعَ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الظَّهِيرِيَّةِ فَيَمْلِكُهَا فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ: أَيْ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَيَعُودُ الْمَبِيعُ إلَى مِلْكِهِ مَعْنًى قَوْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ: الْوَكِيلُ لَوْ قَبَضَ الثَّمَنَ لَا يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ إجْمَاعًا أَيْ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَلَا يَعُودُ الْمَبِيعُ إلَى مِلْكِهِ وَتَصِحُّ الْإِقَالَةُ عَلَيْهِ فَيَضْمَنُ وَبِهَذَا يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ، وَيَتَّضِحُ الْأَمْرُ وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَوَّلَ الْإِقَالَةِ فَرْعًا لَطِيفًا عَنْ الْقُنْيَةِ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى صِحَّةِ التَّوْفِيقِ الْمَذْكُورِ فَرَاجِعْهُ.

فَتَحَصَّلَ أَنَّ إقَالَتَهُ تَصِحُّ عِنْدَ الْإِمَامِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ وَيَضْمَنُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَمْلِكُهَا قَبْلَهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ، فَتَصِحُّ وَلَا يَضْمَنُ وَبَعْدَهُ تَصِحُّ وَيَضْمَنُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا وَلَا يَضْمَنُ اهـ. كَلَامُ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ. قُلْت: وَهُوَ تَوْفِيقٌ لَطِيفٌ، لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ مِنْ بُيُوعِ الْبَزَّازِيَّةِ إقَالَةَ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ جَائِزَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْقُنْيَةِ وَزَادَ أَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ كَوْنُ إقَالَتِهِ تُسْقِطُ الثَّمَنَ عَنْ الْمُشْتَرِي عِنْدَهُمَا، وَيَلْزَمُ الْمَبِيعُ الْوَكِيلَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا تُسْقِطُ الثَّمَنَ عَنْ الْمُشْتَرِي أَصْلًا اهـ. وَلَعَلَّ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي وَكَالَةِ كَافِي الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ لَوْ وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلًا بِبَيْعِ خَادِمٍ لَهُ فَبَاعَهَا، ثُمَّ أَقَالَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ فِيهَا لَزِمَهُ الْمَالُ وَالْخَادِمُ لَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى أَقَالَهُ مِنْ عَيْبٍ أَوْ مِنْ غَيْرِ عَيْبٍ اهـ. فَهَذَا نَصُّ الْمَذْهَبِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ قَوْلُ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ بَعْدَهُ، وَهُوَ الْوَجْهُ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ ثَالِثٍ، وَهُوَ الْمُوَكِّلُ هُنَا فَإِذَا أَقَالَ الْبَائِعُ بِلَا إذْنِهِ لَا يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لَهُ إذْ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، بَلْ صَارَ الْبَائِعُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ إذْ الشِّرَاءُ مَتَى وَجَدَ نَفَاذًا لَا يَتَوَقَّفُ، وَبِهِ يَظْهَرُ وَجْهُ الْفَرْعِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ بَاعَتْ ضَيْعَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَهَا وَبَيْنَ ابْنِهَا الْبَالِغِ، وَأَجَازَ الِابْنُ الْبَيْعَ ثُمَّ أَقَالَتْ، وَأَجَازَ الِابْنُ الْإِقَالَةَ ثُمَّ بَاعَتْهَا ثَانِيًا بِغَيْرِ إجَازَتِهِ يَجُوزُ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ؛ لِأَنَّ بِالْإِقَالَةِ يَعُودُ الْمَبِيعُ إلَى مِلْكِ الْعَاقِدِ لَا إلَى مِلْكِ الْمُوَكِّلِ وَالْمُجِيزِ اهـ.

أَيْ لِأَنَّهَا بِإِجَازَةِ ابْنِهَا الْبَيْعَ الْأَوَّلَ صَارَتْ وَكِيلَةً عَنْهُ فِيهِ، ثُمَّ صَارَتْ بِالْإِقَالَةِ مُشْتَرِيَةً لِنَفْسِهَا فَلِذَا نَفَذَ بَيْعُهَا الثَّانِي بِلَا إجَازَةٍ وَيَظْهَرُ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ إقَالَةَ الْمُتَوَلِّي أَوْ الْوَصِيِّ الْبَيْعَ فِيمَا تَقَدَّمَ تَصِحُّ عَلَيْهِ وَيَضْمَنُ فَاغْتَنِمْ تَحْرِيرَ هَذَا الْمَحَلِّ. (قَوْلُهُ: قِيلَ وَبِالسَّلَمِ) أَيْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: الْوَكِيلُ بِالسَّلَمِ لَوْ قَبَضَ أَدْوَنَ مِمَّا شَرَطَ صَحَّ، وَضَمِنَ لِمُوَكِّلِهِ مَا شَرَطَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَ عَنْ السَّلَمِ أَوْ وَهَبَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ أَقَالَهُ أَوْ احْتَالَ بِهِ صَحَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>