للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ مُوَرِّثَهُ فَيَتَعَدَّى إلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ أَشْبَاهٌ (فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمِلْكِ مِنْهُمْ) لِلْحُكْمِ عَلَيْهِمْ (بَلْ دَعْوَى النِّتَاجِ وَلَا يَرْجِعُ) أَحَدٌ مِنْ الْمُشْتَرِينَ (عَلَى بَائِعِهِ مَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ

ــ

[رد المحتار]

وَصُورَتُهُ: دَارٌ بِيَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي أَنَّهَا لَهُ فَجَاءَ آخَرُ وَادَّعَى أَنَّهَا لَهُ وَقُضِيَ لَهُ بِهَا فَجَاءَ أَخُو الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ، وَادَّعَى أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِيهِ تَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ وَلِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ يُقْضَى لِلْأَخِ الْمُدَّعِي بِنِصْفِهَا لِأَنَّ ذَاكَ لَمْ يَقُلْ مِلْكِي لِأَنِّي وَرِثْتهَا مِنْ أَبِي لِيَصِيرَ الْأَخُ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ الْأَخُ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ بَعْدَ إنْكَارِهِ وَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَلَوْ أَقَرَّ بِالْإِرْثِ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْأَخِ اهـ قَالَ: وَذَكَرَ قَبْلَهُ إذَا صَارَ الْمُوَرِّثُ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ فِي مَحْدُودٍ فَمَاتَ فَادَّعَى وَارِثُهُ ذَلِكَ الْمَحْدُودَ إنْ ادَّعَى الْإِرْثَ مِنْ هَذَا الْمُوَرِّثِ لَا تُسْمَعُ، وَإِنْ ادَّعَى مُطْلَقًا تُسْمَعُ وَإِنْ كَانَ الْمُوَرِّثُ مُدَّعِيًا وَقُضِيَ لَهُ ثُمَّ بَعْدَ مَوْتِهِ ادَّعَى وَارِثُ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ عَلَى وَارِثِ الْمَقْضِيِّ لَهُ هَذَا الْمَحْدُودَ مُطْلَقًا لَا تُسْمَعُ اهـ.

[فَرْعٌ] فِي الْبَزَّازِيَّةِ: مُسْلِمٌ بَاعَ عَبْدًا مِنْ نَصْرَانِيٍّ فَاسْتَحَقَّهُ نَصْرَانِيٌّ بِشَهَادَةِ نَصْرَانِيَّيْنِ لَا يُقْضَى لَهُ، لِأَنَّهُ لَوْ قُضِيَ لَهُ لَرَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُوَرِّثَهُ) الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى مَنْ فِي قَوْلِهِ وَعَلَى مَنْ تَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْهُ: أَيْ لَوْ اشْتَرَاهُ ذُو الْيَدِ مِنْ مُوَرِّثِهِ، فَالْحُكْمُ عَلَيْهِ بِالِاسْتِحْقَاقِ حُكْمٌ عَلَى الْمُوَرِّثِ، فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بِالْإِرْثِ (قَوْلُهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمِلْكِ مِنْهُمْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالْحُكْمُ بِهِ حُكْمٌ عَلَى ذِي الْيَدِ إلَخْ دُرَرٌ. وَأَتَى بِضَمِيرِ الْجَمْعِ إشَارَةً إلَى شُمُولِ مَا لَوْ تَعَدَّدَ الْبَيْعُ مِنْ وَاحِدٍ إلَى آخَرَ وَهَكَذَا، وَلِذَا قَالَ فِي الدُّرَرِ بِلَا وَاسِطَةٍ أَوْ وَسَائِطَ وَفَرَّعَ فِي الْغُرَرِ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا: أَنَّهُ لَا تُعَادُ الْبَيِّنَةُ لِلرُّجُوعِ قَالَ فِي شَرْحِهِ يَعْنِي إذَا كَانَ الْحُكْمُ لِلْمُسْتَحِقِّ حُكْمًا عَلَى الْبَاعَةِ فَإِذَا أَرَادَ وَاحِدٌ مِنْ الْمُشْتَرِيَيْنِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ بَلْ دَعْوَى النِّتَاجِ) عِبَارَةُ الْغُرَرِ: بَلْ دَعْوَى النِّتَاجِ أَوْ تَلَقِّي الْمِلْكِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ. قَالَ فِي شَرْحِهِ الدُّرَرَ: بِأَنْ يَقُولَ بَائِعٌ مِنْ الْبَاعَةِ حِينَ رُجِعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ أَنَا لَا أُعْطِي الثَّمَنَ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ كَاذِبٌ لِأَنَّ الْمَبِيعَ نَتَجَ فِي مِلْكِي أَوْ مِلْكِ بَائِعِي بِلَا وَاسِطَةٍ، أَوْ بِهَا فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَيَبْطُلُ الْحُكْمُ إنْ أَثْبَتَ، أَوْ يَقُولَ: أَنَا لَا أُعْطِي الثَّمَنَ لِأَنِّي اشْتَرَيْته مِنْ الْمُسْتَحِقِّ فَتُسْمَعُ أَيْضًا اهـ. وَأَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِإِثْبَاتِ النِّتَاجِ حُضُورُ الْمُسْتَحِقِّ، كَمَا أَجَابَ بِهِ فِي الْحَامِدِيَّةِ وَقَالَ: إنَّهُ مُقْتَضَى مَا أَفْتَى بِهِ فِي الْخَيْرِيَّةِ فِي بَابِ الْإِقَالَةِ مُوَافِقًا لِمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ، مِنْ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ أَظْهَرُ وَأَشْبَهُ، لَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ إنَّ الِاشْتِرَاطَ هُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ.

