للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالتَّعْيِينُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْحَقِّ

(وَلَا بِجَهَالَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ) وَبِهِ مُطْلَقًا، نَعَمْ لَوْ قَالَ: كَفَلْت رَجُلًا أَعْرِفُهُ بِوَجْهِهِ لَا بِاسْمِهِ جَازَ، وَأَيُّ رَجُلٍ أَتَى بِهِ وَحَلَفَ أَنَّهُ هُوَ بَرَّ بَزَّازِيَّةٌ.

وَفِي السِّرَاجِيَّةِ قَالَ لِضَيْفِهِ وَهُوَ يَخَافُ عَلَى دَابَّتِهِ مِنْ الذِّئْبِ إنْ أَكَلَ الذِّئْبُ حِمَارَك فَأَنَا ضَامِنٌ فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ لَمْ يَضْمَنْ (نَحْوُ مَا ذَابَ) أَيْ مَا ثَبَتَ (لَكَ عَلَى النَّاسِ أَوْ) عَلَى (أَحَدٍ مِنْهُمْ فَعَلَيَّ) مِثَالٌ لِلْأَوَّلِ، وَنَحْوُهُ مَا بَايَعْت بِهِ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ مُعِينُ الْفَتْوَى (أَوْ مَا ذَابَ) عَلَيْك (لِلنَّاسِ أَوْ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ عَلَيْك فَعَلَيَّ) مِثَالٌ لِلثَّانِي

(وَلَا) يَصِحُّ (بِنَفْسِ حَدٍّ وَقِصَاصٍ) لِأَنَّ النِّيَابَةَ لَا تَجْرِي فِي الْعُقُوبَاتِ (وَلَا بِحَمْلِ دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ مُسْتَأْجَرَةٍ لَهُ وَخِدْمَةِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ مُسْتَأْجَرٍ لَهَا) أَيْ لِلْخِدْمَةِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ تَغْيِيرُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ لِوُجُوبِ مُطْلَقِ الْفِعْلِ

ــ

[رد المحتار]

مَعْلُومًا مَا فَبَقِيَ الْمَجْهُولُ عَلَى الْقِيَاسِ.

(قَوْلُهُ: وَالتَّعْيِينُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْحَقِّ) كَذَا فِي الْبَحْرِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَبِالْمَالِ وَلَوْ مَجْهُولًا وَتَبِعَهُ فِي النَّهْرِ، لَكِنْ جَعَلَ فِي الْفَتْحِ الْخِيَارَ لِلْكَفِيلِ.

وَنَصُّهُ: وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ كَفَلْت بِمَا لَكَ عَلَى فُلَانٍ أَوْ مَا لَكَ عَلَى فُلَانٍ رَجُلٍ آخَرَ جَازَ؛ لِأَنَّهَا جَهَالَةُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فِي غَيْرِ تَعْلِيقٍ.

وَيَكُونُ الْخِيَارُ لِلْكَفِيلِ اهـ، وَمِثْلُهُ مَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ: وَلَوْ قَالَ أَنَا كَفِيلٌ بِفُلَانٍ أَوْ فُلَانٍ كَانَ جَائِزًا يَدْفَعُ أَيَّهُمَا شَاءَ الْكَفِيلُ فَيَبْرَأُ عَنْ الْكَفَالَةِ ثُمَّ قَالَ: وَإِذَا كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ أَوْ بِمَا عَلَيْهِ وَهُوَ مِائَةٌ دِرْهَمٍ كَانَ جَائِزًا وَكَانَ عَلَيْهِ أَيُّ ذَلِكَ شَاءَ الْكَفِيلُ، وَأَيَّهُمَا دَفَعَ فَهُوَ بَرِيءٌ اهـ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مَا هُنَا قَوْلٌ آخَرُ أَوْ سَبْقُ قَلَمٍ

(قَوْلُهُ: وَلَا بِجَهَالَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْكَفَالَةُ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ مَعَ جَهَالَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ لِثُبُوتِهَا ضِمْنًا لَا صَرِيحًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ مِنْ كِتَابِ الشَّرِكَةِ.

(قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ وَلَا تَصِحُّ بِجَهَالَةِ الْمَكْفُولِ بِهِ وَالْمُرَادُ هُنَا النَّفْسُ لَا الْمَالُ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ جَهَالَةَ الْمَالِ غَيْرُ مَانِعَةٍ مِنْ صِحَّةِ الْكَفَالَةِ، وَالْقَرِينَةُ عَلَى ذَلِكَ الِاسْتِدْرَاكُ اهـ ح.

قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَانِعَ هُنَا جَهَالَةٌ مُتَفَاحِشَةٌ، لِمَا عَلِمْت آنِفًا مِنْ قَوْلِ الْكَافِي: لَوْ قَالَ أَنَا كَفِيلٌ بِفُلَانٍ أَوْ فُلَانٍ جَازَ، تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي تَعْلِيقٍ أَوْ إضَافَةٍ أَوْ تَنْجِيزٍ.

قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ جَهَالَةَ الْمَكْفُولِ لَهُ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْكَفَالَةِ مُطْلَقًا، وَجَهَالَةُ الْمَكْفُولِ بِهِ لَا تَمْنَعُهَا مُطْلَقًا، وَجَهَالَةُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فِي التَّعْلِيقِ، وَالْإِضَافَةُ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْكَفَالَةِ، وَفِي التَّنْجِيزِ لَا تَمْنَعُ اهـ، وَمُرَادُهُ بِالْمَكْفُولِ بِهِ الْمَالُ عَكْسُ مَا فِي الشَّرْحِ.

(قَوْلُهُ: جَازَ) لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِي الْإِقْرَارِ لَا تَمْنَعُ صِحَّتَهُ بَحْرٌ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ، وَذَكَرَ عَنْهَا أَيْضًا: لَوْ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ نَعْرِفُهُ بِوَجْهٍ إنْ جَاءَ بِهِ لَكِنْ لَا نَعْرِفُهُ بِاسْمِهِ جَازَ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّ فِعْلَهُ جُبَارٌ كَمَا مَرَّ فِي إنْ أَكَلَك سَبُعٌ.

(قَوْلُهُ: أَيْ مَا ثَبَتَ) قَالَ فِي الْمَنْصُورِيَّةِ: الذَّوْبُ وَاللُّزُومُ يُرَادُ بِهِمَا الْقَضَاءُ، فَمَا لَمْ يَقْضِ بِالْمَكْفُولِ بِهِ بَعْدَ الْكَفَالَةِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ، وَهَذَا فِي غَيْرِ عُرْفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَمَّا عُرْفُنَا فَالذَّوْبُ وَاللُّزُومُ عِبَارَةٌ عَلَى الْوُجُوبِ فَيَجِبُ الْمَالُ، وَإِنْ لَمْ يَقْضِ بِهِ اهـ. ط وَهَذَا أَيْ مَا ذَابَ مَاضٍ أُرِيدَ بِهِ الْمُسْتَقْبَلُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَسَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ أَيْضًا، أَيْ لِأَنَّهُ مَعْنَى الشَّرْطِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ مَا لَمْ يَقْضِ بِهِ عَلَى الْأَصِيلِ بَعْدَ الْكَفَالَةِ، لَكِنَّهُ هُنَا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِجَهَالَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: مِثَالٌ لِلْأَوَّلِ) وَهُوَ جَهَالَةُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ مَا بَايَعْت إلَخْ) أَيْ هُوَ مِثَالٌ لِلْأَوَّلِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: مِثَالٌ لِلثَّانِي) أَيْ جَهَالَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ

(قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ بِنَفْسِ حَدٍّ وَقِصَاصٍ) أَمَّا لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَدُّ تَصِحُّ، لَكِنْ هَذَا فِي الْحُدُودِ الَّتِي فِيهَا لِلْعِبَادِ حَقٌّ كَحَدِّ الْقَذْفِ بِخِلَافِ الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.

(قَوْلُهُ: مُسْتَأْجَرَةٌ لَهُ) أَيْ لِلْحَمْلِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَلْزَمُ إلَخْ) قَالَ فِي الدُّرَرِ: لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ الْحَمْلَ عَلَى دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَالْكَفِيلُ لَوْ أَعْطَى دَابَّةً مِنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِغَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَوْ حَمَلَهُ عَلَى دَابَّةٍ أُخْرَى لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ فَصَارَ عَاجِزًا ضَرُورَةً، وَكَذَا الْعَبْدُ لِلْخِدْمَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ الْحَمْلُ مُطْلَقًا وَالْكَفِيلُ يَقْدِرُ عَلَيْهِ بِأَنْ يَحْمِلَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>