للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَدَّهُ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنَّهُ غَيْرُ سَدِيدٍ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ شَرْعًا لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِلتَّدَاوِي كَالْخَمْرِ فَلَا تَقَعُ الْحَاجَةُ إلَى شَرْعِ الْبَيْعِ

(وَيَجُوزُ بَيْعُ دُهْنٍ نَجِسٍ) أَيْ مُتَنَجِّسٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ (وَيُنْتَفَعُ بِهِ لِلِاسْتِصْبَاحِ) فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ كَمَا مَرَّ

(وَالذِّمِّيُّ كَالْمُسْلِمِ فِي بَيْعٍ) كَصَرْفٍ وَسَلَمٍ وَرِبًا وَغَيْرِهَا (غَيْرِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَمَيْتَةٍ لَمْ تَمُتْ حَتْفَ أَنْفِهَا) بَلْ بِنَحْوِ خَنْقٍ أَوْ ذَبْحِ مَجُوسِيٍّ فَإِنَّهَا كَخِنْزِيرٍ

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ فِي التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ (قَوْلُهُ وَرَدَّهُ فِي الْبَدَائِعِ إلَخْ) قَدَّمْنَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَبَنُ امْرَأَةٍ أَنَّ صَاحِبَ الْخَانِيَّةِ وَالنِّهَايَةِ اخْتَارَا جَوَازَهُ إنْ عَلِمَ أَنَّ فِيهِ شِفَاءً وَلَمْ يَجِدْ دَوَاءً غَيْرَهُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَفِي التَّهْذِيبِ يَجُوزُ لِلْعَلِيلِ شُرْبُ الْبَوْلِ وَالدَّمِ وَالْمَيْتَةِ لِلتَّدَاوِي إذَا أَخْبَرَهُ طَبِيبٌ مُسْلِمٌ أَنَّ فِيهِ شِفَاءَهُ وَلَمْ يَجِدْ مِنْ الْمُبَاحِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ، وَإِنْ قَالَ الطَّبِيبُ يَتَعَجَّلُ شِفَاؤُك بِهِ فِيهِ وَجْهَانِ، وَهَلْ يَجُوزُ شُرْبُ الْعَلِيلِ مِنْ الْخَمْرِ لِلتَّدَاوِي فِيهِ وَجْهَانِ، وَكَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ وَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَمَا قِيلَ إنَّ الِاسْتِشْفَاءَ بِالْحَرَامِ حَرَامٌ غَيْرُ مُجْرًى عَلَى إطْلَاقِهِ وَأَنَّ الِاسْتِشْفَاءَ بِالْحَرَامِ إنَّمَا لَا يَجُوزُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ فِيهِ شِفَاءً أَمَّا إنْ عُلِمَ وَلَيْسَ لَهُ دَوَاءٌ غَيْرَهُ يَجُوزُ وَمَعْنَى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يُجْعَلْ شِفَاؤُكُمْ فِيمَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَالَ ذَلِكَ فِي دَاءٍ عَرَفَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ الْمُحَرَّمِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَسْتَغْنِي بِالْحَلَالِ عَنْ الْحَرَامِ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ تَنْكَشِفُ الْحُرْمَةُ عِنْدَ الْحَاجَةِ فَلَا يَكُونُ الشِّفَاءُ بِالْحَرَامِ وَإِنَّمَا يَكُونُ بِالْحَلَالِ اهـ نُورُ الْعَيْنِ مِنْ آخِرِ الْفَصْلِ التَّاسِعِ وَالْأَرْبَعِينَ

(قَوْلُهُ أَيْ مُتَنَجِّسٍ) اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ دُهْنِ الْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ اهـ ح (قَوْلُهُ وَيُنْتَفَعُ بِهِ لِلِاسْتِصْبَاحِ) عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ ط، لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهِ عِلَّةُ جَوَازِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي بَابِ الْأَنْجَاسِ لَكِنْ عِبَارَتُهُ هُنَاكَ، وَلَا يَضُرُّ أَثَرُ دُهْنٍ إلَّا دُهْنُ وَدَكِ مَيْتَةٍ لِأَنَّهُ عَيْنُ النَّجَاسَةِ، حَتَّى لَا يُدْبَغَ بِهِ جِلْدٌ بَلْ يُسْتَصْبَحُ بِهِ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ اهـ وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ تَأْيِيدَ مَا هُنَا بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، وَقَدَّمْنَا ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ

(قَوْلُهُ غَيْرِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ إلَخْ) فَإِنَّا نُجِيزُ بَيْعَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا لِخُصُوصٍ فِيهِ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَخْرَجَهُ أَبُو يُوسُفَ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ حَضَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَاجْتَمَعَ إلَيْهِ عُمَّالُهُ فَقَالَ يَا هَؤُلَاءِ إنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تَأْخُذُونَ فِي الْجِزْيَةِ الْمَيْتَةَ وَالْخِنْزِيرَ وَالْخَمْرَ فَقَالَ بِلَالٌ: أَجَلْ إنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فَقَالَ فَلَا تَفْعَلُوا، وَلَكِنْ وَلُّوا أَرْبَابَهَا بَيْعَهَا ثُمَّ خُذُوا الثَّمَنَ مِنْهُمْ وَلَا نُجِيزُ فِيمَا بَيْنَهُمْ بَيْعَ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَمَيْتَةٍ إلَخْ) هَذَا زَادَهُ ابْنُ الْكَمَالِ وَصَاحِبُ الدُّرَرِ اسْتِدْرَاكًا عَلَى الْهِدَايَةِ بِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى غَيْرُ مَحْصُورٍ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَاسْتُدْرِكَ أَيْضًا فِي النَّهْرِ شِرَاؤُهُ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ مُصْحَفًا. قُلْت: هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ أَنْ لَوْ كَانَ التَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِمْ: وَالذِّمِّيُّ كَالْمُسْلِمِ إلَخْ مِنْ جِهَةِ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِشَرَائِعَ، وَهِيَ مُحَرَّمَاتٌ، فَكَانَتْ ثَابِتَةً فِي حَقِّهِمْ أَيْضًا، فَلَوْ كَانَ التَّشْبِيهُ مِنْ جِهَةِ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ لَمْ يَصِحَّ اسْتِثْنَاءُ شَيْءٍ، فَتَعَيَّنَ مَا قُلْنَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَدْخُلُ الْجَبْرُ عَلَى الْبَيْعِ فِي التَّشْبِيهِ حَتَّى يَصِحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ وَلِذَا غَايَرَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّعْبِيرِ فَقَالَ: وَصَحَّ شِرَاؤُهُ عَبْدًا إلَخْ، ثُمَّ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>