للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[رد المحتار]

الْأَوَّلُ: مَا لَا يَكُونُ مَوْضِعًا لِلْحُكْمِ كَمَا لَوْ أَذِنَتْهُ مُكَلَّفَةٌ بِتَزْوِيجِهَا فَزَوَّجَهَا فَإِنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهَا فَفِعْلُهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ كَمَا فِي الْقَاسِمِيَّةِ

الثَّانِي: مَا يَكُونُ مَحَلًّا لِلْحُكْمِ كَتَزْوِيجِ صَغِيرَةٍ لَا وَلِيَّ لَهَا وَشِرَائِهِ وَبَيْعِهِ مَالَ الْيَتِيمِ وَقِسْمَتِهِ الْعَقَارَ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَجَزَمَ فِي التَّجْنِيسِ بِأَنَّهُ حُكْمٌ وَكَذَا تَزْوِيجُهُ الْيَتِيمَةَ مِنْ ابْنِهِ. وَرَدَّهُ فِي نِكَاحٍ الْفَتْحُ بِأَنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ أَيْ مِنْ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ، وَبِأَنَّ إلْحَاقَهُ بِالْوَكِيلِ يَكْفِي لِلْمَنْعِ، يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ بِالنِّكَاحِ لَا يَمْلِكُ التَّزْوِيجَ مِنْ ابْنِهِ فَالْقَاضِي بِمَنْزِلَتِهِ، فَيُغْنِي ذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ حُكْمًا.

وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُمْ شِرَاءُ الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ أَوْ شَيْئًا مِنْ الْغَنِيمَةِ لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ لِنَفْسِهِ خِلَافَ الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّ إلْحَاقَهُ بِالْوَكِيلِ مُغْنٍ عَنْ كَوْنِهِ حُكْمًا؛ لِأَنَّ شِرَاءَ الْوَكِيلِ لِنَفْسِهِ بَاطِلٌ لَكِنْ لَمَّا كَثُرَ فِي كَلَامِهِمْ كَوْنُ فِعْلِهِ حُكْمًا. مَطْلَبٌ الْقَضَاءُ الْقَوْلِيُّ يَحْتَاجُ لِلدَّعْوَى بِخِلَافِ الْفِعْلِيِّ وَالضِّمْنِيِّ

فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ تَصْحِيحًا لِكَلَامِهِمْ إنَّ الْحُكْمَ الْقَوْلِيَّ يَحْتَاجُ إلَى الدَّعْوَى وَالْفِعْلِيَّ لَا كَالْقَضَاءِ الضِّمْنِيِّ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا وَإِنَّمَا يَحْتَاجُهَا الْقَصْدِيُّ، وَيَدْخُلُ الضِّمْنِيُّ تَبَعًا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ لَوْ طَلَبَ الْوَرَثَةُ الْقِسْمَةَ لِلْعَقَارِ وَفِيهِمْ غَائِبٌ أَوْ صَغِيرٌ قَالَ الْإِمَامُ لَا أَقْسِمُ مَا لَمْ يُبَرْهِنُوا عَلَى الْمَوْتِ وَالْمَوَارِيثِ، وَلَا أَقْضِي عَلَى الْغَائِبِ وَالصَّغِيرِ بِقَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّ قِسْمَةَ الْقَاضِي قَضَاءٌ مِنْهُ وَقَالَا يَقْسِمُ اهـ، وَهَذَا قَاطِعٌ لِلشُّبْهَةِ فَتَعَيَّنَ الرُّجُوعُ إلَى الْحَقِّ اهـ مَا فِي الْبَحْرِ مُلَخَّصًا.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا فِي الْأَصْلِ لَا يُمْكِنُ إلْحَاقُهُ بِالْوَكِيلِ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْقِسْمَةِ، فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْعِلَّةَ مَا نَصَّ عَلَيْهَا مِنْ كَوْنِ فِعْلِهِ حُكْمًا، وَتَعَيَّنَ التَّوْفِيقُ بِمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْقَضَاءَ الْفِعْلِيَّ لَا يَحْتَاجُ إلَى الدَّعْوَى كَالضِّمْنِيِّ بِخِلَافِ الْقَوْلِيِّ الْقَصْدِيِّ. وَبِهِ انْدَفَعَ مَا مَرَّ عَنْ الْفَتْحِ مِنْ قَوْلِهِ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ وَانْدَفَعَ أَيْضًا قَوْلُ ابْنِ الْغَرْسِ: إنَّ الصَّوَابَ أَنَّ الْفِعْلَ لَا يَكُونُ حُكْمًا نَعَمْ قَالَ فِي النَّهْرِ: مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ إثْبَاتُهُمْ خِيَارَ الْبُلُوغِ لِلصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ بِتَزْوِيجِ الْقَاضِي عَلَى الْأَصَحِّ إذْ لَوْ كَانَ تَزْوِيجُهُ حُكْمًا لَزِمَ نَقْضُهُ اهـ.

قُلْت: وَقَدْ يُقَالُ إنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ حُكْمًا أَنَّهُ إذَا زَوَّجَ الْيَتِيمَةَ لَيْسَ لِغَيْرِهِ نَقْضُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ نُجَيْمٍ أَيْ لَوْ رُفِعَ إلَى حَاكِمٍ آخَرَ لَا يَرَاهُ لَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ بَلْ عَلَيْهِ تَنْفِيذُهُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَرْفَعُ الْخِلَافَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا خِيَارُ الْبُلُوغِ كَمَا لَوْ زَوَّجَهَا عَصَبَةٌ غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَحَكَمَ بِهِ الْقَاضِي، فَإِنَّ حُكْمَهُ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ لَا يُنَافِي ثُبُوتَ خِيَارِ الْبُلُوغِ كَمَا لَا يَخْفَى فَكَذَا هُنَا بِالْأَوْلَى مَطْلَبٌ فِي الْقَضَاءِ الضِّمْنِيِّ [تَتِمَّةٌ]

قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ: الْقَضَاءُ الضِّمْنِيُّ لَا يُشْتَرَطُ لَهُ الدَّعْوَى، وَالْخُصُومَةُ فَإِذَا شَهِدَ عَلَى خَصْمٍ بِحَقٍّ وَذَكَرَا اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ، وَقَضَى بِذَلِكَ الْحَقِّ كَانَ قَضَاءً بِنَسَبِهِ ضِمْنًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَادِثَةِ النَّسَبِ اهـ أَيْ إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ غَيْرَ مُشَارٍ إلَيْهِ، فَلَوْ مُشَارًا إلَيْهِ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ كَمَا أَوْضَحَهُ الْحَمَوِيُّ ثُمَّ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ: وَعَلَى هَذَا لَوْ شَهِدَا بِأَنَّ فُلَانَةَ زَوْجَةُ فُلَانٍ، وَكَّلَتْ زَوْجَهَا فُلَانًا فِي كَذَا عَلَى خَصْمٍ مُنْكِرٍ، وَقَضَى بِتَوْكِيلِهَا كَانَ قَضَاءً بِالزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا: وَهِيَ حَادِثَةُ الْفَتْوَى، وَنَظِيرُهُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ بِثُبُوتِ الرَّمَضَانِيَّةِ أَنْ يُعَلِّقَ رَجُلٌ وَكَالَةَ فُلَانٍ بِدُخُولِ رَمَضَانَ، وَيَدَّعِيَ بِحَقٍّ عَلَى آخَرَ وَيَتَنَازَعَا فِي دُخُولِهِ فَتُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَى رُؤْيَاهُ، فَيَثْبُتُ رَمَضَانُ ضِمْنَ ثُبُوتِ التَّوْكِيلِ وَأَصْلُ الْقَضَاءِ الضِّمْنِيِّ مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُ الْمُتُونِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى كَفَالَةً عَلَى رَجُلٍ بِمَالٍ بِإِذْنِهِ فَأَقَرَّ بِهَا، وَأَنْكَرَ الدَّيْنَ فَبَرْهَنَ عَلَى الْكَفِيلِ بِالدَّيْنِ وَقَضَى عَلَيْهِ بِهَا كَانَ قَضَاءً عَلَيْهِ قَصْدًا وَعَلَى الْأَصِيلِ الْغَائِبِ ضِمْنًا وَلَهُ فُرُوعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>