للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَفِيهِ خِلَافٌ، وَالْأَوْجَهُ أَنْ يَسْأَلَهُ الْقَاضِي هَلْ تَعْتَقِدُ وُجُوبَ شُفْعَةِ الْجِوَارِ أَوْ لَا، وَاعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ.

(وَكَذَا) أَيْ يَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ إجْمَاعًا (فِي سَبَبٍ لَا يَرْتَفِعُ) بِرَافِعٍ بَعْدَ ثُبُوتِهِ (كَعَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدَّعِي) عَلَى مَوْلَاهُ (عِتْقَهُ) لِعَدَمِ تَكَرُّرِ رِقِّهِ (وَ) أَمَّا (فِي الْأَمَةِ) وَلَوْ مُسْلِمَةً (وَالْعَبْدِ الْكَافِرِ) فَلِتَكَرُّرِ رَقِّهِمَا بِاللَّحَاقِ حَلَفَ مَوْلَاهُمَا (عَلَى الْحَاصِلِ) وَالْحَاصِلُ اعْتِبَارُ الْحَاصِلِ إلَّا لِضَرَرِ مُدَّعٍ وَسَبَبٍ غَيْرِ مُتَكَرِّرٍ.

(وَصَحَّ فِدَاءُ الْيَمِينِ وَالصُّلْحِ مِنْهُ) لِحَدِيثِ «ذُبُّوا عَنْ أَعْرَاضِكُمْ بِأَمْوَالِكُمْ» وَقَالَ الشَّهِيدُ: الِاحْتِرَازُ عَنْ الْيَمِينِ الصَّادِقَةِ وَاجِبٌ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: أَيْ ثَابِتٌ بِدَلِيلِ جَوَازِ الْحَلِفِ صَادِقًا.

(وَلَا يَحْلِفُ) الْمُنْكِرُ (بَعْدَهُ) أَبَدًا لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ (وَ) قَيَّدَ بِالْفِدَاءِ أَوْ الصُّلْحِ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ (لَوْ أَسْقَطَهُ) أَيْ الْيَمِينَ (قَصْدًا بِأَنْ قَالَ بَرِئْت مِنْ الْحَلِفِ أَوْ تَرَكْته عَلَيْهِ أَوْ وَهَبْته لَا يَصِحُّ وَلَهُ التَّحْلِيفُ) بِخِلَافِ الْبَرَاءَةِ عَنْ الْمَالِ لِأَنَّ التَّحْلِيفَ لِلْحَاكِمِ بَزَّازِيَّةٌ، وَكَذَا إذَا اشْتَرَى يَمِينَهُ لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ رُكْنِ الْبَيْعِ دُرَرٌ. .

[فَرْعٌ] اسْتَحْلَفَ خَصْمَهُ فَقَالَ حَلَّفْتنِي مَرَّةً، إنَّ عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ مُحَكَّمٍ وَبَرْهَنَ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَهُ تَحْلِيفُهُ دُرَرٌ. قُلْت: وَلَمْ أَرَ مَا لَوْ قَالَ: إنِّي قَدْ حَلَفْت بِالطَّلَاقِ إنِّي لَا أَحْلِفُ فَيُحَرَّرُ.

ــ

[رد المحتار]

يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى الْعَارِضِ اهـ (قَوْلُهُ فَفِيهِ خِلَافٌ) قِيلَ لَا اعْتِبَارَ بِهِ وَإِنَّمَا الِاعْتِبَارُ لِمَذْهَبِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ أَنْ يَسْأَلَهُ) أَيْ يَسْأَلَ الْمُدَّعِي.

(قَوْلُهُ وَاعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ تَبَعًا لِلْبَحْرِ، وَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي قُضَاةِ زَمَانِنَا الْمَأْمُورِينَ بِالْحُكْمِ بِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ.

(قَوْلُهُ وَالصُّلْحُ مِنْهُ) أَيْ عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الثَّانِيَ بِأَقَلَّ مِنْ الْمُدَّعَى، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَقَدْ يَكُونُ بِمِثْلِهِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ ح.

