للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَيْ التَّسَاوِي وَزْنًا (وَالتَّقَابُضُ) بِالْبَرَاجِمِ لَا بِالتَّخْلِيَةِ (قَبْلَ الِافْتِرَاقِ) وَهُوَ شَرْطُ بَقَائِهِ صَحِيحًا عَلَى الصَّحِيحِ (إنْ اتَّحَدَ جِنْسًا وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (اخْتَلَفَا جَوْدَةً وَصِيَاغَةً) لِمَا مَرَّ فِي الرِّبَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَجَانَسَا

ــ

[رد المحتار]

ذَاكَ تَفْرِيعٌ عَلَى هَذَا كَمَا هُوَ الْعَادَةُ مِنْ ذِكْرِ الشُّرُوطِ ثُمَّ التَّفْرِيعُ عَلَيْهَا فَافْهَمْ، نَعَمْ ذَكَرَ فِي النَّهْرِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى جَعْلِهِمَا شَرْطَيْنِ عَلَى حِدَةٍ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ تَبَعًا لِلنِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ شَرْطَ التَّقَابُضِ يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْمِلْكِ أَوْ تَمَامَهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَذَلِكَ يُخِلُّ بِتَمَامِ الْقَبْضِ وَهُوَ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّعْيِينُ اهـ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ التَّسَاوِي وَزْنًا) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِهِ عَدَدًا بَحْرٌ عَنْ الذَّخِيرَةِ، وَالشَّرْطُ التَّسَاوِي فِي الْعِلْمِ لَا بِحَسَبِ نَفْسِ الْأَمْرِ فَقَطْ، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمَا التَّسَاوِيَ وَكَانَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَمْ يَجُزْ إلَّا إذَا ظَهَرَ التَّسَاوِي فِي الْمَجْلِسِ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الْفَتْحِ، وَنَذْكُرُ قَرِيبًا حُكْمَ الزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ. (قَوْلُهُ: بِالْبَرَاجِمِ) جَمْعُ بُرْجُمَةٍ بِالضَّمِّ: وَهِيَ مَفَاصِلُ الْأَصَابِعِ ح عَنْ جَامِعِ اللُّغَةِ. (قَوْلُهُ: لَا بِالتَّخْلِيَةِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْبَرَاجِمِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ التَّخْلِيَةِ، وَاشْتِرَاطِ الْقَبْضِ بِالْفِعْلِ لَا خُصُوصِ الْبَرَاجِمِ، حَتَّى لَوْ وَضَعَهُ لَهُ فِي كَفِّهِ أَوْ فِي جَيْبِهِ صَارَ قَابِضًا.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ الِافْتِرَاقِ) أَيْ افْتِرَاقِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِأَبْدَانِهِمَا، وَالتَّقْيِيدُ بِالْعَاقِدَيْنِ يَعُمُّ الْمَالِكَيْنِ وَالنَّائِبَيْنِ، وَتَقْيِيدُ الْفُرْقَةِ بِالْأَبْدَانِ يُفِيدُ عُمُومَ اعْتِبَارِ الْمَجْلِسِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا إنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ، وَلَوْ سَارَا فَرْسَخًا وَلَمْ يَتَفَرَّقَا، وَقَدْ اعْتَبَرُوا الْمَجْلِسَ فِي مَسْأَلَةٍ هِيَ مَا لَوْ قَالَ الْأَبُ اشْهَدُوا أَنِّي اشْتَرَيْت الدِّينَارَ مِنْ ابْنِي الصَّغِيرِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ ثُمَّ قَامَ قَبْلَ أَنْ يَزِنَ الْعَشَرَةَ فَهُوَ بَاطِلٌ كَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ التَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ نَهْرٌ.

