للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِذَا بَلَغَتْهُ وَانْقَطَعَ دَمُهَا حُكِمَ بِإِيَاسِهَا (فَمَا رَأَتْهُ بَعْدَ الِانْقِطَاعِ حَيْضٌ) فَيَبْطُلُ الِاعْتِدَادُ بِالْأَشْهُرِ وَتَفْسُدُ الْأَنْكِحَةُ.

(وَقِيلَ: يُحَدُّ بِخَمْسِينَ سَنَةً وَعَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ) وَالْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا مُجْتَبًى وَغَيْرُهُ (تَيْسِيرًا) وَحَدَّهُ فِي الْعُدَّةِ بِخَمْسٍ وَخَمْسِينَ. قَالَ فِي الضِّيَاءِ: وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ (وَمَا رَأَتْهُ بَعْدَهَا) أَيْ: الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ (فَلَيْسَ بِحَيْضٍ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) إلَّا إذَا كَانَ دَمًا خَالِصًا فَحَيْضٌ حَتَّى يَبْطُلَ بِهِ الِاعْتِدَادُ بِالْأَشْهُرِ، لَكِنْ قَبْلَ تَمَامِهَا لَا بَعْدُ حَتَّى لَا تَفْسُدَ الْأَنْكِحَةُ. وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى جَوْهَرَةٌ وَغَيْرُهَا وَسَنُحَقِّقُهُ فِي الْعِدَّةِ.

ــ

[رد المحتار]

هِيَ عَيْنُ الْكَلِمَةِ تَخْفِيفًا. اهـ. نُوحٌ (قَوْلُهُ: مِثْلُهَا) قَالَ فِي الْفَتْحِ فِي بَابِ الْعِدَّةِ: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْمُمَاثِلَةَ فِي تَرْكِيبِ الْبَدَنِ وَالسِّمَنِ وَالْهُزَالِ. اهـ. وَيُقَالُ: لَا بُدَّ أَنْ يُعْتَبَرَ مَعَ ذَلِكَ جِنْسُهَا لِمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ الْفَتْحِ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَدَّرَهُ فِي الرُّومِيَّاتِ بِخَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَفِي غَيْرِهِنَّ بِسِتِّينَ، وَرُبَّمَا يُعْتَبَرُ الْقُطْرُ أَيْضًا، فَلْيُحَرَّرْ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ: فَإِذَا بَلَغَتْهُ) فَلَوْ لَمْ تَبْلُغْهُ وَانْقَطَعَ دَمُهَا فَعِدَّتُهَا بِالْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ لَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ رَحْمَتِيٌّ.

وَعَلَيْهِ فَالْمُرْضِعُ الَّتِي لَا تَرَى الدَّمَ فِي مُدَّةِ إرْضَاعِهَا، لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا إلَّا بِالْحَيْضِ كَمَا سَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي بَابِ الْعِدَّةِ.