قُلْت: وَعِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْإِسْلَامِ يُقْبَلُ بِلَا حَضْرَتِهِ، لِأَنَّ الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ أَمْرٌ يَخُصُّ الْمُشْتَرِيَ فَاكْتُفِيَ بِحُضُورِهِ، وَاخْتِيَارُ صَاحِبِ الْمَنْظُومَةِ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِهِمَا وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَالْأَشْبَهُ عَدَمُ الْقَبُولِ بِلَا حُضُورِ الْمُسْتَحِقِّ اهـ لَكِنْ فِي الذَّخِيرَةِ قِيلَ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ يُشْتَرَطُ، وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ لَا يُشْتَرَطُ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَشْبَهُ وَأَظْهَرُ اهـ. وَهَكَذَا عَزَاهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ إلَى الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ وَمِثْلُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَنُورِ الْعَيْنِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْعَكْسِ سَبْقُ قَلَمٍ، حَرَّرْنَاهُ فِي تَنْقِيحِ الْحَامِدِيَّةِ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ.

وَاخْتُلِفَ فِي اشْتِرَاطِ حَضْرَةِ الْمَبِيعِ وَأَفْتَى ظَهِيرُ الدِّينِ بَعْدَهُ كَمَا سَنَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ) فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوْسَطِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي الْأَخِيرُ دُرَرٌ. وَأَفَادَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إلْزَامُ الْقَاضِي الْبَائِعَ بِالثَّمَنِ، بَلْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ بِدُونِهِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا عَلِمْت، ثُمَّ إنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ الرُّجُوعُ إذَا لَمْ يُبْرِئْهُ الْبَائِعُ عَنْ الثَّمَنِ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ، فَلَوْ أَبْرَأَهُ الْبَائِعُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ مِنْ يَدِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ، لِأَنَّهُ لَا ثَمَنَ لَهُ عَلَى بَائِعِهِ، وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الْبَاعَةِ لَا يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، ذَخِيرَةٌ، أَيْ لِتَعَذُّرِ الْقَضَاءِ عَلَى الَّذِي أَبْرَأَ مُشْتَرِيَهُ، جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>