للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَحْوِهِ، ثُمَّ بَاعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى تِلْكَ الْقِيمَةِ جَازَ مَبْسُوطٌ. (وَالتَّوْلِيَةُ) مَصْدَرُ وَلَّى غَيْرَهُ جَعَلَهُ وَالِيًا وَشَرْعًا (بَيْعُهُ بِثَمَنِهِ الْأَوَّلِ) وَلَوْ حُكْمًا يَعْنِي بِقِيمَتِهِ، وَعَبَّرَ عَنْهَا بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ. (وَشَرْطُ صِحَّتِهِمَا كَوْنُ الْعِوَضِ مِثْلِيًّا أَوْ) قِيَمِيًّا (مَمْلُوكًا لِلْمُشْتَرِي وَ) كَوْنُ (الرِّبْحِ شَيْئًا مَعْلُومًا) وَلَوْ قِيَمِيًّا مُشَارًا إلَيْهِ كَهَذَا الثَّوْبِ لِانْتِفَاءِ الْجَهَالَةِ

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَالْأَظْهَرُ كَوْنُ الْمُرَادِ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) أَيْ كَصَبَّاغٍ وَطَرَّازٍ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَاعَهُ مُرَابَحَةً) أَيْ بِزِيَادَةِ رِبْحٍ عَلَى تِلْكَ الْقِيمَةِ الَّتِي قَوَّمَ بِهَا الْمَوْهُوبَ وَنَحْوَهُ مَعَ ضَمِّ الْمُؤْنَةِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا كَانَ اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ فَإِنَّهُ يُرَابِحُ عَلَى ثَمَنِهِ لَا عَلَى قِيمَتِهِ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: جَعَلَهُ وَالِيًا) فَكَأَنَّ الْبَائِعَ جَعَلَ الْمُشْتَرِطَ وَالِيًا فِيمَا اشْتَرَاهُ نَهْرٌ: أَيْ جَعَلَ لَهُ وِلَايَةً عَلَيْهِ وَهَذَا إبْدَاءُ مُنَاسَبَةِ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ لِلْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ. (قَوْلُهُ: بَيْعُهُ بِثَمَنِهِ الْأَوَّلِ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُصَنِّفَ عَدَلَ فِي تَعْرِيفِ الْمُرَابَحَةِ، عَنْ التَّعْبِيرِ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ إلَى قَوْلِهِ بِمَا قَامَ عَلَيْهِ لِدَفْعِ الْإِيرَادِ السَّابِقِ فَمَا فَرَّ مِنْهُ أَوَّلًا وَقَعَ فِيهِ ثَانِيًا، فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَالتَّوْلِيَةُ بَيْعُهُ كَذَلِكَ بِلَا فَضْلٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ حُكْمًا) أَدْخَلَ بِهِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ بِهِبَةٍ إلَخْ فَإِنَّهُ يُوَلِّيهِ بِقِيمَتِهِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَمْلِكْهُ بِثَمَنٍ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي بِقِيمَتِهِ) تَفْسِيرٌ لِلثَّمَنِ الْحُكْمِيِّ لَا لِقَوْلِهِ بِثَمَنِهِ كَمَا لَا يَخْفَى ح. (قَوْلُهُ: وَعَبَّرَ عَنْهَا بِهِ) أَيْ بِالثَّمَنِ حَيْثُ أَرَادَ بِهِ مَا يَعُمُّ الْقِيمَةَ حَتَّى صَارَ عِبَارَةً عَنْهُ وَعَنْهَا فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْغَالِبُ) أَيْ الْغَالِبُ فِيمَا يَمْلِكُهُ الْإِنْسَانُ أَنَّهُ يَكُونُ بِثَمَنٍ سَابِقٍ. (قَوْلُهُ: كَوْنُ الْعِوَضِ) أَيْ الْكَائِنِ فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ اهـ. ح وَهُوَ مَلَكَ بِهِ الْمَبِيعَ نَهْرٌ [تَنْبِيهٌ]