وَقَالَ فِي السِّرَاجِ: سُئِلَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ عَنْ الْمُرْضِعَةِ إذَا لَمْ تَرَ حَيْضًا فَعَالَجَتْهُ حَتَّى رَأَتْ صُفْرَةً فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ قَالَ: هُوَ حَيْضٌ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَانْقَطَعَ دَمُهَا) أَمَّا لَوْ بَلَغَتْهُ وَالدَّمُ يَأْتِيهَا فَلَيْسَتْ بِآيِسَةٍ، وَمَعْنَاهُ: إذَا رَأَتْ الدَّمَ عَلَى الْعَادَةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ ذَلِكَ الْمُعْتَادُ، وَعَوْدُ الْعَادَةِ يُبْطِلُ الْإِيَاسَ، ثُمَّ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ هَذَا بِأَنْ تَرَاهُ سَائِلًا كَثِيرًا احْتِرَازًا عَمَّا إذَا رَأَتْ بَلَّةً يَسِيرَةً وَنَحْوَهُ، وَقَيَّدُوهُ بِأَنْ يَكُونَ أَحْمَرَ أَوْ أَسْوَدَ، فَلَوْ أَصْفَرَ أَوْ أَخْضَرَ أَوْ تُرَبِيَّةً لَا يَكُونُ حَيْضًا، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ فَقَالَ: إذَا رَأَتْهُ عَلَى الْعَادَةِ الْجَارِيَةِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ عَادَتُهَا قَبْلَ الْإِيَاسِ أَصْفَرَ فَرَأَتْهُ كَذَلِكَ أَوْ عَلَقًا فَرَأَتْهُ كَذَلِكَ كَانَ حَيْضًا. اهـ. فَتْحٌ مِنْ الْعِدَّةِ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ هُوَ الثَّانِي رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ: حُكِمَ بِإِيَاسِهَا) فَائِدَةُ هَذَا الْحُكْمِ الِاعْتِدَادُ بِالْأَشْهُرِ إذَا لَمْ تَرَ فِي أَثْنَائِهَا دَمًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَحَدَّهُ) أَيْ: الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْعِدَّةِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهُوَ قَوْلُ مَشَايِخِ بُخَارَى وَخُوَارِزْمَ ح وَبِخَطِّ الشَّارِحِ فِي هَامِشِ الْخَزَائِنِ. قَالَ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَفِي نُكَتِ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ عَنْ الْمُفِيدِ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ، وَمِثْلُهُ فِي الْفَيْضِ وَغَيْرِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ) وَهِيَ الْخَمْسُونَ أَوْ الْخَمْسَةُ وَالْخَمْسُونَ ط (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ بِحَيْضٍ) وَلَا يَبْطُلُ بِهِ الِاعْتِدَادُ بِالْأَشْهُرِ ط (قَوْلُهُ: دَمًا خَالِصًا) أَيْ كَالْأَسْوَدِ وَالْأَحْمَرِ الْقَانِي دُرَرٌ. قَالَ الرَّحْمَتِيُّ: وَتَقَدَّمَ عَنْ الْفَتْحِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ خَالِصًا وَكَانَتْ عَادَتُهَا كَذَلِكَ قَبْلَ الْإِيَاسِ يَكُونُ حَيْضًا (قَوْلُهُ: حَتَّى يَبْطُلَ) تَفْرِيعٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَبْلَ تَمَامِهَا) أَيْ: تَمَامِ الْعِدَّةِ بِالْأَشْهُرِ لَا بَعْدَهُ أَيْ: بَعْدَ تَمَامِ الِاعْتِدَادِ ط (قَوْلُهُ: وَسَنُحَقِّقُهُ فِي الْعِدَّةِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ: آيِسَةٌ اعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ ثُمَّ عَادَ دَمُهَا عَلَى جَارٍ الْعَادَةِ أَوْ حَبِلَتْ مِنْ زَوْجٍ آخَرَ بَطَلَتْ عِدَّتُهَا وَفَسَدَ نِكَاحُهَا وَاسْتَأْنَفَتْ بِالْحَيْضِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْخَلِيفَةِ تَحَقُّقُ الْإِيَاسِ عَنْ الْأَصْلِ وَذَلِكَ بِالْعَجْزِ إلَى الْمَوْتِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْغَايَةِ وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ فَتَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ حِكَايَةِ سِتَّةِ أَقْوَالٍ مُصَحَّحَةٍ. وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ، لَكِنْ اخْتَارَ الْبَهْنَسِيُّ مَا اخْتَارَهُ الشَّهِيدُ أَنَّهَا إنْ رَأَتْهُ قَبْلَ تَمَامِ الْأَشْهُرِ اسْتَأْنَفَتْ لَا بَعْدَهَا.

قُلْت: وَهُوَ مَا اخْتَارَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَمُنْلَا خُسْرو وَالْبَاقَانِيُّ، وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْحَيْضِ، وَعَلَيْهِ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ، وَتَعْتَدُّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِالْحَيْضِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا، وَفِي الْجَوْهَرَةِ وَالْمُجْتَبَى أَنَّهُ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَفِي تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ: وَهَذَا التَّصْحِيحُ أَوْلَى مِنْ تَصْحِيحِ الْهِدَايَةِ، وَفِي النَّهْرِ أَنَّهُ أَطَالَ الرِّوَايَاتِ. اهـ. ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>