وَفِي الْعَيْنِيِّ أَنَّهُ قِيَمِيٌّ عِنْدَهُ مِثْلِيٌّ عِنْدَهُمَا (وَ) لَا (بِمِكْيَالٍ وَذِرَاعٍ وَمَجْهُولٍ) قَيْدٌ فِيهِمَا وَجَوَّزَهُ الثَّانِي فِي الْمَاءِ قُرْبًا لِلتَّعَامُلِ فَتْحٌ (وَبُرِّ قَرْيَةٍ) بِعَيْنِهَا (وَثَمَرِ نَخْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ إلَّا إذَا كَانَتْ النِّسْبَةُ لِثَمَرَةٍ) أَوْ نَخْلَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ (لِبَيَانِ الصِّفَةِ) لَا لِتَعْيِينِ الْخَارِجِ كَقَمْحِ مَرْجِيٍّ أَوْ بَلَدِيٍّ بِدِيَارِنَا
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ هَلْ اللَّحْمُ قِيَمِيٌّ أَوْ مِثْلِيٌّ (قَوْلُهُ وَفِي الْعَيْنِيِّ إلَخْ) فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ وَإِقْرَاضُ اللَّحْمِ عِنْدَهُمَا يَجُوزُ كَالسَّلَمِ، وَعَنْهُ رِوَايَتَانِ وَهُوَ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ فِي ضَمَانِ الْعَدِّ وَإِنْ لَوْ مَطْبُوخًا إجْمَاعًا وَلَوْ نِيئًا فَكَذَلِكَ هُوَ الصَّحِيحُ اهـ وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ عَنْ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَالْمُنْتَقَى أَنَّ اللَّحْمَ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ وَاخْتَارَ الْإِسْبِيجَابِيُّ ضَمَانَهُ بِالْمِثْلِ وَهُوَ الْوَجْهُ، لِأَنَّ جَرَيَانَ رِبَا الْفَضْلِ فِيهِ قَاطِعٌ بِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الضَّمَانِ وَالسَّلَمِ بِأَنَّ الْمُعَادَلَةَ فِي الضَّمَانِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا وَتَمَامُهَا بِالْمِثْلِ، لِأَنَّهُ مِثْلٌ صُورَةً وَمَعْنًى وَالْقِيمَةُ مِثْلٌ مَعْنًى فَقَطْ وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَلَا بِمِكْيَالٍ وَذِرَاعٍ مَجْهُولٍ) أَيْ لَمْ يَدْرِ قَدْرَهُ كَمَا فِي الْكَنْزِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ بِمِكْيَالٍ مُعَيَّنٍ أَوْ بِذِرَاعٍ مُعَيَّنٍ لَا يُعْرَفُ قَدْرُهُ، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَضِيعَ فَيُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ بِهِ حَالًا حَيْثُ يَجُوزُ، لِأَنَّ التَّسْلِيمَ بِهِ يَجِبُ فِي الْحَالِ، فَلَا يُتَوَهَّمُ فَوْتُهُ وَفِي السَّلَمِ يَتَأَخَّرُ التَّسْلِيمُ فَيُخَافُ فَوْتُهُ زَيْلَعِيٌّ زَادَ فِي الْهِدَايَةِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمِكْيَالُ مِمَّا لَا يَنْقَبِضُ وَلَا يَنْبَسِطُ كَالْقِصَاعِ مَثَلًا وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَنْكَبِسُ بِالْكَبْسِ كَالزِّنْبِيلِ وَالْجِرَابِ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي قِرَبِ الْمَاءِ لِلتَّعَامُلِ فِيهِ كَذَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ اهـ وَاعْتَرَضَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ فِي الْبَيْعِ حَالًا حَيْثُ يَجُوزُ بِإِنَاءٍ لَا يُعْرَفُ قَدْرُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَنْكَبِسَ وَلَا يَنْبَسِطَ، وَيُفِيدُ فِيهِ اسْتِثْنَاءُ قِرَبِ الْمَاءِ، وَلَا يَسْتَقِيمُ فِي السَّلَمِ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ قَدْرُهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ بِهِ مُطْلَقًا، وَإِنْ عُرِفَ قَدْرُهُ فَالسَّلَمُ بِهِ لِبَيَانِ الْقَدْرِ لَا لِتَعْيِينِهِ، فَكَيْفَ يَتَأَتَّى فِيهِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُنْكَبِسِ وَغَيْرِهِ اهـ. وَأَجَابَ فِي النَّهْرِ: بِأَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ بِمِقْدَارِ هَذَا الْوِعَاءِ بُرًّا وَقَدْ عَرَفَ أَنَّهُ وَيْبَةٌ مَثَلًا جَازَ غَيْرَ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَنْقَبِضُ وَيَنْبَسِطُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ وَقْتَ التَّسْلِيمِ فِي الْكَبْسِ وَعَدَمِهِ، لِأَنَّهُ عِنْدَ بَقَاءِ عَيْنِهِ يَتَعَيَّنُ وَقَوْلُهُ لِلزَّيْلَعِيِّ: لَا لِتَعْيِينِهِ مَمْنُوعٌ، نَعَمْ هَلَاكُهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِمِقْدَارِهِ لَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ اهـ.