(قَوْلُهُ وَلَا يَحْلِفُ) ضَبَطَهَا الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِتَشْدِيدِ اللَّامِ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ) أَيْ حَقَّهُ فِي الْخُصُومَةِ، وَاَلَّذِي فِي الْبَحْرِ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ خُصُومَتَهُ بِأَخْذِ الْمَالِ مِنْهُ مَدَنِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَبَرْهَنَ قُبِلَ) فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ: وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حِينَ أَرَادَ الْقَاضِي تَحْلِيفَهُ إنَّهُ حَلَّفَنِي عَلَى هَذَا الْمَالِ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ أَوْ أَبْرَأَنِي عَنْهُ إنْ بَرْهَنَ قُبِلَ وَانْدَفَعَ عَنْهُ الدَّعْوَى وَإِلَّا قَالَ الْإِمَامُ الْبَزْدَوِيُّ: انْقَلَبَ الْمُدَّعِي مُدَّعًى عَلَيْهِ، فَإِنْ نَكَلَ انْدَفَعَ الدَّعْوَى وَإِنْ حَلَفَ لَزِمَ الْمَالُ لِأَنَّ دَعْوَى الْإِبْرَاءِ عَنْ الْمَالِ إقْرَارٌ بِوُجُوبِ الْمَالِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ دَعْوَى الْإِبْرَاءِ عَنْ دَعْوَى الْمَالِ اهـ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَإِلَّا فَلَهُ تَحْلِيفُهُ: أَيْ وَإِلَّا يُبَرْهِنُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ: أَيْ تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي الْأَوَّلِ تَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ الدُّرَرِ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَاسْتَحْلَفَهُ أَيْ أَرَادَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي جَازَ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَهُ تَحْلِيفُهُ) أَيْ تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي. قَالَ فِي نُورِ الْعَيْنِ: أَرَادَ تَحْلِيفَهُ فَبَرْهَنَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ حَلَّفَنِي عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَى عِنْدَ قَاضِي كَذَا يُقْبَلُ، وَلَوْلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ يَدَّعِي بَقَاءَ حَقِّهِ فِي الْيَمِينِ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَبْرَأَنِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُ إنْ لَمْ يُبَرْهِنْ إذْ الْمُدَّعِي بِدَعْوَاهُ اسْتَحَقَّ الْجَوَابَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَالْجَوَابُ إمَّا إقْرَارٌ أَوْ إنْكَارٌ، وَقَوْلُهُ أَبْرَأَنِي إلَخْ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَلَا إنْكَارٍ فَلَا يُسْمَعُ وَيُقَالُ لَهُ أَجِبْ خَصْمَك ثُمَّ ادَّعِ مَا شِئْت، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَبْرَأَنِي عَنْ هَذَا الْأَلْفِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ، إذْ دَعْوَى الْبَرَاءَةِ عَنْ الْمَالِ إقْرَارٌ بِوُجُوبِهِ وَالْإِقْرَارُ جَوَابٌ وَدَعْوَى الْإِبْرَاءِ مُسْقِطٌ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ الصَّوَابُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى دَعْوَى الْبَرَاءَةِ كَمَا يَحْلِفُ عَلَى دَعْوَى التَّحْلِيفِ وَإِلَيْهِ مَالَ مِنَحٌ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ قُضَاةِ زَمَانِنَا اهـ. وَعِبَارَةُ الدُّرَرِ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَاسْتَحْلَفَهُ: أَيْ أَرَادَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي جَازَ انْتَهَتْ، وَبِهِ عُلِمَ مَا فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ مِنْ الْإِيهَامِ فَتَنَبَّهْ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ أَرَ إلَخْ) وَجَدْت فِي هَامِشِ نُسْخَةِ شَيْخِنَا بِخَطِّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ مَا نَصُّهَا: قَدْ رَأَيْتهَا فِي أَوَاخِرِ الْقَضَاءِ قُبَيْلَ كِتَابِ الشَّهَادَةِ مِنْ فَتَاوَى الْكَرْنِيشِيِّ مَعْزِيًّا لِأَوَّلِ قَضَاءِ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَعِبَارَتُهُ: رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ دَعْوَى وَتَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَلَمَّا عَرَضَ الْقَاضِي الْيَمِينَ عَلَيْهِ قَالَ: إنِّي حَلَفْت بِالطَّلَاقِ أَنِّي لَا أَحْلِفُ أَبَدًا وَالْآنَ لَا أَحْلِفُ حَتَّى لَا يَقَعَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ الْيَمِينَ ثَلَاثًا ثُمَّ يَحْكُمُ بِالنُّكُولِ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْيَمِينُ بِهَذَا الْيَمِينِ اهـ.

(قَوْلُهُ فَيُحَرَّرُ) أَقُولُ سَبَقَ عَنْ الْعِنَايَةِ أَنَّ الْقَاضِي لَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ إلْحَاقِ الضَّرَرِ بِأَحَدِهِمَا فِي الِاسْتِحْلَافِ عَلَى الْحَاصِلِ أَوْ عَلَى السَّبَبِ، فَمُرَاعَاةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>