للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَغَيْرِ مُعْتَادٍ وَلَوْ عَامَّةً لِلتُّهْمَةِ

(وَيَشْهَدُ الْجِنَازَةَ وَيَعُودُ الْمَرِيضَ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَلَا عَلَيْهِمَا دَعْوَى شُرُنْبُلَالِيَّةٌ عَنْ الْبُرْهَانِ (وَيُسَوِّي) وُجُوبًا (بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ جُلُوسًا وَإِقْبَالًا وَإِشَارَةً وَنَظَرًا وَيَمْتَنِعُ مِنْ مُسَارَّةِ أَحَدِهِمَا وَالْإِشَارَةِ إلَيْهِ) وَرَفْعِ صَوْتِهِ عَلَيْهِ (وَالضَّحِكِ فِي وَجْهِهِ) وَكَذَا الْقِيَامُ لَهُ بِالْأَوْلَى (وَضِيَافَتِهِ) نَعَمْ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ مَعَهُمَا مَعًا جَازَ نَهْرٌ (وَلَا يَمْزَحُ) فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ (مُطْلَقًا) وَلَوْ لِغَيْرِهِمَا لِذَهَابِهِ بِمَهَابَتِهِ (وَلَا يُلَقِّنُهُ حُجَّتَهُ) وَعَنْ الثَّانِي لَا بَأْسَ بِهِ عَيْنِيُّ (وَلَا) يُلَقِّنُ (الشَّاهِدَ شَهَادَتَهُ) وَاسْتَحْسَنَهُ أَبُو يُوسُفَ فِيمَا لَا يَسْتَفِيدُ بِهِ زِيَادَةَ عِلْمٍ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَضَاءِ لِزِيَادَةِ تَجْرِبَتِهِ، بَزَّازِيَّةٌ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ، حُكِيَ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ وَقْتَ مَوْتِهِ قَالَ: اللَّهُمَّ إنَّك تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَمِلْ إلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ

ــ

[رد المحتار]

وَهُوَ خِلَافُ تَقْيِيدِهِمْ الْمَنْعَ بِالْخَاصَّةِ فَقَطْ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَيَعُودُ الْمَرِيضَ) إلَّا أَنَّهُ لَا يُطِيلُ الْمُكْثَ عِنْدَهُ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَلَا عَلَيْهِمَا دَعْوَى) الَّذِي فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذِكْرِ الْمَرِيضِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَيُسَوِّي وُجُوبًا بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ إلَخْ) إطْلَاقُهُ يَعُمُّ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ وَالْخَلِيفَةَ وَالرَّعِيَّةَ وَالدَّنِيءَ وَالشَّرِيفَ وَالْأَبَ وَالِابْنَ وَالْمُسْلِمَ وَالْكَافِرَ إلَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ الْخَلِيفَةُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَقُومَ مِنْ مَقَامِهِ، وَأَنْ يُجْلِسَهُ مَعَ خَصْمِهِ، وَيَقْعُدَ هُوَ عَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَقْضِيَ بَيْنَهُمَا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُجْلِسَ أَحَدَهُمَا عَنْ يَمِينِهِ، وَالْآخَرَ عَنْ يَسَارِهِ؛ لِأَنَّ لِلْيَمِينِ فَضْلًا وَلِذَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخُصُّ بِهِ الشَّيْخَيْنِ بَلْ الْمُسْتَحَبُّ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُجْلِسَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ كَالْمُتَعَلِّمِ بَيْنَ يَدَيْ مُعَلِّمِهِ، وَيَكُونُ بُعْدُهُمَا عَنْهُ قَدْرَ ذِرَاعَيْنِ أَوْ نَحْوَهُمَا وَلَا يُمَكِّنُهُمَا مِنْ التَّرَبُّعِ وَنَحْوِهِ، وَيَكُونُ أَعْوَانُهُ قَائِمَةً بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَمَّا قِيَامُ الْأَخْصَامِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَيْسَ مَعْرُوفًا، وَإِنَّمَا حَدَثَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُو الْأَحْوَالِ وَالْأَدَبِ وَقَدْ حَدَثَ فِي هَذَا الزَّمَانِ أُمُورٌ وَسُفَهَاءُ، فَيَعْمَلُ الْقَاضِي بِمُقْتَضَى الْحَالِ كَذَا فِي الْفَتْحِ يَعْنِي فَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْجُلُوسَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَحِقُّ فَيُعْطِي كُلَّ إنْسَانٍ مَا يَسْتَحِقُّهُ بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَسْتَحِقُّهُ دُونَ الْآخَرِ وَأَبَى الْآخَرُ إلَّا الْقِيَامَ لَمْ أَرَ الْمَسْأَلَةَ وَقِيَاسُ مَا فِي الْفَتْحِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: وَإِقْبَالًا) أَيْ نَظَرًا قُهُسْتَانِيٌّ وَالْأَوْلَى تَفْسِيرُهُ بِالتَّوْجِيهِ إلَيْهِ صُورَةً أَوْ مَعْنًى لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ بِمَا بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: وَيَمْتَنِعُ مِنْ مُسَاوَاةِ أَحَدِهِمَا) أَيْ يَجْتَنِبُ التَّكَلُّمَ مَعَهُ خُفْيَةً، وَكَذَا الْقَائِمُ بَيْنَ يَدَيْهِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَهُوَ الْجِلْوَازُ الَّذِي يَمْنَعُ النَّاسَ مِنْ التَّقَدُّمِ إلَيْهِ بَلْ يُقِيمُهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الْبُعْدِ وَمَعَهُ سَوْطٌ وَالشُّهُودُ يُقَرَّبُونَ نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: وَالْإِشَارَةُ إلَيْهِ) مُسْتَدْرَكٌ بِمَا قَبْلَهُ ط.

(قَوْلُهُ: وَرَفْعِ صَوْتِهِ عَلَيْهِ) يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَثْنِيَ مَا لَوْ كَانَ بِسَبَبٍ كَإِسَاءَةِ أَدَبٍ وَنَحْوِهِ.

(قَوْلُهُ: لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ) أَيْ الضِّيَافَةَ.

وَقَالَ فِي النَّهْرِ أَيْضًا وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ سَارَّهُمَا أَوْ أَشَارَ إلَيْهِمَا مَعًا جَازَ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَمْزَحُ) أَيْ يُدَاعِبُ فِي الْكَلَامِ مِنْ بَابِ نَفَعَ.

(قَوْلُهُ: فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ) أَمَّا فِي غَيْرِهِ فَلَا يُكْثِرُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يُذْهِبُ بِالْمَهَابَةِ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: عَيْنِيٌّ) عِبَارَتُهُ وَعَنْ الثَّانِي فِي رِوَايَةٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي وَجْهٍ لَا بَأْسَ بِتَلْقِينِ الْحُجَّةِ اهـ وَظَاهِرُهُ ضَعْفُهَا، بَلْ ظَاهِرُ الْفَتْحِ أَنَّ هَذَا فِي تَلْقِينِ الشَّاهِدِ لَا الْخَصْمِ كَمَا يَأْتِي نَعَمْ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ، وَلَوْ أَمَرَ الْقَاضِي رَجُلَيْنِ لِيُعَلِّمَاهُ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةَ فَلَا بَأْسَ بِهِ خُصُوصًا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ.

(قَوْلُهُ: وَاسْتَحْسَنَهُ أَبُو يُوسُفَ) قَالَ فِي الْفَتْحِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ وَجْهٌ لِلشَّافِعِيِّ لَا بَأْسَ بِهِ لِمَنْ اسْتَوْلَتْهُ الْحِيرَةُ أَوْ الْهَيْبَةُ فَتَرَكَ شَيْئًا مِنْ شَرَائِطِ الشَّهَادَةِ فَيُعِينُهُ بِقَوْلِهِ أَتَشْهَدُ بِكَذَا وَكَذَا بِشَرْطِ كَوْنِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التُّهْمَةِ، وَأَمَّا فِيهَا بِأَنْ ادَّعَى الْمُدَّعِي أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُنْكِرُ الْخَمْسَمِائَةِ وَشَهِدَ الشَّاهِدُ بِأَلْفٍ فَيَقُولُ الْقَاضِي: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَبْرَأَ مِنْ الْخَمْسِمِائَةِ وَاسْتَفَادَ الشَّاهِدُ بِذَلِكَ عِلْمًا فَوَفَّقَ بِهِ فِي شَهَادَتِهِ كَمَا وَفَّقَ الْقَاضِي، فَهَذَا لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا فِي تَلْقِينِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ اهـ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ ظَاهِرَ الْهِدَايَةِ تَرْجِيحُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ اهـ. وَحِكَايَةُ الرِّوَايَةِ فِي تَلْقِينِ الشَّاهِدِ وَالِاتِّفَاقُ فِي تَلْقِينِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ يَنْفِي مَا مَرَّ عَنْ الْعَيْنِيِّ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: لِزِيَادَةِ تَجْرِبَتِهِ) قَدَّمْنَا عَنْ الْكِفَايَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا تَوَلَّى الْقَضَاءَ أَيْضًا وَذَكَرَ عَبْدُ الْقَادِرِ فِي طَبَقَاتِهِ أَنَّ الرَّشِيدَ وَلَّاهُ قَضَاءَ الرَّقَّةِ ثُمَّ عَزَلَهُ وَوَلَّاهُ قَضَاءَ الرَّيِّ اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُدَّتَهُ لَمْ تَطُلْ؛ وَلِذَا لَمْ يَشْتَهِرْ بِالْقَضَاءِ كَمَا اشْتَهَرَ أَبُو يُوسُفَ، فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْ التَّجْرِبَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>