لَمْ تَعُدْ الْكَفَالَةُ فِيهِمَا خَالِيَةً ثُمَّ ذَكَرَ لِكَوْنِهَا فَسْخًا فُرُوعًا (فَ) الْأَوَّلُ أَنَّهَا (تَبْطُلُ بَعْدَ وِلَادَةِ الْمَبِيعَةِ) لِتَعَذُّرِ الْفَسْخِ بِالزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ حَقًّا لِلشَّرْعِ لَا قَبْلَهُ مُطْلَقًا ابْنُ مَالِكٍ (وَ) الثَّانِي (تَصِحُّ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَبِالسُّكُوتِ عَنْهُ) وَيَرُدُّ مِثْلَ الْمَشْرُوطِ وَلَوْ الْمَقْبُوضُ أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ
ــ
[رد المحتار]
يَكُونُ فَسْخًا وَلِذَا يَثْبُتُ لِلْبَائِعِ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِالتَّرَاضِي فَإِنَّهُ بَيْعٌ جَدِيدٌ.
(قَوْلُهُ: لَمْ تَعُدْ الْكَفَالَةُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْإِقَالَةِ وَالرَّدِّ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ اهـ. ح. فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْأَجَلَ وَالْكَفَالَةَ فِي الْبَيْعِ بِمَا عَلَيْهِ لَا يَعُودَانِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ وَفِي الرَّدِّ بِقَضَاءٍ فِي الْعَيْبِ يَعُودُ الْأَجَلُ، وَلَا تَعُودُ الْكَفَالَةُ اهـ. ط. قُلْت: وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الرَّدُّ بِالرِّضَا لَا تَعُودُ الْكَفَالَةُ بِالْأَوْلَى، وَذَكَرَ الرَّمْلِيُّ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ، عَدَمَ عَوْدِهَا سَوَاءٌ كَانَ الرَّدُّ بِقَضَاءٍ أَوْ رِضًا وَعَنْ الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِالْقَضَاءِ تَعُودُ وَإِلَّا فَلَا.
ثُمَّ قَالَ الرَّمْلِيُّ وَالْحَاصِلُ: أَنَّ فِيهَا خِلَافًا بَيْنَهُمْ. (قَوْلُهُ: لَا قَبْلَهُ مُطْلَقًا) أَيْ مُتَّصِلَةً أَوْ مُنْفَصِلَةً قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزِّيَادَةَ مُتَّصِلَةً كَانَتْ كَالسِّمَنِ أَوْ مُنْفَصِلَةً كَالْوَلَدِ وَالْأَرْشِ وَالْعُقْرِ إذَا كَانَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا تَمْنَعُ الْفَسْخَ وَالدَّفْعَ، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ مُتَّصِلَةً، فَكَذَلِكَ عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً بَطَلَتْ الْإِقَالَةُ لِتَعَذُّرِ الْفَسْخِ مَعَهَا اهـ. وَمِثْلُهُ فِي ابْنِ مَالِكٍ عَلَى الْمَجْمَعِ لَكِنْ قَدَّمْنَا عَنْ الْخُلَاصَةِ أَنَّ مَا يَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ يَمْنَعُ، الْإِقَالَةَ، وَقَدَّمْنَا أَيْضًا أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ يَمْتَنِعُ فِي الْمُتَّصِلَةِ الْغَيْرِ الْمُتَوَلِّدَةِ مُطْلَقًا، وَفِي الْمُنْفَصِلَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ لَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ فَقَطْ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ يَمْتَنِعُ لَوْ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً لَمْ تَتَوَلَّدْ اتِّفَاقًا كَصَبْغٍ وَبِنَاءٍ، وَالْمُتَّصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ كَوَلَدٍ وَثَمَرٍ وَأَرْشٍ وَعُقْرٍ تَمْنَعُ الرَّدَّ وَكَذَا تَمْنَعُ الْفَسْخَ بِسَائِرِ أَسْبَابِ الْفَسْخِ، وَالْمُنْفَصِلَةُ الَّتِي لَمْ تَتَوَلَّدْ كَكَسْبٍ وَغَلَّةٍ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ وَالْفَسْخَ بِسَائِرِ أَسْبَابِهِ اهـ. [تَنْبِيهٌ]
قَالَ فِي الْحَاوِي: تَقَايَلَا الْبَيْعَ فِي الثَّوْبِ بَعْدَمَا قَطَعَهُ الْمُشْتَرِي وَخَاطَهُ قَمِيصًا أَوْ فِي الْحَدِيدِ، بَعْدَمَا اتَّخَذَهُ سَيْفًا لَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ كَمَنْ اشْتَرَى غَزْلًا فَنَسَجَهُ أَوْ حِنْطَةً فَطَحَنَهَا، وَهَذَا إذَا تَقَايَلَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ لِلْبَائِعِ، وَالْخِيَاطَةُ لِلْمُشْتَرِي يَعْنِي يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي: افْتَقْ الْخِيَاطَةَ وَسَلِّمْ الثَّوْبَ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ الْمُشْتَرِي فَلَوْ رَضِيَ بِكَوْنِ الْخِيَاطَةِ لِلْبَائِعِ بِأَنْ يُسْلِمَ الثَّوْبَ إلَيْهِ كَذَلِكَ يَقُولُ تَصِحُّ اهـ.
وَفِي حَاشِيَةِ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ عَلَى الْفُصُولَيْنِ: وَقَدْ سُئِلْت فِي مَبِيعٍ اسْتَغَلَّهُ الْمُشْتَرِي هَلْ تَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِيهِ فَأَجَبْت بِقَوْلِي: نَعَمْ وَتَطِيبُ الْغَلَّةُ لَهُ وَالْغَلَّةُ اسْمٌ لِلزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ كَأُجْرَةِ الدَّارِ وَكَسْبِ الْعَبْدِ، فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ قَوْلِهِ رَجُلٌ بَاعَ آخَرَ كَرْمًا فَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فَأَكَلَ نُزُلَهُ يَعْنِي ثَمَرَتَهُ سَنَةً ثُمَّ تَقَايَلَا، لَا تَصِحَّ وَكَذَا إذَا هَلَكَتْ الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ أَوْ الْمُنْفَصِلَةُ أَوْ اسْتَهْلَكَهَا الْأَجْنَبِيُّ اهـ. (قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ) حَتَّى لَوْ كَانَ الثَّمَنُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، فَدَفَعَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ ثُمَّ تَقَايَلَا وَقَدْ رَخُصَتْ الدَّنَانِيرُ رَجَعَ بِالدَّنَانِيرِ لَا بِمَا دَفَعَ، وَكَذَا لَوْ رَدَّ بِعَيْبٍ وَكَذَا فِي الْأُجْرَةِ لَوْ فُسِخَتْ وَلَوْ عَقَدَ بِدَرَاهِمَ فَكَسَدَتْ ثُمَّ تَقَايَلَا رَدَّ الْكَاسِدَ كَذَا فِي الْفَتْحِ نَهْرٌ.
(قَوْلُهُ: وَبِالسُّكُوتِ عَنْهُ) الْمُرَادُ أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ سَوَاءٌ سَمَّاهُ أَوْ لَا، قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالْأَصْلُ فِي لُزُومِ الثَّمَنِ، أَنَّ الْإِقَالَةَ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَحَقِيقَةُ الْفَسْخِ لَيْسَ إلَّا رَفْعَ الْأَوَّلِ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فَيَثْبُتُ الْحَالُ الْأَوَّلُ، وَثُبُوتُهُ بِرُجُوعِ عَيْنِ الثَّمَنِ إلَى مَالِكِهِ كَأَنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْوُجُودِ غَيْرُهُ وَهَذَا يَسْتَلْزِمُ تَعَيُّنَ الْأَوَّلِ، وَنَفْيَ غَيْرِهِ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ وَخِلَافَ الْجِنْسِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّ مِثْلَ الْمَشْرُوطِ إلَخْ) ذِكْرُ هَذَا هُنَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فُرُوعِ كَوْنِهَا فَسْخًا بَلْ مِنْ فُرُوعِ كَوْنِهَا بَيْعًا؛ وَلِذَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute