وَلَوْ كَانَ بَيْعًا فِي حَقِّهِمَا لَبَطَلَ كَبَيْعِهِ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي عَيْنِيٌّ.
(وَ) الْخَامِسُ (جَازَ قَبْضُ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ مِنْهُ) بَعْدَهَا (بِلَا إعَادَةِ) كَيْلِهِ وَوَزْنِهِ (وَ) السَّادِسُ (جَازَ هِبَةُ الْبَيْعِ مِنْهُ بَعْدَ الْإِقَالَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ) وَلَوْ كَانَ بَيْعًا فِي حَقِّهِمَا لَمَا جَازَ كُلُّ ذَلِكَ (وَ) إنَّمَا (هِيَ بَيْعٌ فِي حَقِّ ثَالِثٍ) أَيْ لَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ فَلَوْ قَبْلَهُ فَهِيَ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ وَلَوْ بِلَفْظِ مُفَاسَخَةٍ أَوْ مُتَارَكَةٍ أَوْ تَرَادٍّ لَمْ تُجْعَلْ بَيْعًا اتِّفَاقًا أَوْ لَوْ بِلَفْظِ الْبَيْعِ فَبَيْعٌ إجْمَاعًا.
وَثَمَرَتُهُ فِي مَوَاضِعَ (فَ) الْأَوَّلُ (لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا فَسَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ ثُمَّ تَقَايَلَا قُضِيَ لَهُ بِهَا) لِكَوْنِهَا بَيْعًا جَدِيدًا فَكَانَ الشَّفِيعُ ثَالِثَهُمَا (وَ) الثَّانِي (لَا يَرُدُّ الْبَائِعُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بِعَيْبٍ عَلِمَهُ بَعْدَهَا)
ــ
[رد المحتار]
بَاعَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو شَيْئًا مَنْقُولًا كَثَوْبٍ وَقَبَضَهُ ثُمَّ تَقَايَلَا ثُمَّ بَاعَهُ زَيْدٌ ثَانِيًا مِنْ عَمْرٍو قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْهُ جَازَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ فَسْخٌ فِي حَقِّهِمَا، فَقَدْ عَادَ إلَى الْبَائِعِ مِلْكُهُ السَّابِقُ فَلَمْ يَكُنْ بَائِعًا مَا شَرَاهُ قَبْلَ قَبْضِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ) أَيْ عَقْدُ الْمُقَايَلَةِ. (قَوْلُهُ: لَبَطَلَ) أَيْ فَسَدَ وَبِهِ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ بَاعَ الْمَنْقُولَ قَبْلَ قَبْضِهِ ط. (قَوْلُهُ: كَبَيْعِهِ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي) أَيْ كَمَا لَوْ بَاعَهُ الْبَائِعُ الْمَذْكُورُ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ لِكَوْنِ الْإِقَالَةِ بَيْعًا جَدِيدًا فِي حَقِّ ثَالِثٍ: فَصَارَ بَائِعًا مَا شَرَاهُ قَبْلَ قَبْضِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي لِمَا عَلِمْت.
