وَلِهَذَا لَوْ (ادَّعَى أَعْيَانَا مُخْتَلِفَةَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالصِّفَةِ وَذَكَرَ قِيمَةَ الْكُلِّ جُمْلَةً كَفَى ذَلِكَ) الْإِجْمَالُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ أَوْ يَحْلِفُ عَلَى الْكُلِّ مَرَّةً (وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ قِيمَةَ كُلِّ عَيْنٍ عَلَى حِدَةٍ) لِأَنَّهُ لَمَّا صَحَّ دَعْوَى الْغَصْبِ بِلَا بَيَانٍ فَلَأَنْ يَصِحَّ إذَا بَيَّنَ قِيمَةَ الْكُلِّ جُمْلَةً بِالْأَوْلَى، وَقِيلَ فِي دَعْوَى السَّرِقَةِ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ لِيُعْلَمَ كَوْنُهَا نِصَابًا، فَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ عِمَادِيَّةٌ وَهَذَا كُلُّهُ فِي دَعْوَى الْعَيْنِ لَا الدَّيْنِ.
فَلَوْ (ادَّعَى قِيمَةَ شَيْءٍ مُسْتَهْلَكٍ اشْتَرَطَ بَيَانَ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ) فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ لِيَعْلَمَ الْقَاضِي بِمَاذَا يَقْضِي.
(وَاخْتُلِفَ فِي بَيَانِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ فِي الدَّابَّةِ) فَشَرَطَهُ أَبُو اللَّيْثِ أَيْضًا وَاخْتَارَهُ فِي الِاخْتِيَارِ، وَشَرَطَ الشَّهِيدُ بَيَانَ السِّنِّ أَيْضًا وَتَمَامُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ.
(وَفِي دَعْوَى الْإِيدَاعِ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ مَكَانَهُ) أَيْ مَكَانَ الْإِيدَاعِ (سَوَاءٌ كَانَ لَهُ حَمْلٌ أَوْ لَا.) .
(وَفِي الْغَصْبِ أَنَّ لَهُ حَمْلًا وَمُؤْنَةً فَلَا بُدَّ) لِصِحَّةِ الدَّعْوَى (مِنْ بَيَانِهِ وَإِلَّا) حَمْلٌ لَهُ (لَا) وَفِي غَصْبِ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ يُبَيِّنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصْبِهِ عَلَى الظَّاهِرِ عِمَادِيَّةٌ.
(وَيُشْتَرَطُ التَّحْدِيدُ فِي دَعْوَى الْعَقَارِ كَمَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ وَلَوْ) كَانَ الْعَقَارُ (مَشْهُورًا) خِلَافًا لَهُمَا (إلَّا إذَا عَرَفَ الشُّهُودُ الدَّارَ بِعَيْنِهَا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ حُدُودِهَا) كَمَا لَوْ ادَّعَى ثَمَنَ الْعَقَارِ لِأَنَّهُ دَعْوَى لِدَيْنٍ حَقِيقَةً بَحْرٌ (وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ بَلْدَةٍ بِهَا الدَّارُ ثُمَّ الْمَحَلَّةِ ثُمَّ السِّكَّةِ) فَيَبْدَأُ بِالْأَعَمِّ ثُمَّ الْأَخَصِّ فَالْأَخَصِّ
ــ
[رد المحتار]
وَالشَّهَادَةِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ فِي الْقِيمَةِ لِلْغَاصِبِ الْمُرْتَهِنِ اهـ.
قُلْت: وَزَادَ فِي الْمِعْرَاجِ دَعْوَى الْوَصِيَّةِ وَالْإِقْرَارِ، قَالَ فَإِنَّهُمَا يَصِحَّانِ فِي الْمَجْهُولِ، وَتَصِحُّ دَعْوَى الْإِبْرَاءِ الْمَجْهُولِ بِلَا خِلَافٍ اهـ فَهِيَ خَمْسَةٌ.
(قَوْلُهُ وَلِهَذَا) أَيْ لِسَمَاعِهَا فِي الْغَصْبِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْقِيمَةَ: قَالَ فِي الدُّرَرِ: وَلَوْ قَالَ غَصَبْت مِنِّي عَيْنَ كَذَا وَلَا أَدْرِي قِيمَتَهُ قَالُوا تُسْمَعُ. قَالَ فِي الْكَافِي: وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْقِيمَةَ وَقَالَ: غُصِبَتْ مِنِّي عَيْنُ كَذَا وَلَا أَدْرِي أَهُوَ هَالِكٌ أَوْ قَائِمٌ وَلَا أَدْرِي كَمْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ذُكِرَ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ أَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ رُبَّمَا لَا يَعْلَمُ قِيمَةَ مَالِهِ، فَلَوْ كُلِّفَ بَيَانَ الْقِيمَةِ لَتَضَرَّرَ بِهِ.
أَقُولُ: فَائِدَةُ صِحَّةِ الدَّعْوَى مَعَ هَذِهِ الْجَهَالَةِ الْفَاحِشَةِ تَوَجُّهُ الْيَمِينِ عَلَى الْخَصْمِ إذَا أَنْكَرَ وَالْجَبْرِ عَلَى الْبَيَانِ إذَا أَقَرَّ أَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَتَأَمَّلْ، فَإِنَّ كَلَامَ الْكَافِي لَا يَكُونُ كَافِيًا إلَّا بِهَذَا التَّحْقِيقِ ح.
(قَوْلُهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ) أَيْ عَلَى الْقِيمَةِ.
(قَوْلُهُ أَوْ يَحْلِفُ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) عِلَّةٌ لِلْعِلَّةِ.
(قَوْلُهُ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ) قَالَ الشَّيْخُ عُمَرُ مُؤَلِّفُ النَّهْرِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ حَاضِرَةً لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ قِيمَتِهَا إلَّا فِي دَعْوَى السَّرِقَةِ حَمَوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَهَذَا كُلُّهُ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ.
(قَوْلُهُ لَا الدَّيْنِ) سَتَأْتِي دَعْوَى الدَّيْنِ فِي الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ اشْتَرَطَ بَيَانَ جِنْسِهِ) أَقُولُ لِي شُبْهَةٌ فِي هَذَا الْمَحَلِّ، وَهِيَ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَعْيَانًا مُخْتَلِفَةً فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِذِكْرِ الْقِيمَةِ لِلْكُلِّ جُمْلَةً. وَذَكَرَ فِي الْفُصُولَيْنِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَنَّ الْأَعْيَانَ قَائِمَةٌ بِيَدِهِ يُؤْمَرُ بِإِحْضَارِهِ فَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ بِحَضْرَتِهَا، وَلَوْ قَالَ إنَّهَا هَالِكَةٌ وَبَيَّنَ قِيمَةَ الْكُلِّ جُمْلَةً تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، فَظَهَرَ أَنَّ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي دَعْوَى الْأَعْيَانِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَتْ هَالِكَةً وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِإِحْضَارِهَا، وَقَدَّمْنَا عَنْ ابْنِ الْكَمَالِ أَنَّ الْعَيْنَ إذَا تَعَذَّرَ إحْضَارُهَا بِهَلَاكٍ وَنَحْوِهِ فَذِكْرُ الْقِيمَةِ مُغْنٍ عَنْ التَّوْصِيفِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَعْيَانِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِذِكْرِ الْقِيمَةِ، فَقَوْلُهُ هُنَا اشْتَرَطَ بَيَانَ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ مُشْكِلٌ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ لَا بُدَّ مَعَ ذِكْرِ الْقِيمَةِ مِنْ بَيَانِ التَّوْصِيفِ لَمْ يَظْهَرْ فَرْقٌ بَيْنَ دَعْوَى الْقِيمَةِ وَدَعْوَى نَفْسِ الْعَيْنِ الْهَالِكَةِ. فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَبَعًا لِلْبَحْرِ؟ وَهَذَا كُلُّهُ فِي دَعْوَى الْعَيْنِ لَا الدَّيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ السِّرَاجِيَّةِ: ادَّعَى ثَمَنَ مَحْدُودٍ لَمْ يَشْتَرِطْ بَيَانَ حُدُودِهِ.
(قَوْلُهُ مِنْ بَيَانِهِ) أَيْ بَيَانِ مَوْضِعِ الْغَصْبِ.
(قَوْلُهُ عَلَى الظَّاهِرِ) قَالَ فِي نُورِ الْعَيْنِ: وَفِي غَصْبِ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ وَإِهْلَاكِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصْبِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَفِي رِوَايَةٍ يَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ أَوْ يَوْمَ هَلَاكِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ أَنَّهَا قِيمَةُ أَيِّ الْيَوْمَيْنِ، وَلَوْ ادَّعَى أَلْفَ دِينَارٍ بِسَبَبِ إهْلَاكِ الْأَعْيَانِ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُبَيِّنَ قِيمَتَهَا فِي مَوْضِعِ الْإِهْلَاكِ، وَكَذَا لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْأَعْيَانِ فَإِنَّ مِنْهَا مَا هُوَ قِيَمِيٌّ وَمِنْهَا مَا هُوَ مِثْلِيٌّ اهـ.
(قَوْلُهُ فِي دَعْوَى الْعَقَارِ) فِي الْمُغْرِبِ الْعَقَارُ الضَّيْعَةُ،