مَا يُقَوِّمُ بِهِ مُقَوِّمٌ وَهَذَا (إذَا لَمْ يَكُنْ سِعْرُهُ مَعْرُوفًا وَإِنْ كَانَ) سِعْرُهُ (مَعْرُوفًا) بَيْنَ النَّاسِ (كَخُبْزٍ وَلَحْمٍ) وَمَوْزٍ وَجُبْنٍ (لَا يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَإِنْ قَلَّتْ الزِّيَادَةُ) وَلَوْ فَلْسًا وَاحِدًا بِهِ يُفْتَى بَحْرٌ وَبِنَايَةٌ.
(وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدٍ فَبَاعَ نِصْفَهُ) (صَحَّ) لِإِطْلَاقِ التَّوْكِيلِ.
وَقَالَا إنْ بَاعَ الْبَاقِيَ قَبْلَ الْخُصُومَةِ جَازَ وَإِلَّا لَا وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ مُلْتَقَى وَهِدَايَةٌ، وَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُ قَوْلِهِمَا وَالْمُفْتَى بِهِ خِلَافُهُ بَحْرٌ، وَقَيَّدَ ابْنُ الْكَمَالِ الْخِلَافَ بِمَا يَتَعَيَّبُ بِالشَّرِكَةِ وَإِلَّا جَازَ اتِّفَاقًا فَلْيُرَاجَعْ (وَفِي الشِّرَاءِ يَتَوَقَّفُ عَلَى شِرَاءِ بَاقِيهِ قَبْلَ الْخُصُومَةِ) اتِّفَاقًا
(وَلَوْ رُدَّ مَبِيعٌ بِعَيْبٍ عَلَى وَكِيلِهِ) بِالْبَيْعِ (بِبَيِّنَةٍ أَوْ نُكُولِهِ أَوْ إقْرَارِهِ فِيمَا لَا يَحْدُثُ) مِثْلُهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ (رَدَّهُ) الْوَكِيلُ (عَلَى الْآمِرِ، وَ) لَوْ (بِإِقْرَارِهِ فِيمَا يَحْدُثُ لَا) يَرُدُّهُ وَلَزِمَ الْوَكِيلَ.
ــ
[رد المحتار]
وَفِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ بَحْرٌ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ مَا يُقَوِّمُ بِهِ مُقَوِّمٌ) أَيْ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ تَقْوِيمِ أَحَدٍ مِنْ الْمُقَوِّمِينَ.
قَالَ مِسْكِينٌ: فَلَوْ قَوَّمَهُ عَدْلٌ عَشَرَةً وَعَدْلٌ آخَرُ ثَمَانِيَةً وَآخَرُ سَبْعَةً فَمَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ وَالسَّبْعَةِ دَاخِلٌ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ وَتَمَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَبِنَايَةٌ) هِيَ شَرْحُ الْهِدَايَةِ.
(قَوْلُهُ لِإِطْلَاقِ التَّوْكِيلِ) أَيْ إطْلَاقِهِ عَنْ قَيْدِ الِاجْتِمَاعِ وَالِافْتِرَاقِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ اسْتِحْسَانًا.
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَلِذَا أَخَّرَهُ مَعَ دَلِيلِهِ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ، وَلِذَا اسْتَشْهَدَ لِقَوْلِ الْإِمَامِ بِمَا لَوْ بَاعَ الْكُلَّ بِثَمَنِ النِّصْفِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ خِلَافُ قَوْلِهِ اهـ، أَيْ خِلَافُ قَوْلِهِ فِيمَا اسْتَشْهَدَ بِهِ.
قُلْتُ: وَقَدْ عَلِمْتَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَ ابْنُ الْكَمَالِ إلَخْ) وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ مَعْزُوًّا إلَى الْمِعْرَاجِ، وَنَقَلَ الِاتِّفَاقَ أَيْضًا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْإِيضَاحِ (قَوْلُهُ وَفِي الشِّرَاءِ يَتَوَقَّفُ إلَخْ) لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّوْكِيلِ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ زَيْلَعِيٌّ.