وَفِي الْبَحْرِ: لَوْ نَادَى أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ مِنْ وَرَاءِ جِدَارٍ أَوْ مِنْ بَعِيدٍ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُمَا مُفْتَرِقَانِ بِأَبْدَانِهِمَا، وَتَفَرَّعَ عَلَى اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِبْرَاءُ عَنْ بَدَلِ الصَّرْفِ وَلَا هِبَتُهُ وَالتَّصَدُّقُ بِهِ، فَلَوْ فَعَلَ لَمْ يَصِحَّ بِدُونِ قَبُولِ الْآخَرِ، فَإِنْ قَبِلَ انْتَقَضَ الصَّرْفُ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يُنْتَقَضْ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ، [تَنْبِيهٌ]

قَبْضُ بَدَلِ الصَّرْفِ فِي مَجْلِسِ الْإِقَالَةِ شَرْطٌ لِصِحَّتِهَا كَقَبْضِهِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ، بِخِلَافِ إقَالَةِ السَّلَمِ، وَقَدَّمْنَا الْفَرْقَ فِي بَابِهِ. وَفِي الْبَحْرِ: لَوْ وَجَبَ دَيْنٌ بِعَقْدٍ مُتَأَخِّرٍ عَنْ عَقْدِ الصَّرْفِ لَا يَصِيرُ قِصَاصًا بِبَدَلِ الصَّرْفِ وَإِنْ تَرَاضَيَا، وَلَوْ قَبَضَ بَدَلَ الصَّرْفِ ثُمَّ انْتَقَضَ الْقَبْضُ فِيهِ لِمَعْنًى أَوْجَبَ انْتِقَاضَهُ يَبْطُلُ الصَّرْفُ، وَلَوْ اسْتَحَقَّ أَحَدَ بَدَلَيْهِ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ فَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ وَالْبَدَلُ قَائِمٌ أَوْ ضَمِنَ النَّاقِدُ وَهُوَ هَالِكٌ جَازَ الصَّرْفُ، وَإِنْ اسْتَرَدَّهُ وَهُوَ قَائِمٌ أَوْ ضَمِنَ الْقَابِضُ قِيمَتَهُ وَهُوَ هَالِكٌ بَطَلَ الصَّرْفُ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الصَّحِيحِ) وَقِيلَ شَرْطٌ لِانْعِقَادِهِ صَحِيحًا، وَعَلَى الْأَوَّلِ قَوْلُ الْهِدَايَةِ: فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ، فَلَوْلَا أَنَّهُ مُنْعَقِدٌ لَمَا بَطَلَ بِالِافْتِرَاقِ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ. وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا ظَهَرَ الْفَسَادُ فِيمَا هُوَ صَرْفٌ يَفْسُدُ فِيمَا لَيْسَ صَرْفًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَا يَفْسُدُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَصَحِّ فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَا جَوْدَةً وَصِيَاغَةً) قَيَّدَ إسْقَاطَ الصَّفْقَةِ بِالْأَثْمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ إنَاءَ نُحَاسٍ بِمِثْلِهِ وَأَحَدُهُمَا أَثْقَلُ مِنْ الْآخَرِ جَازَ مَعَ أَنَّ النُّحَاسَ وَغَيْرَهُ مِمَّا يُوزَنُ مِنْ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ صِفَةَ الْوَزْنِ فِي النَّقْدَيْنِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا فَلَا تَتَغَيَّرُ بِالصَّنْعَةِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ مَوْزُونًا بِتَعَارُفٍ جَعَلَهُ عَدَدِيًّا لَوْ تُعُورِفَ ذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا، فَإِنَّ الْوَزْنَ فِيهِ بِالْعُرْفِ فَيَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ مَوْزُونًا بِتَعَارُفِ عَدَدِيَّتِهِ إذَا صِيغَ وَصُنِعَ كَذَا فِي الْفَتْحِ، حَتَّى لَوْ تَعَارَفُوا بَيْعَ هَذِهِ الْأَوَانِي بِالْوَزْنِ لَا بِالْعَدَدِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِجِنْسِهَا إلَّا مُتَسَاوِيًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ فِي الرِّبَا) أَيْ مِنْ أَنَّ جَيِّدَ مَالِ الرِّبَا وَرَدِيئَهُ سَوَاءٌ، وَتَقَدَّمَ اسْتِثْنَاءُ حُقُوقِ الْعِبَادِ: وَمَرَّ الْكَلَامُ فِيهِ فَرَاجِعْهُ، وَمِنْهُ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ: غَصَبَ قَلْبَ فِضَّةٍ ثُمَّ اسْتَهْلَكَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَصُوغًا مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ، فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ الْقِيمَةِ جَازَ خِلَافًا لِزُفَرِ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ حُكْمًا لِلضَّمَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>