(وَصَحَّ بَيْعُهُ بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَبِالْعَرْضِ) وَخَصَّاهُ بِالْقِيمَةِ وَبِالنُّقُودِ وَبِهِ يُفْتَى بَزَّازِيَّةٌ، وَلَا يَجُوزُ فِي الصَّرْفِ كَدِينَارٍ بِدِرْهَمٍ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مِنْ وَجْهٍ، شِرَاءٌ مِنْ وَجْهٍ صَيْرَفِيَّةٌ (وَ) صَحَّ (بِالنَّسِيئَةِ إنْ) التَّوْكِيلُ بِالْبَيْعِ (لِلتِّجَارَةِ وَإِنْ) كَانَ (لِلْحَاجَةِ لَا) يَجُوزُ (كَالْمَرْأَةِ إذَا دَفَعَتْ غَزْلًا إلَى رَجُلٍ لِيَبِيعَهُ لَهَا وَيَتَعَيَّنُ النَّقْدُ) بِهِ يُفْتَى خُلَاصَةٌ، وَكَذَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ قَامَتْ الدَّلَالَةُ عَلَى الْحَاجَةِ كَمَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ، وَهَذَا أَيْضًا إنْ بَاعَ بِمَا يَبِيعُ النَّاسُ نَسِيئَةً، فَإِنَّ طُولَ الْمُدَّةِ لَمْ يَجُزْ بِهِ يُفْتَى ابْنُ مَلَكٍ، وَمَتَى عَيَّنَ الْآمِرُ شَيْئًا تَعَيَّنَ إلَّا فِي بِعْهُ بِالنَّسِيئَةِ بِأَلْفٍ فَبَاعَ بِالنَّقْدِ بِأَلْفٍ جَازَ بَحْرٌ.
قُلْتُ: وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ إنْ خَالَفَ إلَى خَيْرٍ فِي ذَلِكَ الْجِنْسِ جَازَ وَإِلَّا لَا
وَأَنَّهَا تَتَقَيَّدُ
ــ
[رد المحتار]
مُشْتَرِيًا وَبَائِعًا فَيَبِيعُهُ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ يَشْتَرِيهِ مِنْهُ، وَإِنْ أَمَرَهُ الْمُوَكِّلُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ أَوْ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فَبَاعَ مِنْهُمْ جَازَ بَزَّازِيَّةٌ كَذَا فِي الْبَحْرِ، وَلَا يَخْفَى مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْمُخَالَفَةِ، وَذَكَرَ مِثْلَ مَا فِي السِّرَاجِ فِي النِّهَايَةِ عَنْ الْمَبْسُوطِ، وَمِثْلَ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ الطَّحَاوِيِّ، وَكَأَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ خِلَافًا لِمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا.
(قَوْلُهُ وَصَحَّ بَيْعُهُ بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ إلَخْ) قَالَ الْخُجَنْدِيُّ: جُمْلَةُ مَنْ يَتَصَرَّفُ بِالتَّسْلِيطِ حُكْمُهُمْ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: مِنْهُمْ مَنْ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَهُوَ الْأَبُ وَالْجَدُّ وَالْوَصِيُّ وَقَدْرُ مَا يُتَغَابَنُ يُجْعَلُ عَفْوًا.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ عَلَى الْمَعْرُوفِ وَعَلَى خِلَافِهِ وَهُوَ الْمُكَاتَبُ وَالْمَأْذُونُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوا مَا يُسَاوِي أَلْفًا بِدِرْهَمٍ وَيَشْتَرُوا مَا يُسَاوِي دِرْهَمًا بِأَلْفٍ، وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ إلَّا عَلَى الْمَعْرُوفِ، وَأَمَّا الْحُرُّ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ كَيْفَمَا كَانَ وَكَذَا شِرَاؤُهُ إجْمَاعًا.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَجُوزُ بَيْعُهُ كَيْفَمَا كَانَ وَكَذَا شِرَاؤُهُ عَلَى الْمَعْرُوفِ وَهُوَ الْمُضَارِبُ وَشَرِيكَا الْعِنَانِ أَوْ الْمُفَاوَضَةِ وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْمُطْلَقِ يَجُوزُ بَيْعُ هَؤُلَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِمَا عَزَّ وَهَانَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ إلَّا بِالْمَعْرُوفِ، وَأَمَّا شِرَاؤُهُمْ فَلَا يَجُوزُ إلَّا عَلَى الْمَعْرُوفِ إجْمَاعًا، فَإِنْ اشْتَرَى بِخِلَافِ الْمَعْرُوفِ وَالْعَادَةِ أَوْ بِغَيْرِ النُّقُودِ نَفَذَ شِرَاؤُهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَمِنُوا مَا نَقَدُوا فِيهِ مِنْ مَالِ غَيْرِهِمْ إجْمَاعًا.
وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَجْعَلُ قَدْرَ مَا يُتَغَابَنُ فِيهِ عَفْوًا وَهُوَ الْمَرِيضُ إذَا بَاعَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَحَابَى فِيهِ قَلِيلًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ مُحَابَاتُهُ وَإِنْ قَلَّتْ، وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ وَفَّى الثَّمَنَ إلَى تَمَامِ الْقِيمَةِ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ: وَأَمَّا وَصِيُّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ إذَا بَاعَ تَرِكَتَهُ لِقَضَاءِ دُيُونِهِ وَحَابَى فِيهِ قَدْرَ مَا يُتَغَابَنُ فِيهِ صَحَّ بَيْعُهُ وَيُجْعَلُ عَفْوًا، وَكَذَا لَوْ بَاعَ مَالَهُ مِنْ بَعْضِ وَرَثَتِهِ وَحَابَى فِيهِ، وَإِنْ قَلَّ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ حَتَّى تُجِيزَ سَائِرُ وَرَثَتِهِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَلَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ مِمَّنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ وَحَابَى فِيهِ قَلِيلًا لَا يَجُوزُ وَكَذَا الْمُضَارِبُ.
وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ مَا لَمْ يَكُنْ خَيْرًا وَهُوَ الْوَصِيُّ إذَا بَاعَ مَا لَهُ مِنْ الْيَتِيمِ أَوْ اشْتَرَى، فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ، وَعِنْدَهُمَا إنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ اهـ سَائِحَانِيٌّ.
قُلْتُ: وَفِي وَصَايَا الْخَانِيَّةِ فَسَّرَ السَّرَخْسِيُّ الْخَيْرِيَّةَ بِمَا إذَا اشْتَرَى الْوَصِيُّ لِنَفْسِهِ مَالَ الْيَتِيمِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بَخَمْسَةَ عَشَرَ وَبَاعَ مَالَ نَفْسِهِ مِنْ الْيَتِيمِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِثَمَانِيَةٍ، وَذَكَرَ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي بِعِبَارَةٍ أَخْصَرَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ بَزَّازِيَّةٌ) قَالَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي تَصْحِيحِهِ عَلَى الْقُدُورِيِّ وَرَجَّحَ دَلِيلَ الْإِمَامِ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ عِنْدَ النَّسَفِيِّ وَهُوَ أَصَحُّ الْأَقَاوِيلِ وَالِاخْتِيَارُ عِنْدَ الْمَحْبُوبِيِّ، وَوَافَقَهُ الْمَوْصِلِيُّ وَصَدْرُ الشَّرِيعَةِ اهـ رَمْلِيٌّ وَعَلَيْهِ أَصْحَابُ الْمُتُونِ الْمَوْضُوعَةِ لِنَقْلِ الْمَذْهَبِ بِمَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ بِالنَّقْدِ بِأَلْفٍ جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ صَارَ مُخَالِفًا إلَّا أَنَّهُ إلَى خَيْرٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَإِنْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ مِنْ الْأَلْفِ بِالنَّقْدِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ خَالَفَ إلَى خَيْرٍ مِنْ حَيْثُ التَّعْجِيلُ خَالَفَ إلَى شَرٍّ مِنْ حَيْثُ الْمِقْدَارُ وَالْخِلَافُ إلَى شَرٍّ مِنْ وَجْهٍ يَكْفِي فِي الْمَنْعِ، فَإِنْ بَاعَهُ بِأَلْفَيْنِ نَسِيئَةً وَشَهْرًا أَيْضًا لَا يَجُوزُ ذَخِيرَةٌ، وَفِيهَا قَبْلَهُ: وَإِذَا وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ نَسِيئَةً فَبَاعَهُ بِالنَّقْدِ، إنْ بِمَا يُبَاعُ بِالنَّسِيئَةِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا اهـ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