اُسْتُفِيدَ مِنْ التَّعْرِيفِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ دُونَ مَا وَقَعَ عِوَضًا عَنْهُ، فَلَوْ اشْتَرَى بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَدَفَعَ عَنْهَا دِينَارًا أَوْ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ فَرَأْسُ الْمَالِ الْعَشَرَةُ لَا الدِّينَارُ وَالثَّوْبُ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهُ بِعَقْدٍ آخَرَ وَهُوَ الِاسْتِبْدَالُ فَتْحٌ، وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مِثْلِيًّا فَرَابَحَ عَلَى بَعْضِهِ كَقَفِيزٍ مِنْ قَفِيزَيْنِ جَازَ لِعَدَمِ التَّفَاوُتِ بِخِلَافِ الْقِيَمِيِّ وَتَمَامُ تَعْرِيفِهِ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ. وَفِي الْمُحِيطِ: لَوْ كَانَ ثَوْبًا وَنَحْوَهُ لَا يَبِيعُ جُزْءًا مِنْهُ مُعَيَّنًا لِانْقِسَامِهِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، وَإِنْ بَاعَ جُزْءًا شَائِعًا وَقِيلَ يَفْسُدُ بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: مِثْلِيًّا) كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ بِأَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَبْدٍ مُقَايَضَةً مَثَلًا فَرَابَحَهُ أَوْ وَلَّاهُ إيَّاهُ كَانَ بَيْعًا بِقِيمَةِ عَبْدٍ صِفَتُهُ كَذَا أَوْ بِقِيمَةِ عَبْدٍ ابْتِدَاءً وَهِيَ مَجْهُولَةٌ فَتْحٌ وَنَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: أَوْ قِيَمِيًّا مَمْلُوكًا لِلْمُشْتَرِي) صُورَتُهُ: اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو عَبْدًا بِثَوْبٍ ثُمَّ بَاعَ الْعَبْدَ مِنْ بَكْرٍ بِذَلِكَ الثَّوْبِ مَعَ رِبْحٍ أَوْ لَا، وَالْحَالُ أَنَّ بَكْرًا كَانَ قَدْ مَلَكَ الثَّوْبَ مِنْ عَمْرٍو قَبْلَ شِرَاءِ الْعَبْدِ أَوْ اشْتَرَى الْعَبْدَ بِالثَّوْبِ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهُ مِنْ عَمْرٍو فَأَجَازَهُ بَعْدَهُ، فَلَا شَكَّ أَنَّ الثَّوْبَ بَعْدَ الْإِجَازَةِ صَارَ مَمْلُوكًا لِبَكْرٍ الْمُشْتَرِي فَيَتَنَاوَلُهُ قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ مَمْلُوكًا لِلْمُشْتَرِي اهـ ح فَهَذِهِ الصُّورَةُ مُسْتَثْنَاةٌ مِمَّا لَا مِثْلَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَكَوْنُ الرِّبْحِ شَيْئًا مَعْلُومًا) تَقْرِيرُ لَفْظِ الْكَوْنِ، هُوَ مُقْتَضَى نَصْبِ الْمُصَنِّفِ قَوْلَهُ مَعْلُومًا، وَوَقَعَ فِي عِبَارَةِ الْمَجْمَعِ مَرْفُوعًا حَيْثُ قَالَ: وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ الْعِوَضُ مِثْلِيًّا أَوْ مَمْلُوكًا لِلْمُشْتَرِي، وَالرِّبْحُ مِثْلِيٌّ مَعْلُومٌ، وَمِثْلُهُ فِي الْغُرَرِ وَصَرَّحَ فِي شَرْحِهِ الدُّرَرِ بِأَنَّ الْجُمْلَةَ حَالِيَّةٌ، وَكَذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ: إنَّ قَوْلَهُ أَيْ الْمَجْمَعِ وَالرِّبْحُ مِثْلِيٌّ مَعْلُومٌ شَرْطٌ فِي الْقِيَمِيِّ الْمَمْلُوكِ لِلْمُشْتَرِي كَمَا لَا يَخْفَى اهـ. وَتَبِعَهُ فِي الْمِنَحِ، فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ شَرْطًا مُسْتَقِلًّا، بَلْ هُوَ شَرْطٌ لِلشَّرْطِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ مَعْلُومِيَّةَ الرِّبْحِ وَإِنْ كَانَتْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ مُطْلَقًا، لَكِنَّهُ أَمْرٌ ظَاهِرٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ جَهَالَتَهُ تُفْضِي إلَى جَهَالَةِ الثَّمَنِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ الَّذِي مَلَكَ بِهِ الْمَبِيعَ فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>