للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَلَا تَصِحُّ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ) لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِدُونِهَا بِالتَّعْجِيزِ، وَلَوْ كَفَلَ وَأَدَّى رَجَعَ بِمَا أَدَّى بَحْرٌ، يَعْنِي لَوْ كَفَلَ بِأَمْرِهِ، وَسَيَجِيءُ قَيْدٌ آخَرُ (بِكَفَلْت) مُتَعَلِّقٌ بِتَصِحُّ (عَنْهُ بِأَلْفٍ) مِثَالُ الْمَعْلُومِ (وَ) مَثَّلَ الْمَجْهُولَ بِأَرْبَعَةِ أَمْثِلَةٍ (بِمَا لَكَ عَلَيْهِ، وَبِمَا يُدْرِكُك فِي هَذَا الْبَيْعِ) وَهَذَا يُسَمَّى ضَمَانَ الدَّرَكِ (وَبِمَا بَايَعْت فُلَانًا فَعَلَيَّ) وَكَذَا قَوْلُ الرَّجُلِ لِامْرَأَةِ الْغَيْرِ كَفَلْت لَكَ النَّفَقَةَ أَبَدًا مَا دَامَتْ الزَّوْجِيَّةُ خَانِيَّةٌ فَلْيُحْفَظْ.

ــ

[رد المحتار]

أَوْ الْإِبْرَاءِ مَا لَمْ يَعْرِضْ لَهُ مُسْقِطٌ لِكُلِّهِ أَوْ نِصْفِهِ؛ لِأَنَّهُ انْعَقَدَ مِنْ أَصْلِهِ مُحْتَمِلًا لِسُقُوطِهِ بِذَلِكَ الْمُسْقِطِ فَإِذَا عَرَضَ ذَلِكَ الْمُسْقِطُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ مِنْ أَصْلِهِ بِخِلَافِ سُقُوطِهِ بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ فَإِنَّهُ مُقْتَصِرٌ عَلَى الْحَالِ.

وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى مَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ كَمَالٍ، فَاغْتَنِمْ ذَلِكَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ

(قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ) وَكَذَا لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالدِّيَةِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ وَالدِّيَةِ لَا تَصِحُّ اهـ، وَنَقَلَهَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ وَلَمْ يَنْقُلْ فِيهِ خِلَافًا، وَنَقَلَهَا صَاحِبُ النُّقُولِ عَنْ الْخُلَاصَةِ رَمْلِيٌّ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الدِّيَةَ لَيْسَتْ دَيْنًا حَقِيقَةً عَلَى الْعَاقِلَةِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ أَوَّلًا عَلَى الْقَاتِلِ ثُمَّ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِطَرِيقِ التَّحَمُّلِ وَالْمُعَاوَنَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَوْ وَجَبَتْ فِي مَالِ الْقَاتِلِ كَمَا لَوْ كَانَتْ بِاعْتِرَافِهِ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهَا فَتَأَمَّلْ.

وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ قَالَ: إنْ قَتَلَك فُلَانٌ خَطَأً فَأَنَا ضَامِنٌ لِدِيَتِك فَقَتَلَهُ فُلَانٌ خَطَأً فَهُوَ ضَامِنٌ لِدِيَتِهِ.

(قَوْلُهُ: بِالتَّعْجِيزِ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ بِدُونِهِمَا.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ مِنْ جَانِبِ الْعَبْدِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِإِسْقَاطِ هَذَا الدَّيْنِ بِأَنْ يُعْجِزَ نَفْسَهُ مَتَى أَرَادَ فَلَمْ يَكُنْ دَيْنًا صَحِيحًا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ مُلْزِمًا لِبَدَلِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ وَلَا يَسْتَحِقُّ السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا، وَلِذَا لَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ بِهِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَهْرِ وَالثَّمَنِ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَفَلَ) أَيْ ضَمِنَ بَدَلَ الْكِتَابَةِ.

(قَوْلُهُ: يَعْنِي إلَخْ) هَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ النَّهْرِ.

(قَوْلُهُ: وَسَيَجِيءُ) أَيْ عِنْدَ قَوْلِهِ وَبِالْعُهْدَةِ وَبِالْخَلَاصِ.

(قَوْلُهُ: قَيْدٌ آخَرُ) هُوَ إذَا حَسِبَ أَنَّهُ مُجْبَرٌ عَلَى ذَلِكَ لِضَمَانِهِ السَّابِقِ.

قُلْت: وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ لَهُ مَالًا عَلَى ظَنِّ لُزُومِهِ لَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ عَدَمُهُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَائِدَةَ لِلْقَيْدِ الْأَوَّلِ إلَّا إذَا كَانَ الْمُرَادُ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُكَاتَبِ تَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَ الْمُحَشِّينَ ذَكَرَ نَحْوَ مَا قُلْته.

(قَوْلُهُ: بِكَفَلْت إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالْمَالِ لَا تَكُونُ بِهِ مَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ وَإِلَّا كَانَتْ كَفَالَةَ نَفْسٍ وَإِلَى أَنَّ سَائِرَ أَلْفَاظِ الْكَفَالَةِ الْمَارَّةِ فِي كَفَالَةِ النَّفْسِ تَكُونُ كَفَالَةَ مَالٍ أَيْضًا كَمَا حَرَّرْنَاهُ هُنَاكَ، وَإِلَى مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ دَيْنُك الَّذِي عَلَى فُلَانٍ أَنَا أَدْفَعُهُ إلَيْكَ أَنَا أُسَلِّمُهُ أَنَا أَقْبِضُهُ لَا يَصِيرُ كَفِيلًا مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ بِلَفْظَةٍ تَدُلُّ عَلَى الِالْتِزَامِ كَقَوْلِهِ كَفَلْت ضَمِنْت عَلَيَّ إلَيَّ وَقَدَّمْنَا عَنْهُ قَرِيبًا فِي أَنَا أَدْفَعُهُ إلَخْ لَوْ أَتَى بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ مُنَجِّزًا لَا يَصِيرُ كَفِيلًا، وَلَوْ مُعَلِّقًا كَقَوْلِهِ لَوْ لَمْ يُؤَدِّ فَأَنَا أُؤَدِّي فَأَنَا أَدْفَعُ يَصِيرُ كَفِيلًا.

(قَوْلُهُ: بِمَا لَكَ عَلَيْهِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْبُرْهَانِ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ كَذَا أَوْ إقْرَارِ الْكَفِيلِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ اهـ، وَقَدَّمْنَا عَنْ الْفَتْحِ صِحَّةَ الْكَفَالَةِ بِكَفَلْت بَعْضَ مَا لَكَ عَلَيْهِ وَيُجْبَرُ الْكَفِيلُ عَلَى الْبَيَانِ.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا يُسَمَّى ضَمَانَ الدَّرَكِ) بِفَتْحَتَيْنِ وَبِسُكُونِ الرَّاءِ: وَهُوَ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ: وَشَرْطُهُ ثُبُوتُ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ بِالْقَضَاءِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ آخِرَ الْبَابِ وَيَأْتِي بَيَانُهُ.

(قَوْلُهُ: وَبِمَا بَايَعْت فُلَانًا فَعَلَى) مَعْطُوفٍ عَلَى قَوْلِهِ بِكَفَلْت فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ أَيْضًا بِتَصِحُّ لَا عَلَى قَوْلِهِ بِأَلْفٍ إذْ لَا يُنَاسِبُهُ جَعْلُ مَا شَرْطِيَّةً جَوَابُهَا قَوْلُهُ: فَعَلَى (قَوْلِهِ وَكَذَا قَوْلُ الرَّجُلِ إلَخْ) فِي الْخَانِيَّةِ: قَالَ لِغَيْرِهِ ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمًا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَيَّ فَدَفَعَ حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَيْهِ مَالٌ كَثِيرٌ فَقَالَ الْآمِرُ لَمْ أُرِدْ جَمِيعَ ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ الْجَمِيعُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ مَا بَايَعْت فُلَانًا فَهُوَ عَلَيَّ، يَلْزَمُهُ جَمِيعُ مَا بَايَعَهُ وَهُوَ كَقَوْلِهِ لِامْرَأَةِ الْغَيْرِ كَفَلْت لَكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>