قُلْت: وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ لِأَنَّ الْوِعَاءَ إذَا تَحَقَّقَ مَعْرِفَةُ قَدْرِهِ لَا يَتَعَيَّنُ قَطْعًا، وَإِلَّا فَسَدَ الْعَقْدُ بَعْدَ هَلَاكِهِ وَلَا نِزَاعَ بَعْدَ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ لِإِمْكَانِ الْعُدُولِ إلَى مَا عُرِفَ مِنْ مِقْدَارِهِ فَيُسْلِمُهُ بِلَا مُنَازَعَةٍ، كَمَا إذَا هَلَكَ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا عُرِفَ قَدْرُهُ وَيَظْهَرُ لِي الْجَوَابُ عَنْ الْهِدَايَةِ بِأَنَّ قَوْلَهُ: وَلَا بُدَّ إلَخْ بَيَانٌ لِمَا يُعْرَفُ قَدْرُهُ لَا شَرْطٌ زَائِدٌ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مِمَّا يَنْقَبِضُ وَيَنْكَبِسُ بِالْكَبْسِ لَا يَتَقَدَّرُ بِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ، لِتَفَاوُتِ الِانْقِبَاضِ وَالْكَبْسِ فَيُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ، وَلِذَا لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ فِيهِ حَالًا، فَكَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ وَارِدٌ عَلَى مَا يَتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّهُ شَرْطٌ زَائِدٌ عَلَى مَعْرِفَةِ الْقَدْرِ وَعَلَى مَا قُلْنَا فَلَا فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ.
(قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَتْ النِّسْبَةُ لِثَمَرَةٍ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطَ قَوْلِهِ لِثَمَرَةٍ أَوْ أَنَّهُ يَقُولُ لِثَمَرَةٍ أَوْ بُرٍّ إلَى نَخْلَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ تَأَمَّلْ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: فَلَوْ كَانَتْ نِسْبَةُ الثَّمَرَةِ إلَى قَرْيَةٍ مُعَيَّنَةٍ لِبَيَانِ الصِّفَةِ لَا لِتَعْيِينِ الْخَارِجِ مِنْ أَرْضِهَا بِعَيْنِهِ كَالْخُشْرَانِيِّ بِبُخَارَى وَالسِّبَاخِيِّ: وَهِيَ قَرْيَةٌ حِنْطَتُهَا جَيِّدَةٌ بِفَرْغَانَةَ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ خُصُوصُ النَّابِتِ هُنَاكَ، بَلْ الْإِقْلِيمُ وَلَا يُتَوَهَّمُ انْقِطَاعُ طَعَامِ إقْلِيمٍ بِكَمَالِهِ فَالسَّلَمُ فِيهِ وَفِي طَعَامِ الْعِرَاقِ وَالشَّامِ سَوَاءٌ، وَكَذَا فِي دِيَارِ مِصْرَ فِي قَمْحِ الصَّعِيدِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُجْتَبَى وَغَيْرِهِ: لَوْ أَسْلَمَ فِي حِنْطَةِ بُخَارَى أَوْ سَمَرْقَنْدَ أَوْ إسْبِيجَابِ لَا يَجُوزُ لِتَوَهُّمِ انْقِطَاعِهِ وَلَوْ أَسْلَمَ فِي حِنْطَةِ هَرَاةَ لَا يَجُوزُ أَوْ فِي ثَوْبِ هَرَاةَ وَذَكَرَ شُرُوطَ السَّلَمِ يَجُوزُ لِأَنَّ حِنْطَتَهَا يُتَوَهَّمُ انْقِطَاعُهَا إذْ الْإِضَافَةُ لِتَخْصِيصِ الْبُقْعَةِ، بِخِلَافِ إضَافَةِ الثَّوْبِ لِأَنَّهَا لِبَيَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute