(يَجُوزُ رَفْعُ نَجَاسَةٍ حَقِيقِيَّةٍ عَنْ مَحَلِّهَا) وَلَوْ إنَاءً أَوْ مَأْكُولًا عُلِمَ مَحَلُّهَا أَوْ لَا (بِمَاءٍ لَوْ مُسْتَعْمَلًا) بِهِ يُفْتَى (وَبِكُلِّ مَائِعٍ طَاهِرٍ قَالِعٍ) لِلنَّجَاسَةِ يَنْعَصِرُ بِالْعَصْرِ (كَخَلٍّ وَمَاءِ وَرْدٍ) حَتَّى الرِّيقُ، فَتَطْهُرُ أُصْبُعٌ وَثَدْيٌ تَنَجَّسَ بِلَحْسٍ ثَلَاثًا (بِخِلَافِ نَحْوِ لَبَنٍ) كَزَيْتٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ قَالِعٍ، وَمَا قِيلَ إنَّ اللَّبَنَ وَبَوْلَ مَا يُؤْكَلُ مُزِيلٌ فَخِلَافُ الْمُخْتَارِ.
(وَيَطْهُرُ خُفٌّ وَنَحْوُهُ) كَنَعْلٍ (تَنَجَّسَ بِذِي جِرْمٍ)
ــ
[رد المحتار]
فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: رَفْعُ خَبَثٍ بَدَلَ قَوْلِهِ " رَفْعُ نَجَاسَةٍ حَقِيقِيَّةٍ " كَانَ أَخْصَرَ. اهـ. ح. (قَوْلُهُ: يَجُوزُ إلَخْ) عَبَّرَ بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ عَنْ مَحَلِّهَا وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِبَدَنِ الْمُصَلِّي وَثَوْبِهِ وَمَكَانِهِ كَمَا قَيَّدَهُ فِي الْهِدَايَةِ فَعَبَّرَ بِالْوُجُوبِ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ كَمَا قَالَ ابْنُ الْكَمَالِ بَيَانُ جَوَازِ الطَّهَارَةِ بِمَا ذُكِرَ أَيْ: مِنْ الْمَاءِ وَكُلِّ مَائِعٍ إلَخْ لَا بَيَانُ وُجُوبِهَا حَالَةَ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ مِنْ مَسَائِلِ بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ اهـ.
عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ كَمَا قَالَ فِي الْفَتْحِ مُقَيَّدٌ بِالْإِمْكَانِ وَبِمَا إذَا لَمْ يَرْتَكِبْ مَا هُوَ أَشَدُّ، حَتَّى لَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إزَالَتِهَا إلَّا بِإِبْدَاءِ عَوْرَتِهِ لِلنَّاسِ يُصَلِّي مَعَهَا؛ لِأَنَّ كَشْفَ الْعَوْرَةِ أَشَدُّ، فَلَوْ أَبَدَاهَا لِلْإِزَالَةِ فَسَقَ؛ إذْ مَنْ اُبْتُلِيَ بَيْنَ مَحْظُورَيْنِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْتَكِبَ أَهْوَنَهُمَا. اهـ. وَقَدَّمَ الشَّارِحُ فِي الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ أَنَّهُ لَا يَدَعُهُ وَإِنْ رَآهُ النَّاسُ، وَقَدَّمْنَا مَا فِيهِ مِنْ الْبَحْثِ هُنَاكَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ إنَاءً أَوْ مَأْكُولًا) أَيْ: كَقَصْعَةٍ وَأَدْهَانٍ؛ وَهَذَا حَيْثُ أَمْكَنَ لِقَوْلِهِ آخِرَ الْبَابِ " حِنْطَةٌ طُبِخَتْ فِي خَمْرٍ " لَا تَطْهُرُ أَبَدًا. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) كَمَا لَوْ تَنَجَّسَ طَرَفٌ مِنْ ثَوْبِهِ وَنَسِيَهُ فَيَغْسِلُ طَرَفًا مِنْهُ وَلَوْ بِلَا تَحَرٍّ كَمَا سَيَأْتِي مَتْنًا مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْكَلَامِ. (قَوْلُهُ: بِمَاءٍ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَاءُ الْمَشْكُوكُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ كَمَا مَرَّ فِي الْأَسْآرِ. (قَوْلُهُ: بِهِ يُفْتَى) أَيْ: خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجِيزُ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ الْحَقِيقِيَّةِ إلَّا بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ بَحْرٌ، لَكِنْ فِيهِ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّ الطَّهَارَةَ بِانْقِلَابِ الْعَيْنِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَبِكُلِّ مَائِعٍ) أَيْ: سَائِلٍ، فَخَرَجَ الْجَامِدُ كَالثَّلْجِ قَبْلَ ذَوْبِهِ أَفَادَهُ ط. [تَنْبِيهٌ]
صَرَّحَ فِي الْحِلْيَةِ فِي بَحْثِ الِاسْتِنْجَاءِ بِأَنَّهُ تُكْرَهُ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ بِالْمَائِعِ الْمَذْكُورِ لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ. (قَوْلُهُ: طَاهِرٍ) فَبَوْلُ مَا يُؤْكَلُ لَا يُطَهِّرُ مَحَلَّ النَّجَاسَةِ اتِّفَاقًا، بَلْ وَلَا يُزِيلُ حُكْمَ الْغَلِيظَةِ فِي الْمُخْتَارِ، فَلَوْ غُسِلَ بِهِ الدَّمُ بَقِيَتْ نَجَاسَةُ الدَّمِ؛ لِأَنَّهُ مَا ازْدَادَ الثَّوْبُ بِهِ إلَّا شَرًّا؛ وَلَوْ حَلَفَ مَا فِيهِ دَمٌ أَيْ: نَجَاسَةُ دَمٍ يَحْنَثُ، وَعَلَى الضَّعِيفِ لَا وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ، وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ. (قَوْلُهُ: قَالِعٍ) أَيْ: مُزِيلٍ. (قَوْلُهُ: يَنْعَصِرُ بِالْعَصْرِ) تَفْسِيرٌ لِقَالِعٍ لَا قَيْدٌ آخَرُ. اهـ. ح (قَوْلُهُ: فَتَطْهُرُ أُصْبُعٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْبَحْرِ: وَعَلَى هَذَا فَرَّعُوا طَهَارَةَ الثَّدْيِ إذَا قَاءَ عَلَيْهِ الْوَلَدُ ثُمَّ رَضَعَهُ حَتَّى زَالَ أَثَرُ الْقَيْءِ، وَكَذَا إذَا لَحِسَ أُصْبُعَهُ مِنْ نَجَاسَةٍ حَتَّى ذَهَبَ الْأَثَرُ أَوْ شَرِبَ خَمْرًا ثُمَّ تَرَدَّدَ رِيقُهُ فِي فِيهِ مِرَارًا طَهُرَ، حَتَّى لَوْ صَلَّى صَحَّتْ. وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا. اهـ. وَقَدَّمْنَا فِي الْأَسْآرِ عَنْ الْحِلْيَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَزُولَ أَثَرُ الْخَمْرِ مِنْ الرِّيقِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ. وَفِي الْفَتْحِ: صَبِيٌّ ارْتَضَعَ ثُمَّ قَاءَ فَأَصَابَ ثِيَابَ الْأُمِّ إنْ كَانَ مِلْءَ الْفَمِ فَنَجِسٌ، فَإِذَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ مَنَعَ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مَا لَمْ يَفْحُشْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ وَقَدَّمْنَا مَا يَقْتَضِي طَهَارَتَهُ. (قَوْلُهُ: مُزِيلٌ) لَمْ يَقُلْ مُطَهِّرٌ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ بَوْلَ الْمَأْكُولِ لَا يُطَهِّرُ اتِّفَاقًا؛ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي إزَالَتِهِ لِلنَّجَاسَةِ الْكَائِنَةِ. (قَوْلُهُ: فَخِلَافُ الْمُخْتَارِ) وَعَلَى ضَعْفِهِ فَالْمُرَادُ بِاللَّبَنِ مَا لَا دُسُومَةَ فِيهِ بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: وَيَطْهُرُ خُفٌّ وَنَحْوُهُ) احْتِرَازٌ عَنْ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ؛ فَلَا يَطْهُرَانِ بِالدَّلْكِ إلَّا فِي الْمَنِيِّ؛ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ؛ وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا أَصَابَ النَّجَسُ مَوْضِعَ الْوَطْءِ وَمَا فَوْقَهُ؛ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْحَمَوِيِّ. (قَوْلُهُ: كَنَعْلٍ) وَمِثْلُهُ الْفَرْوُ. اهـ. ح عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ وَالْحَمَوِيِّ: أَيْ: مِنْ غَيْرِ جَانِبِ الشَّعْرِ؛ وَقَيَّدَ النَّعْلَ فِي النَّهْرِ بِغَيْرِ الرَّقِيقِ، وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْبَحْرِ: قَيَّدَهُ أَبُو يُوسُفَ بِغَيْرِ الرَّقِيقِ؛ فَالْمُرَادُ بِهِ النَّجَسُ ذُو الْجِرْمِ؛ وَمَثَّلَ لَهُ فِي الْمِعْرَاجِ بِالْخَمْرِ وَالْبَوْلِ، فَالضَّمِيرُ فِي عِبَارَةِ الْبَحْرِ لِلنَّجَسِ لَا لِلنَّعْلِ. (قَوْلُهُ: بِذِي جِرْمٍ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ رَطْبًا عَلَى قَوْلِ الثَّانِي؛ وَعَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute