للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى مَا فِي الْأَشْبَاهِ وَتَبْطُلُ بِإِسْلَامِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ، وَكَذَا بَعْدَهُ لَوْ بِعُقُوبَةٍ كَقَوَدٍ بَحْرٌ (وَإِنْ اخْتَلَفَا مِلَّةً) كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى (وَ) الذِّمِّيِّ (عَلَى الْمُسْتَأْمَنِ لَا عَكْسِهِ) وَلَا مُرْتَدٍّ عَلَى مِثْلِهِ فِي الْأَصَحِّ (وَتُقْبَلُ مِنْهُ عَلَى) مُسْتَأْمَنٍ (مِثْلِهِ مَعَ اتِّحَادِ الدَّارِ) لِأَنَّ اخْتِلَافَ دَارَيْهِمَا يَقْطَعُ الْوِلَايَةَ كَمَا يَمْنَعُ التَّوَارُثَ (وَ) تُقْبَلُ مِنْ عَدُوٍّ بِسَبَبِ الدِّينِ (لِأَنَّهَا مِنْ التَّدَيُّنِ) بِخِلَافِ الدُّنْيَوِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَأْمَنُ مِنْ التَّقَوُّلِ عَلَيْهِ كَمَا سَيَجِيءُ؛ وَأَمَّا الصَّدِيقُ لِصَدِيقِهِ فَتُقْبَلُ إلَّا إذَا كَانَتْ الصَّدَاقَةُ مُتَنَاهِيَةً بِحَيْثُ يَتَصَرَّفُ كُلٌّ فِي مَالِ الْآخَرِ فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ مَعْزِيًّا لِمُعِينِ الْحُكَّامِ (وَ) مِنْ (مُرْتَكِبِ صَغِيرَةٍ) بِلَا إصْرَارٍ (إنْ اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ) كُلَّهَا وَغَلَبَ صَوَابُهُ عَلَى صَغَائِرِهِ دُرَرٌ وَغَيْرُهَا قَالَ: وَهُوَ مَعْنَى الْعَدَالَةِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ: كُلُّ فِعْلٍ يَرْفُضُ الْمُرُوءَةَ وَالْكَرَمَ كَبِيرَةٌ، وَأَقَرَّهُ ابْنُ الْكَمَالِ. قَالَ: وَمَتَى ارْتَكَبَ كَبِيرَةً سَقَطَتْ عَدَالَتُهُ (وَ) مِنْ (أَقْلَفَ) لَوْ لِعُذْرٍ وَإِلَّا لَا وَبِهِ نَأْخُذُ

ــ

[رد المحتار]

دَيْنٌ لِمُسْلِمٍ بِشَهَادَةِ نَصْرَانِيٍّ وَدَيْنٌ لِنَصْرَانِيٍّ بِشَهَادَةِ نَصْرَانِيٍّ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ: بُدِئَ بِدَيْنِ الْمُسْلِمِ؛ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ كَانَ ذَلِكَ لِلنَّصْرَانِيِّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ اهـ كَذَا فِي الْهَامِشِ.

(قَوْلُهُ عَلَى مَا فِي الْأَشْبَاهِ) وَهِيَ مَا إذَا شَهِدَ نَصْرَانِيَّانِ عَلَى نَصْرَانِيٍّ أَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ حَيًّا كَانَ أَوْ مَيِّتًا فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ نَصْرَانِيَّةً كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَمَا إذَا شَهِدَا عَلَى نَصْرَانِيٍّ مَيِّتٍ بِدَيْنٍ وَهُوَ مَدْيُونٌ مُسْلِمٌ، وَمَا إذَا شَهِدَا عَلَيْهِ بِعَيْنٍ اشْتَرَاهَا مِنْ مُسْلِمٍ، وَمَا إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةُ نَصَارَى عَلَى نَصْرَانِيٍّ أَنَّهُ زَنَى بِمُسْلِمَةٍ إلَّا إذَا قَالُوا اسْتَكْرَهَهَا فَيُحَدُّ الرَّجُلُ وَحْدَهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَمَا إذَا ادَّعَى مُسْلِمٌ عَبْدًا فِي يَدِ كَافِرٍ فَشَهِدَ كَافِرَانِ أَنَّهُ عَبْدُهُ قَضَى بِهِ فُلَانٌ الْقَاضِي الْمُسْلِمُ لَهُ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ مَدَنِيٌّ.

(قَوْلُهُ بِإِسْلَامِهِ) أَيْ إسْلَامِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُسْتَأْمَنِ، قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ غَيْرُهُ، فَإِنَّ الْحَرْبِيَّ لَوْ دَخَلَ بِلَا أَمَانٍ قَهْرًا اُسْتُرِقَّ وَلَا شَهَادَةَ لِلْعَبْدِ عَلَى أَحَدٍ فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ مَعَ اتِّحَادِ الدَّارِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ دَارٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ كَانُوا مِنْ دَارَيْنِ كَالرُّومِ وَالتُّرْكِ لَمْ تُقْبَلْ هِدَايَةٌ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي كَانُوا لِلْمُسْتَأْمَنَيْنِ فِي دَارِنَا، وَبِهِ ظَهَرَ عَدَمُ صِحَّةِ مَا نُقِلَ عَنْ الْحَمَوِيِّ مِنْ تَمْثِيلِهِ لِاتِّحَادِ الدَّارِ بِكَوْنِهِمَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَإِلَّا لَزِمَ تَوَارُثُهُمَا حِينَئِذٍ وَإِنْ كَانَا مِنْ دَارَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ. وَفِي الْفَتْحِ: وَإِنَّمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْتَأْمَنِ وَإِنْ كَانَا مِنْ أَهْلِ دَارَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ صَارَ كَالْمُسْلِمِ، وَشَهَادَةُ الْمُسْلِمِ تُقْبَلُ عَلَى الْمُسْتَأْمَنِ فَكَذَا الذِّمِّيُّ.

(قَوْلُهُ عَلَى صَغَائِرِهِ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ وَبِلَا غَلَبَةٍ، قَالَ ابْنُ الْكَمَالِ: لِأَنَّ الصَّغِيرَةَ تَأْخُذُ حُكْمَ الْكَبِيرَةِ بِالْإِصْرَارِ، وَكَذَا بِالْغَلَبَةِ عَلَى مَا أَفْصَحَ عَنْهُ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى حَيْثُ قَالَ: الْعَدْلُ مَنْ يَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ كُلَّهَا حَتَّى لَوْ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ، وَفِي الصَّغَائِرِ الْعِبْرَةُ لِلْغَلَبَةِ أَوْ الْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغِيرَةِ فَتَصِيرُ كَبِيرَةً وَلِذَا قَالَ وَغَلَبَ صَوَابُهُ اهـ، قَالَ فِي الْهَامِشِ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَجْلِسُ مَجْلِسَ الْفُجُورِ وَالْمَجَانَةِ وَالشُّرْبِ وَإِنْ لَمْ يَشْرَبْ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ فَتَاوَى هِنْدِيَّةٌ. وَفِيهَا: وَالْفَاسِقُ إذَا تَابَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مَا لَمْ يَمْضِ عَلَيْهِ زَمَانٌ يُظْهِرُ عَلَيْهِ أَثَرَ التَّوْبَةِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي اهـ.

(قَوْلُهُ وَفِي الْخُلَاصَةِ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَقْضِيَةِ: وَاَلَّذِي اعْتَادَ الْكَذِبَ إذَا تَابَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ذَخِيرَةٌ، وَسَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ كَبِيرَةٌ) الْأَصَحُّ أَنَّهَا كُلُّ مَا كَانَ شَنِيعًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِ هَتْكُ حُرْمَةِ الدِّينِ كَمَا بَسَطَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ وَغَيْرُهُ كَذَا فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى. وَقَالَ فِي الْفَتْحِ: وَمَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى: الْعَدْلُ مَنْ يَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ كُلَّهَا، حَتَّى لَوْ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ: وَفِي الصَّغَائِرِ الْعِبْرَةُ لِلْغَلَبَةِ لِتَصِيرَ كَبِيرَةً حَسَنٌ، وَنَقَلَهُ عَنْ أَدَبِ الْقَضَاءِ لِعِصَامٍ وَعَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ، غَيْرَ أَنَّ الْحَاكِمَ بِزَوَالِ الْعَدَالَةِ بِارْتِكَابِ الْكَبِيرَةِ يَحْتَاجُ إلَى الظُّهُورِ فَلِذَا شُرِطَ فِي شُرْبِ الْمُحَرَّمِ وَالسُّكْرِ الْإِدْمَانُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ اهـ.

(قَوْلُهُ سَقَطَتْ عَدَالَتُهُ) وَتَعُودُ إذَا تَابَ، لَكِنْ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي الْخَانِيَّةِ الْفَاسِقُ إذَا تَابَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مَا لَمْ يَمْضِ عَلَيْهِ زَمَانٌ يُظْهِرُ التَّوْبَةَ، ثُمَّ بَعْضُهُمْ قَدَّرَهُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَبَعْضُهُمْ قَدَّرَهُ بِسَنَةٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ مُفَوَّضٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>