(قَوْلُهُ: جَازَ قَبْضُ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ) الْمُرَادُ جَوَازُ التَّصَرُّفِ بِهِ بِبَيْعٍ أَوْ أَكْلٍ بِلَا إعَادَةِ كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ، وَلَوْ كَانَتْ الْإِقَالَةُ بَيْعًا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ، وَقَوْلُهُ مِنْهُ: أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي مُتَعَلِّقٌ بِقَبْضُ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقَبْضِ) مُتَعَلِّقٌ بِهِبَةٍ وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْإِقَالَةُ بَيْعًا انْفَسَخَ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ بِهِبَةِ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَإِذَا انْفَسَخَ لَمْ تَصِحَّ الْهِبَةُ. (قَوْلُهُ: بَيْعٌ فِي حَقِّ ثَالِثٍ) إنَّمَا كَانَتْ عِنْدَهُ فَسْخًا فِي حَقِّهِمَا؛ لِأَنَّهَا تُنْبِئُ عَنْ الْفَسْخِ وَالرَّفْعِ، وَبَيْعًا فِي حَقِّ الثَّالِثِ ضَرُورَةَ أَنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ مِثْلُ حُكْمِ الْبَيْعِ، وَهُوَ الْمِلْكُ لَا مُقْتَضَى الصِّيغَةِ، فَحُمِلَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِمَا عَلَى غَيْرِهِمَا كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَتَوْضِيحُهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْجَوْهَرَةِ. (قَوْلُهُ: بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ) أَيْ صَرِيحًا أَوْ ضِمْنًا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ بِالتَّعَاطِي كَمَا مَرَّ، فَالْمُرَادُ الِاحْتِرَازُ عَمَّا لَوْ كَانَتْ بِلَفْظِ فَسْخٍ وَنَحْوِهِ أَوْ بَيْعٍ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ) أَيْ فِي الْمَنْقُولِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، أَمَّا فِي الْعَقَارِ فَهِيَ بَيْعٌ مُطْلَقًا لِجَوَازِ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ كَوْنِهَا بَيْعًا بَعْدَ الْقَبْضِ فَسْخًا قَبْلَهُ، هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ أَنَّ هَذَا رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ وَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُ الْإِطْلَاقِ اهـ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَمِنْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّهَا بَيْعٌ فِي حَقِّ الْغَيْرِ، سَوَاءٌ كَانَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ، وَحَمْلُهُ عَلَى الْعَقَارِ بَعِيدٌ، فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لَمْ تُجْعَلْ بَيْعًا اتِّفَاقًا) إعْمَالًا لِمَوْضُوعِهِ اللُّغَوِيِّ ط عَنْ الدُّرَرِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَفْظِ الْبَيْعِ) كَمَا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ لَهُ بِعْنِي مَا اشْتَرَيْت فَقَالَ: بِعْت كَانَ بَيْعًا بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: فَبَيْعٌ إجْمَاعًا) أَيْ مِنْ أَبِي يُوسُفَ وَمِنْهُمَا فَيَجْرِي فِيهَا حُكْمُ الْبَيْعِ حَتَّى إذَا دَفَعَ السِّلْعَةَ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الثَّمَنِ، كَانَ بَيْعًا فَاسِدًا ط وَكَذَا يَفْسُدُ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مَنْقُولًا قَبْلَ قَبْضِهِ وَمَا فِي ح مِنْ أَنَّهَا بَيْعٌ لَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَإِلَّا فَفَسْخٌ لِئَلَّا يَلْزَمَ بَيْعُ الْمَنْقُولِ قَبْلَ قَبْضِهِ، فَفِيهِ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ فِي لَفْظِ الْإِقَالَةِ وَالْكَلَامُ فِي لَفْظِ الْبَيْعِ فَافْهَمْ، وَلَا يَرِدُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ قَالَ لِلْبَائِعِ بِعْهُ لِنَفْسِك، فَلَوْ بَاعَ جَازَ وَانْفَسَخَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَيْعِ هُنَا أَنْ يَبِيعَهُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ وَفِيمَا مَرَّ إذْنُهُ بِالْبَيْعِ لِنَفْسِهِ يَقْتَضِي تَقَدُّمَ الْإِقَالَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.
(قَوْلُهُ: وَثَمَرَتُهُ) أَيْ ثَمَرَةُ كَوْنِهَا بَيْعًا فِي حَقِّ ثَالِثٍ. (قَوْلُهُ: فَسَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ) قَيَّدَ بِهِ لِتَظْهَرَ فَائِدَةُ كَوْنِهَا بَيْعًا، وَإِلَّا لَوْ لَمْ يُسَلِّمْ بِأَنْ أَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ فَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ أَيْضًا إنْ شَاءَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَإِنْ شَاءَ بِالْبَيْعِ الْحَاصِلِ بِالْإِقَالَةِ تَأَمَّلْ رَمْلِيٌّ. (قَوْلُهُ: قَضَى لَهُ بِهَا) أَيْ إذَا طَلَبَهَا عِنْدَ عِلْمِهِ بِالْمُقَابَلَةِ. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي لَا يَرُدُّ إلَخْ) أَيْ بَاعَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مِنْ آخَرَ ثُمَّ تَقَايَلَا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ، فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فِي حَقِّهِ فَالثَّالِثُ هُنَا هُوَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute