للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَيْ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ (رَبُّ السَّلَمِ أَنْ يَكِيلَ الْمُسْلَمَ فِيهِ) فِي ظَرْفِهِ (فَكَالَهُ فِي ظَرْفِهِ) أَيْ وِعَاءِ رَبِّ السَّلَمِ (بِغَيْبَتِهِ لَمْ يَكُنْ قَبْضًا) أَمَّا بِحَضْرَتِهِ فَيَصِيرُ قَابِضًا بِالتَّخْلِيَةِ (أَوْ أَمَرَ) الْمُشْتَرِي (الْبَائِعَ بِذَلِكَ فَكَالَهُ فِي ظَرْفِهِ) ظَرْفِ الْبَائِعِ (لَمْ يَكُنْ قَبْضًا) لِحَقِّهِ (بِخِلَافِ كَيْلِهِ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي بِأَمْرِهِ) فَإِنَّهُ قَبْضٌ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْعَيْنِ وَالْأَوَّلُ فِي الذِّمَّةِ

(كَيْلُ الْعَيْنِ) الْمُشْتَرَاةِ (ثُمَّ) كَيْلُ (الدَّيْنِ) الْمُسْلَمِ فِيهِ وَجَعْلُهُمَا (فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ بِأَمْرِهِ) لِتَبَعِيَّةِ الدَّيْنِ لِلْعَيْنِ (وَعَكْسُهُ) وَهُوَ كَيْلُ الدَّيْنِ أَوَّلًا (لَا) يَكُونُ قَبْضًا وَخَيَّرَاهُ بَيْنَ نَقْضِ الْبَيْعِ وَالشَّرِكَةِ.

(أَسْلَمَ أَمَةً فِي كُرِّ) بُرٍّ (وَقَبَضَتْ فَتَقَايَلَا) السَّلَمَ (فَمَاتَتْ) قَبْلَ قَبْضِهَا بِحُكْمِ الْإِقَالَةِ (بَقِيَ) عَقْدُ الْإِقَالَةِ (أَوْ مَاتَتْ فَتَقَايَلَا صَحَّ) لِبَقَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ

ــ

[رد المحتار]

لِصَحَّ

(قَوْلُهُ أَيْ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ) تَفْسِيرٌ لِلضَّمِيرِ الْمُتَّصِلِ الْمَنْصُوبِ (قَوْلُهُ فِي ظَرْفِهِ) أَيْ ظَرْفِ رَبِّ السَّلَمِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ حُكْمُ مَا إذَا أَمَرَهُ بِكَيْلِهِ فِي ظَرْفِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِالْأَوْلَى بَحْرٌ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الظَّرْفِ طَعَامٌ لِرَبِّ السَّلَمِ فَلَوْ فِيهِ طَعَامُهُ، فَفِي الْمَبْسُوطِ: الْأَصَحُّ عِنْدِي أَنَّهُ يَصِيرُ قَابِضًا لِأَنَّ أَمْرَهُ بِخَلْطِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ مُعْتَبَرٌ، فَيَصِيرُ بِهِ قَابِضًا فَتْحٌ (قَوْلُهُ فَيَصِيرُ قَابِضًا بِالتَّخْلِيَةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الظَّرْفُ لَهُ أَوْ لِلْبَائِعِ أَوْ مُسْتَأْجَرًا وَبِهِ صَرَّحَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ بَحْرٌ عَنْ الْبِنَايَةِ (قَوْلُهُ بِذَلِكَ) أَيْ بِكَيْلِهِ فِي ظَرْفِهِ (قَوْلُهُ ظَرْفِ الْبَائِعِ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ ظَرْفِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ قَبْضًا لِحَقِّهِ) لِأَنَّ رَبَّ السَّلَمِ حَقُّهُ فِي الذِّمَّةِ وَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالْقَبْضِ فَلَمْ يُصَادِفْ أَمْرُهُ مِلْكَهُ، فَلَا يَصِحُّ فَيَكُونُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مُسْتَعِيرًا لِلظَّرْفِ جَاعِلًا فِيهِ مِلْكَ نَفْسِهِ كَالدَّائِنِ إذَا دَفَعَ كِيسًا إلَى الْمَدِينِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَزِنَ دَيْنَهُ، وَيَجْعَلَهُ فِيهِ لَمْ يَصِرْ قَابِضًا وَفِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ يَكُونُ الْمُشْتَرِي اسْتَعَارَ ظَرْفَ الْبَائِعِ، وَلَمْ يَقْبِضْهُ فَلَا يَصِيرُ بِيَدِهِ فَكَذَا مَا يَقَعُ فِيهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَكِيلَهُ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ بَيْتِ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْبَيْتَ بِنَوَاحِيهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْعَيْنِ) لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ، فَيَصِحُّ أَمْرُهُ لِمُصَادَفَتِهِ مِلْكَهُ، فَيَكُونُ قَابِضًا بِجَعْلِهِ فِي الظَّرْفِ وَيَكُونُ الْبَائِعُ وَكِيلًا فِي إمْسَاكِ الظَّرْفِ فَيَكُونُ الظَّرْفُ وَالْوَاقِعُ فِيهِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي حُكْمًا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهُ بِالطَّحْنِ كَانَ الطَّحِينُ فِي السَّلَمِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَفِي الشِّرَاءِ لِلْمُشْتَرِي لِصِحَّةِ الْأَمْرِ، وَكَذَا إذَا أَمَرَهُ أَنْ يَصُبَّهُ فِي الْبَحْرِ فِي السَّلَمِ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَفِي الشِّرَاءِ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي اهـ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَأَوْرَدَ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ الْبَائِعَ بِالْقَبْضِ صَرِيحًا لَمْ يَصِحَّ فَعَدَمُ الصِّحَّةِ هُنَا أَوْلَى، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا صَحَّ أَمْرُهُ لِكَوْنِهِ مَالِكًا صَارَ وَكِيلًا لَهُ ضَرُورَةً وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ يَثْبُتُ ضِمْنًا لَا قَصْدًا

(قَوْلُهُ كَيْلُ الْعَيْنِ) مُبْتَدَأٌ وَجَعْلُهُمَا مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ قَبْضٌ خَبَرُهُ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ رَجُلٌ أَسْلَمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ اشْتَرَى رَبُّ السَّلَمِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ كُرَّ حِنْطَةٍ بِعَيْنِهَا وَدَفَعَ رَبُّ السَّلَمِ ظَرْفًا إلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِيَجْعَلَ الْكُرَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ وَالْكُرَّ الْمُشْتَرَى فِي ذَلِكَ الظَّرْفِ، فَإِنْ بَدَأَ بِكَيْلِ الْعَيْنِ الْمُشْتَرَى فِي الظَّرْفِ صَارَ قَابِضًا لِلْعَيْنِ، لِصِحَّةِ الْأَمْرِ فِيهِ وَلِلدَّيْنِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لِمُصَادَفَتِهِ مِلْكَهُ كَمَنْ اسْتَقْرَضَ حِنْطَةً، وَأَمَرَ الْمُقْرِضَ أَنْ يَزْرَعَهَا فِي أَرْضِهِ وَإِنْ بَدَأَ بِالدَّيْنِ لَمْ يَصِرْ قَابِضًا لِشَيْءٍ مِنْهُمَا، أَمَّا الدَّيْنُ فَلِعَدَمِ صِحَّةِ الْأَمْرِ فِيهِ، وَأَمَّا الْعَيْنُ فَلِأَنَّهُ خَلَطَهُ بِمِلْكِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَصَارَ مُسْتَهْلَكًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَنْتَقِضُ الْبَيْعُ، وَهَذَا الْخَلْطُ غَيْرُ مَرَضِيٍّ بِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ الْبُدَاءَةَ بِالْعَيْنِ وَعِنْدَهُمَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ، وَإِنْ شَاءَ شَارَكَهُ فِي الْمَخْلُوطِ لِأَنَّ الْخَلْطَ لَيْسَ بِاسْتِهْلَاكٍ عِنْدَهُمَا دُرَرٌ

(قَوْلُهُ وَقَبَضْت) أَيْ قَبَضَهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ قَالَ فِي النَّهْرِ: قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمَا لَوْ تَفَرَّقَا لَا عَنْ قَبْضِهَا لَمْ تَصِحَّ الْإِقَالَةُ لِعَدَمِ صِحَّةِ السِّلْمِ (قَوْلُهُ قَبْلَ قَبْضِهَا) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا رَبُّ السَّلَمِ بِسَبَبِ الْإِقَالَةِ (قَوْلُهُ أَوْ مَاتَتْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ فَتَقَايَلَا فَيَكُونُ الْمَوْتُ بَعْدَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ صَحَّ) أَيْ عَقْدُ الْإِقَالَةِ (قَوْلُهُ لِبَقَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْجَارِيَةَ رَأْسُ الْمَالِ، وَهُوَ فِي حُكْمِ الثَّمَنِ فِي الْعَقْدِ وَالْمَبِيعُ هُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ وَصِحَّةُ الْإِقَالَةِ تَعْتَمِدُ قِيَامَ الْمَبِيعِ لَا الثَّمَنِ كَمَا مَرَّ فَهَلَاكُ الْأَمَةِ لَا يُغَيِّرُ حَالَ الْإِقَالَةِ مِنْ الْبَقَاءِ فِي الْأُولَى وَالصِّحَّةِ فِي الثَّانِيَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>