للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَنَبَّهْ وَتَبَصَّرْ (وَإِنْ) قَالَهُ الشَّاهِدُ (بَعْدَ قِيَامِهِ عَنْ الْمَجْلِسِ لَا) تُقْبَلْ عَلَى الظَّاهِرِ احْتِيَاطًا وَكَذَا لَوْ وَقَعَ الْغَلَطُ فِي بَعْضِ الْحُدُودِ أَوْ النَّسَبِ هِدَايَةٌ

(بَيِّنَةُ أَنَّهُ) أَيْ الْمَجْرُوحَ (مَاتَ مِنْ الْجُرْحِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمَوْتِ بَعْدَ الْبُرْءِ) وَلَوْ (أَقَامَ أَوْلِيَاءُ مَقْتُولٍ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ زَيْدًا جَرَحَهُ وَقَتَلَهُ وَأَقَامَ زَيْدٌ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الْمَقْتُولَ قَالَ إنَّ زَيْدًا لَمْ يَجْرَحْنِي وَلَمْ يَقْتُلْنِي فَبَيِّنَةُ زَيْدٍ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ) مَجْمُوعُ الْفَتَاوَى.

(وَبَيِّنَةُ الْغَبْنِ)

ــ

[رد المحتار]

الْعَمَلُ بِقَوْلِهِ الثَّانِي.

(قَوْلُهُ فَتَنَبَّهْ وَتَبَصَّرْ) فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عُفِيَ عَنْهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ:

الْأَوَّلُ: أَنَّ قَوْلَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قُبِلَتْ رَاجِعٌ إلَى الشَّهَادَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمِنَحِ، وَهُوَ مُقْتَضَى صَنِيعِهِ هُنَا، وَحِينَئِذٍ فَلَا مَعْنَى لِقَبُولِهَا بَعْدَ الْقَضَاءِ بَلْ الصَّوَابُ ذِكْرُهُ بَعْدَ عِبَارَةِ الْمُلْتَقَى.

الثَّانِي: أَنَّهُ لَا مَحَلَّ لِلِاسْتِدْرَاكِ هُنَا لِأَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ: وَلَا يُقْبَلُ الِاسْتِدْرَاكُ بِقَوْلٍ عَلَى آخَرَ إلَّا أَنْ يُعْتَبَرَ الِاسْتِدْرَاكُ بِالنَّظَرِ إلَى تَرْجِيحِ الثَّانِي.

الثَّالِثُ: أَنَّ قَوْلَهُ وَكَذَا لَوْ وَقَعَ الْغَلَطُ فِي بَعْضِ الْحُدُودِ أَوْ النَّسَبِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

الرَّابِعُ: أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ بِذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

وَعِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ تَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا مِنْ أَوْجُهِ النَّظَرِ الْمَذْكُورَةِ، حَيْثُ قَالَ: ثُمَّ قِيلَ يَقْضِي بِجَمِيعِ مَا شَهِدَ بِهِ أَوَّلًا، حَتَّى لَوْ شَهِدَ بِأَلْفٍ ثُمَّ قَالَ غَلِطْتُ فِي خَمْسِمِائَةٍ يَقْضِي بِأَلْفٍ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ أَوَّلًا صَارَ حَقًّا لِلْمُدَّعِي وَوَجَبَ عَلَى الْقَاضِي الْقَضَاءُ بِهِ فَلَا يَبْطُلُ بِرُجُوعِهِ، وَقِيلَ يَقْضِي بِمَا بَقِيَ لِأَنَّ مَا حَدَثَ بَعْدَ الشَّهَادَةِ قَبْلَ الْقَضَاءِ كَحُدُوثِهِ عِنْدَ الشَّهَادَةِ. ثُمَّ قَالَ: وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا قَالَ أُوهِمْتُ فِي الزِّيَادَةِ أَوْ فِي النُّقْصَانِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ إذَا كَانَ عَدْلًا، وَلَا يَتَفَاوَتُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ رَوَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَلَى هَذَا لَوْ وَقَعَ الْغَلَطُ فِي ذِكْرِ بَعْضِ حُدُودِ الْعَقَارِ أَوْ فِي بَعْضِ النَّسَبِ ثُمَّ تَذَكَّرَ تُقْبَلُ لِأَنَّهُ قَدْ يُبْتَلَى بِهِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَذِكْرُهُ ذَلِكَ لِلْقَاضِي دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهِ وَاحْتِيَاطِهِ فِي الْأُمُورِ اهـ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ أَوْ النَّسَبِ) بِأَنْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عِمْرَانَ فَتَدَارَكَهُ فِي الْمَجْلِسِ قِيلَ وَبَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ بَعْضِ الْحُدُودِ بِأَنْ ذَكَرَ الشَّرْقِيَّ مَكَانَ الْغَرْبِيِّ وَنَحْوَهُ فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمَوْتِ) نَقَلَ الشَّيْخُ غَانِمٌ خِلَافَهُ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا فَرَاجِعْهُ، وَأَفْتَى الْمُفْتِي أَبُو السُّعُودِ بِخِلَافِهِ. وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ مَسَائِلَ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَاتِ وَتَرْجِيحِهَا فِي الْبَابِ الْآتِي عِنْدَ قَوْلِهِ: وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ قَتَلَ زَيْدًا يَوْمَ النَّحْرِ إلَخْ. وَذَكَرَ فِي الْهَامِشِ مَسَائِلَ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَاتِ هِيَ قِطَعٌ أَقَامَتْ الْأَمَةُ بَيِّنَةً أَنَّ مَوْلَاهَا دَبَّرَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَهُوَ عَاقِلٌ وَأَقَامَتْ الْوَرَثَةُ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ مَخْلُوطَ الْعَقْلِ فَبَيِّنَةُ الْأَمَةِ أَوْلَى، وَكَذَا إذَا خَالَعَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ أَقَامَ الزَّوْجُ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ مَجْنُونًا وَقْتَ الْخُلْعِ وَالْمَرْأَةُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَاقِلًا فَبَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَوْلَى فِي الْفَصْلَيْنِ. زَوَّجَ الْأَبُ بِنْتَهُ الْبَالِغَةَ مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ يُعْطِيهِ أَلْفًا فَأَعْطَاهُ ثُمَّ ادَّعَتْ الْبِنْتُ أَنَّ الْأَلْفَ مَهْرُهَا وَادَّعَى الْأَبُ أَنَّهُ لَهُ لِأَجَلٍ قفتا نَلْقَ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ الْبِنْتِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ بَيِّنَتَهَا تُثْبِتُ الْوُجُوبَ فِي النِّكَاحِ وَبَيِّنَتَهُ تُثْبِتُ الرِّشْوَةَ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ، وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ بِالتَّلْجِئَةِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْجِدِّ بِيَمِينِهِ، وَلَوْ بَرْهَنَ أَحَدُهُمَا قُبِلَ، وَلَوْ بَرْهَنَا فَالتَّلْجِئَةُ كَمَا سَبَقَ فِي الْبَيْعِ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا صِحَّةِ الْوَقْفِ وَفَسَادِهِ، فَإِنَّ الْفَسَادَ لِشَرْطٍ فِي الْوَقْفِ مُفْسِدٌ فَبَيِّنَةُ الْفَسَادِ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى فِي الْمَحَلِّ وَغَيْرِهِ فَبَيِّنَةُ الصِّحَّةِ أَوْلَى. وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَفَسَادِهِ بَاقَانِيٌّ عَلَى الْمُلْتَقَى. بَيِّنَةُ أَنَّهُ بَاعَهَا فِي الْبُلُوغِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَتِهِ أَنَّهُ بَاعَهَا فِي صِغَرِهِ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ. إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الْقِدَمِ وَالْحُدُوثِ. فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ: بَيِّنَةُ الْقِدَمِ أَوْلَى. وَفِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ لِلْبَغْدَادِيِّ عَنْ الْقُنْيَةِ: بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ

<<  <  ج: ص:  >  >>