وَفِيهِ لَا يُقَالُ إنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ بَلْ يَنْفُذُ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا لَا يَتَوَقَّفُ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا عَلَى الْعَاقِدِ وَهَاهُنَا شِرَاءُ النِّصْفِ لَا يَنْفُذُ عَلَى الْوَكِيلِ لِعَدَمِ مُخَالَفَتِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلَا عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَافِقْ أَمْرَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَقُلْنَا بِالتَّوَقُّفِ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ اتِّفَاقًا) وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَنَّ فِي الشِّرَاءِ تَتَحَقَّقُ تُهْمَةُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ وَلِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْبَيْعِ يُصَادِفُ مِلْكَهُ فَيَصِحُّ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِطْلَاقُ وَالْأَمْرُ بِالشِّرَاءِ صَادَفَ مِلْكَ الْغَيْرِ فَلَمْ يَصِحَّ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّقْيِيدُ وَالْإِطْلَاقُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ رُدَّ مَبِيعٌ بِعَيْبٍ عَلَى وَكِيلِهِ) أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا قَبَضَ الثَّمَنَ أَوْ لَا وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْخُصُومَةَ مَعَ الْوَكِيلِ فَلَا دَعْوَى لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْمُوَكِّلِ، فَلَوْ أَقَرَّ الْمُوَكِّلُ بِعَيْبٍ فِيهِ وَأَنْكَرَهُ الْوَكِيلُ لَا يَلْزَمُهُمَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَجْنَبِيٌّ فِي الْحُقُوقِ، وَلَوْ بِالْعَكْسِ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ صَحِيحٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لَا الْمُوَكِّلِ بَزَّازِيَّةٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ.
وَحُكْمُهُ أَنَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ إنْ كَانَ نَقَدَهُ وَعَلَى الْمُوَكِّلِ إنْ كَانَ نَقَدَهُ كَمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَإِنْ نَقَدَهُ إلَى الْوَكِيلِ ثُمَّ هُوَ إلَى الْمُوَكِّلِ ثُمَّ وَجَدَ الشَّارِي عَيْبًا أَفْتَى الْقَاضِي أَنَّهُ يَرُدُّهُ عَلَى الْوَكِيلِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَقَيَّدَ بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْإِجَارَةِ إذَا آجَرَ وَسَلَّمَ ثُمَّ طَعَنَ الْمُسْتَأْجِرُ فِيهِ بِعَيْبٍ فَقَبِلَ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ وَلَمْ يُعْتَبَرْ إجَارَةً جَدِيدَةً، وَقُيِّدَ بِالْعَيْبِ إذْ لَوْ قَبِلَهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ شَرْطٍ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى الْآمِرِ، وَكَذَا لَوْ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِعَيْبٍ قَبْلَ الْقَبْضِ بَحْرٌ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ رَدَّهُ الْوَكِيلُ عَلَى الْآمِرِ) لَوْ قَالَ فَهُوَ رَدٌّ عَلَى الْآمِرِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَحْتَاجُ إلَى خُصُومَةٍ مَعَ الْمُوَكِّلِ إلَّا إذَا كَانَ عَيْبًا يَحْدُثُ مِثْلُهُ وَرُدَّ عَلَيْهِ بِإِقْرَارٍ بِقَضَاءٍ، وَإِنْ بِدُونِ قَضَاءٍ لَا تَصِحُّ خُصُومَتُهُ لِكَوْنِهِ مُشْتَرِيًا كَمَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ.
وَحَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْعَيْبَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ لَا يَحْدُثَ مِثْلُهُ كَالسِّنِّ أَوْ الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ أَوْ يَكُونَ حَادِثًا لَكِنْ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ قَبْلَ هَذِهِ الْمُدَّةِ أَوْ يَحْدُثُ فِي مِثْلِهَا، فَفِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي يَرُدُّهُ الْقَاضِي مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ نُكُولٍ لِعِلْمِهِ بِكَوْنِهِ عِنْدَ الْبَائِعِ، وَتَأْوِيلُ اشْتِرَاطِ الْحُجَّةِ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْحَالَ قَدْ يَشْتَبِهُ عَلَى الْقَاضِي بِأَنْ لَا يَعْرِفَ تَارِيخَ الْبَيْعِ فَيَحْتَاجَ إلَيْهَا لِيَظْهَرَ التَّارِيخُ أَوْ كَانَ عَيْبًا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْأَطِبَّاءُ أَوْ النِّسَاءُ، وَقَوْلُهُمْ حُجَّةٌ